بدأ طوفان الأقصى وقد أطلقت المقاومة في فلسطين صرخة العزة والكرامة، جاعلاً الأمة العربية تمرّ بمرحلة فارقة في تاريخها المعاصر، فاتضح به الصديق من العدو والقريب من البعيد، واتضحت معالم الطريق فإما أن تكون تحت لواء الشيطان الأكبر وابنه المدلل، أو تأخذ طريق الحق – وإن قلّ سالكوه – وتكون تحت لواء محور المقاومة مدافعاً عن قضية العرب والإسلام المركزية، وبذلك يكون هذا الطوفان قد كشف زيف الأقنعة عن الكثير من الأنظمة والدول المحسوبة على العروبة والإسلام.
ها هو زمن التطبيع والخذلان والخنوع العربي يتضح جليا بوقوف أغلب الأنظمة العربية في الجانب المقابل لقضية العرب المركزية – القضية الفلسطينية – ووقوف بعضهم على الحياد وكأن الأمر لا يعنيهم مرتهنين بذلك لأعداء الأمة، فلم يجرؤ أي من أصحاب الفخامة أن يقولوا للعدو الصهيوني: لا للعدوان على غزة، أو حتى إدانة جرائمه وانتهاكاته، حتى أعلن السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي موقفه المشرف والشجاع ليرفع بذلك ليس هامات ورؤوس اليمنيين فحسب، بل رفع هامات ورؤوس كل أشراف العرب والإسلام عاليا، في زمن تراخى فيه الجميع، فقد تصدرت المواقف الصادقة والنبيلة لبلد النصرة يمن العزة المشهد بدعمٍ غير مسبوق للشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني الأمريكي.
رغم كل ما تعرض له اليمن على مدى سنوات من حرب ودمار وعدوان وحصار، إلا أن ذلك لم يمنعه شعباً وقيادةً، ولا حتى بعد المسافة عن الأراضي المحتلة لم تمنعه مِن أن يتخذ موقفاً مشرفاً وأن يحمل لواء العروبة والإسلام والإنسانية، مُسجلّاً بذلك موقفاً تاريخياً بوقفته الصادقة إلى جانب الشعب الفلسطيني عامة وأهل غزة خاصة، وإلى جانب المقاومة الفلسطينية مندمجاً بين طيّات أحقيتها وكرامتها ليدخل معركة الدفاع عن مقدسات الأمتين الإسلامية والعربية وقضيتهم الأسمى والتي هي فلسطين.
لقد تبلور الموقف اليمني الشجاع والحر عندما أعلنت قيادته النضالية والمقاومة في صنعاء بكل وضوح وكل صراحة أنها تقف قلباً وقالباً إلى جانب الشعب الفلسطيني منذ لحظة انطلاق معركة الحق معركة طوفان الأقصى التي سجلت منعطفاً جديداً في التاريخ العربي والإسلامي، وكل ذلك بالتزامن مع خروج شعبي واسع لتعم المسيرات التضامنية كل محافظات اليمن مؤكدة تأييدها ومباركتها للعمل البطولي، مفوضة بذلك قائد ثورة اليمن بأن يمضي قدماً في نصرة فلسطين وأهلها، متحملين كل التبعات التي من الممكن أن يتعرضوا لها، ليدخل اليمن على خط المواجهة المباشرة مع كيان العدو الصهيوني مُعلناً وبشكل رسمي شنّ عدة عمليات عسكرية واستراتيجية ضمن مسار تصاعدي، على أهداف عسكرية صهيونية في “إيلات” أو أم الرشراش وصحراء النقب وغيرها من الأهداف الاستراتيجية التابعة لكيان العدو الصهيوني في الأراضي المحتلة، وقد قوبل هذا الدخول والوقوف المشرف الصادق والحر والنبيل ليمن العزة بمساندتها ومشاركتها للشعب الفلسطيني بكل الوسائل المتاحة في مقاومتهم البطولية وصمودهم الأسطوري بالإشادة من قيادة حركات المقاومة الإسلامية، والذي كان أبرزهم السيد حسن نصر الله الذي وجه التحية والإجلال والإكرام لتلك السواعد اليمنية التي كانت نبض قلب هذه المعركة العروبية بامتياز.
إنّ هذه المعركة أعادت للقضية الفلسطينية مركزيتها وأصدرتها إلى الواجهة من جديد مُفشلة بذلك كل المحاولات التي سعت إلى تغييبها ووضعها في طيات النسيان وذلك بإشغال الدول العربية بربيع عربيّ مزيف تلاه ذلك التطبيع الذي تمّ بين الكيان الصهيوني وبعض دول المنطقة مقابل التنازل عن القضية الفلسطينية وعن حق الشعب الفلسطيني في إعادة دولته حرة مستقلة وعاصمتها القدس. وبناء على ما تقدم نستطيع القول جازمين باستعداد الشعب اليمني للمشاركة في معركة الدفاع عن غزة وتحرير الأقصى، وأن صواريخ اليمن والمسيرات التضامنية لن تتوقف حتى يتوقف العدو الصهيوني عن جرائمه، ولو وقف باقي العرب كذلك لكانت حُلّت القضية منذ زمن طويل، ولكن لقد أسمعت لو ناديت حيّاً ولكن لا حياة لمن تنادي.