في خطوة مثيرة للجدل، أعلن وزير دفاع الكيان الإسرائيلي يوآف غالانت عن استعداد الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عمليات عسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وهي مدينة تشهد نزوحاً هائلاً للسكان نتيجة الحرب الدائرة في القطاع، ولقد جاء هذا الإعلان بعد أن سحب الكيان الصهيوني قواته البرية من مدينة خان يونس القريبة، ولكن عندما يُشير زعيم (دولةٍ) إلى تنفيذ عملياتٍ عسكرية في منطقةٍ متضررة بالفعل من الصراعات، فإن ذلك يثير أمواجاً من الجدل والتساؤلات حول مصير السكان المحليين ومستقبل الإعمار.
وقد أكد غالانت أن القوات المنسحبة من خان يونس تستعد للمهام المقبلة في منطقة رفح، مشيراً إلى أن هناك أمثلة سابقة على هذه المهام في عمليات عسكرية سابقة، مثل عملية مستشفى الشفاء، وفيما يبدو أن جيش الكيان الإسرائيلي يستعد لمرحلة جديدة من العمليات العسكرية، وهذا ما أدى إلى تصاعد التوترات وتزايد المخاوف بين السكان المحليين.
ولا يمكن إنكار أن العمليات العسكرية في قطاع غزة ترافقت بمعاناة هائلة للسكان المدنيين، ويبدو أن رفح لن تكون استثناءً من هذه القاعدة، وخاصةً مع تكدس السكان النازحين فيها، فالتحركات العسكرية لا بد من أنها ستزيد من الضغط الإنساني وتفاقم المعاناة، وتتسبب في دمار أكبر للبنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة.
ومع تقدم جيش الكيان الإسرائيلي في منطقة رفح، تزداد المخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية وتفاقم الدمار الذي يعاني منه السكان، ولا سيما وقد رفض الكثيرون من النازحين العودة إلى منازلهم المدمرة في خان يونس، مفضلين العيش فوق أنقاضها بدلاً من العودة لمشاهد الموت والدمار في المدينة، فمعاناة الشعب في قطاع غزة ليس مجرد كلمات، بل هو واقع مؤلم يعيشه ملايين الأشخاص يومياً، منذ سنوات، حيث يتعرض السكان في غزة لأوضاعٍ قاسية وصعبة نتيجة للحصار الإسرائيلي المفروض عليهم، والصراعات المستمرة والهجمات العسكرية المتكررة.
لكن القلق لا يقتصر على الآثار الإنسانية المباشرة فحسب، بل يتجاوز ذلك ليشمل تداعيات أوسع على عمليات الإعمار والتنمية في المنطقة، فالدمار الناتج عن الحروب والعمليات العسكرية يضع عبئاً هائلًا على جهود الإعمار، ويتطلب تدخلًا دوليًا جادًا وشاملاً للمساعدة في إعادة بناء البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للسكان المتضررين.
ومن المهم أيضاً أن نذكر أن قيمة الأضرار في غزة بلغت ما يقرب من 18.5 مليار دولار، وهو مبلغ هائل يتطلب جهوداً دولية كبيرة للإعمار وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة.
وإلى جانب ذلك، يجب أن نتذكر أن الصراعات المستمرة في المنطقة لن تجلب السلام والاستقرار المنشودين، ولن تؤدي إلا إلى تفاقم المعاناة الإنسانية وتعقيد الوضع السياسي والاقتصادي، لذا، يجب على الأطراف المعنية العمل على إيجاد حلولٍ سلمية ودبلوماسية للصراعات، والتركيز على بناء الثقة وتعزيز التعاون من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.
وإن هذه الأحداث تجسد المأساة الإنسانية الكبيرة التي يعيشها السكان في قطاع غزة، وتبرز التحديات الهائلة التي تواجه عمليات الإعمار والتنمية في المنطقة، ولا بد من اتخاذ خطوات فورية وجادة للتخفيف من معاناة السكان والعمل على إحلال السلام الدائم في المنطقة، حيث لا يمكن للحروب والعمليات العسكرية أن تكون حلاً دائماً للصراعات الدائرة في هذه الأرض المنكوبة.
في الختام، يجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته والتحرك بسرعة للتخفيف من معاناة السكان في قطاع غزة، ودعم جهود الإعمار والتنمية في المنطقة، حيث إن ذلك من أهم الواجبات الإنسانية والأخلاقية، ولا بد من أن نضع الإنسان ورفاهيته في مقدمة أولوياتنا، بعيدًا عن الصراعات السياسية والمصالح الضيقة.