فيما يبرر المطبّعون بأنهم يسعون لتحقبق تعايش مزعوم بين “الديانات الإبراهيميّة” نستذكر المذبحة الجماعيّة المروعة، التي ارتكبها المستوطن غولدشتاين، عام 1994، داخل الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل الواقعة جنوبي الضفة الغربية، لنكشف زيف هذا الادعاء، وبأنه لا يمكن التعايش معه بأيّ شكل من الأشكال.
ففي فجر الجمعة الـ 25 من فبراير 1994 الموافق الـ 15 من شهر رمضان المبارك، وقف المستوطن باروخ غولدشتاين خلف أحد أعمدة المسجد منتظرًا المصلين ليسجدوا.
ثم فتح نيران سلاحه الرشاش عليهم فيما ساعده مستوطنون آخرون في تعبئة الذخيرة، وأسفرت المجزرة عن استشهاد 29 مصليًّا وإصابة 15 آخرين، قبل أن ينقض المصلون على غولدشتاين ويقتلوه.
وأثناء تشييع الشهداء، أطلق جنود الاحتلال الرصاص على المشيعين فارتفع عدد الضحايا إلى 50 شهيدًا و150 جريحًا.
يروى أحد الشهود على المجزرة أنّه، عندما وصل المصلون إلى آخر سورة الفاتحة، سمع من خلفه صوت مستوطنين يقولون بالعبرية بما معناه “هذه آخرتهم”.
شاهد آخر روى كيف منع الاحتلال سيارات الإسعاف من دخول الحرم لنحو ثلث ساعة.
وقد أغلق الاحتلال الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة ستة شهور كاملة بدعوى تحقيق لجنة عرفت باسم “شمغار” في حيثيات المجزرة، والتي خرجت بعدة توصيات، منها تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى كنيس ومسجد، بحيث “يفتح الحرم كاملًا عشرة أيام للمسلمين في السنة فقط ونفس المدة لليهود”.
ثم فرض الاحتلال الحراسات المشددة على الحرم، ووضعت على مداخله بوابات إلكترونية، وأعطيّ اليهود الحق في السيادة على حوالي 60% منهو بهدف تهويده. كما نصب الاحتلال كاميرات وبوابات إلكترونية على كافة المداخل.
وكانت المجزرة بداية مخطط الاحتلال لتنفيذ تطهير عرقي، ثم وظف الاحتلال “اتفاقية الخليل” المبرمة مع السلطة الفلسطينية عام 1997 لتعميق الاستيطان بالبلدة القديمة التي يسكنها نحو أربعين ألف فلسطيني.