يوم القدس العالمي يوم يتجدد عاماً بعد عام في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، ويهدف إلى التأكيد على قضية القدس وأهميتها الدينية والسياسية والثقافية، ويعتبر هذا اليوم فرصة للتعبير عن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني ودعم حقوقهم وخاصة حقهم في إقامة دولة مستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، وفيه يهبُّ الملايين من أنصار القضية الفلسطينية في مُختلف العواصم والبُلدان، لإحياء يوم أطلقه مفجّر الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيِّد روح الله الخميني (قُدِّس سرِّه) من إيران عام 1979، موصلًا نداء القدس إلى العالم أجمع، فتحرير القدس قطب رحى قضايا الإسلام المعاصرة.
تحمل قضية القدس أهمية كبيرة على الصعيد الديني لدى المسلمين، حيث تُعتبر القدس ثالث أقدس المساجد بالنسبة لهم، وتضم الحرم القدسي الشريف المسجد الأقصى والمسجد الأقباطي وكنيسة القيامة، وهو المكان الذي أسري فيه النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في رحلة الإسراء والمعراج. ومن الناحية السياسية، تُعتبر القدس عاصمة المستقبل الفلسطينية المستقلة، وهذا الأمر يشكل نقطة خلاف رئيسية في عملية السلام في الشرق الأوسط.
يوم القدس العالمي أو اليوم الدولي لمدينة القدس الشريف هو حدث سنوي يعارض ويندد باحتلال الكيان الصهيوني للقدس ويتم فيه الحشد الغفير وإقامة المظاهرات المناهضة للحتلال الصهيوني، فمنذ احتلال فلسطين عام 1948 م أصبح اهتمام المسلمين عامّة متوجهاً نحو إيجاد حل لهذه القضية والوقوف مع الشعب الفلسطيني ، بما يملكون من امكانيات رغم خذلان غالبية الحكام العرب وذهابهم للتطبيع بدلاً من نصرة قضية الشعب الفلسطيني.
ولا بد من الإشارة أن المجتمعات الإسلامية والعربية تحتفل في مختلف أنحاء العالم، خصوصا في الجمهورية الإسلامية في إيران فهي أول من اقترح المناسبة، إلا أن يوم القُدس ليس شيئاً يَختَصُّ بإيران، حيث إنَّه يوم العالم الإسلامي، لذلك سَجَّل المسلمون في كلِّ أنحاء العالم الإسلامي تواجدهم لِلدِّفاع عن إخوتهم الفلسطينيِّين ، وأَبْدى المسلمون في هذا اليوم إرادتهم العامَّة لِمُواجهة حِيَل أميركا و«إسرائيل» في فلسطين المظلومة المغتصبة.
تتزايد أهمية اليوم القدس العالمي في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للحقوق الفلسطينية وتصعيد الصراع في المنطقة، مما يزيد من ضرورة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني وحقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة.
إن يوم القدس ليس يوم عطلة إسلامية دينية ولكنه حدث سياسي مفتوح أمام كل المسلمين وغير المسلمين على حد سواء ، وبالتالي الاحتفال ليس واجبا في الإسلام ولكنه دعوة للوقوف ضد الاحتلال والظلم تجاه الشعوب المظلومة، وعادة ما يُحيي الناس يوم القدس العالمي من خلال مظاهرات ومسيرات سلمية تعبر عن دعمهم للقضية الفلسطينية واستنكارهم للاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته المستمرة للحقوق الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما يتم في هذا اليوم عقد مؤتمرات وندوات وفعاليات ثقافية لتسليط الضوء على قضية القدس وتعزيز الوعي العام بها.
ولقد كان للقدس هذا العام في قلوب اليمنيين مكانة رفيعة، لا يحول بينها وبينهم بعد المسافات ولا كلّ العوائق والحدود، والتي لطالما حلموا وتمنوا لو يحدهم كيان الاحتلال، والذين لو تحقق حلمهم، لاستفقنا على سيناريوهات وأوضاع مغايرة تمامًا للوضع القائم، ولكانت فلسطين محررة منذ زمن، ولربما لم يكن هناك كيان في الأصل، فمواقف أشراف العروبة في اليمن السعيد حفظت للقدس أمانتها ولفلسطين كرامتها من غدر من طبّع وخذل، وصدت عنها كل خيانة من عرب أو غير عرب.
وفي الختام، لا بد لنا من القول أنّ يوم القدس العالمي يعتبر فرصة لتجديد الالتزام العالمي بدعم الشعب الفلسطيني في نضالهم من أجل الحرية والعدالة وتحقيق حل دائم وشامل للنزاع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني المحتل، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بأسرها.