في إعلان لافت للنظر، كانت قد أكدت الأمم المتحدة أن عملية إعادة إعمار غزة بعد الحرب ستتطلب جهودًا واسعة النطاق وتكاليف ضخمة تتراوح بين 30 إلى 40 مليار دولار، وهذا الإعلان يعكس في حقيقة الأمر حجم الدمار الذي لحق بالمنطقة بعد سبعة أشهر من الصراع وحرب الإبادة الجماعية والتدمير الذي قام به الكيان الصهيوني المحتل، وهذا إن لم يكن اعترافا رسمياً ومباشراً بجرائم الاحتلال الإسرائيلي إلا أنه يدل دلالة واضحة على ذلك، وهذا من شأنه أن يضع التحديات والآفاق أمام المجتمع الدولي.
تقديرات التكلفة: تحدٍ جديد للمجتمع الدولي
فعلى الرغم من التجارب السابقة في إعادة إعمار مناطق متضررة في العالم، إلا أن حجم الإعمار في غزة يعتبر استثنائيًا، وبتكلفة تتراوح ما بين 30 إلى 40 مليار دولار، حيث إن إعادة بناء المنازل والبنى التحتية ستمثل تحدٍ جديد للمجتمع الدولي، وسيستدعي التعامل مع استراتيجيات جديدة وكذلك تعاونًا فعّالًا بين الجهات المعنية، وهذا ما صرح به الأمين المساعد للأمم المتحدة عبدالله الدردري في مؤتمر صحفي مشترك في عمان مع مدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حيث قال:
“تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأولية لإعادة بناء كل ما دمّر في قطاع غزة تتجاوز الـ30 مليار دولار، وتصل حتى الى 40 مليار دولار”.
كما أضاف:
“إنها مهمة لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية”.
المدة المستدامة: تحدي الزمن والتكاليف
فبالنظر إلى حجم الدمار، فإن إعادة الإعمار في قطاع غزة لن تكتمل في وقت قريب، حيث توقعت الأمم المتحدة أن يستغرق إعادة بناء المنازل المدمرة فقط حتى عام 2040، وبالتالي فمن شأن هذا أن يستلزم التخطيط لمدة طويلة الأمد وتخصيص موارد كبيرة لتحقيق هذا الهدف، وهذا في حال توقف الحرب فوراً إذ أن كل يوم إضافي تستمر فيه هذه الحرب ستفرض تكاليف باهظة ومضاعفة، وهذا ما أوضحه مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتانير.
التحديات البيئية والصحية: الأسبستوس والذخائر الغير منفجرة
حيث تعد عملية إزالة الأنقاض في غزة تحديًا في حد ذاتها، خاصة مع وجود كميات كبيرة من الأسبستوس والذخائر الغير منفجرة، إذ تتطلب عمليات الإزالة احتياطات خاصة وتكاليف إضافية، مما يزيد من تعقيد المهمة ويجعلها أكثر تحديًا، وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن كمية الأنقاض والركام التي تتوجب إزالتها في قطاع غزة، والبالغة 37 مليون طن أو 300 كيلوغرام لكل متر مربع، أكبر من نظيرتها التي خلفتها الحرب حتى الآن في أوكرانيا.
تقديرات الوضع البيئي: تحديات مستقبلية لا مثيل لها
وبالإضافة إلى كل هذه التحديات الحالية، يواجه المجتمع الدولي تحديات مستقبلية لا مثيل لها، مثل التلوث البيئي الناتج عن الحرب والذي من المتوقع أن يؤثر على الصحة العامة والبيئة لسنوات قادمة، حيث أوضح المسؤول عن دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام في غزة مونغو بيرتش خلال مؤتمر صحفي في جنيف أن: “المعلومات التي تصلنا تقول إن التلوث شديد بشكل غير مسبوق في شمال غزة”، مضيفا: “نعتقد أن ذلك سيمثل مشكلة كبيرة في المستقبل”.
ختامًا
لابد لنا من الإشارة والاعتراف بأن إعادة الإعمار في قطاع غزة ليست مجرد مهمة عادية، بل هي تحديات عالمية ستتطلب استجابة فعّالة وتضامنًا دوليًا، فمن خلال التعاون والتكاتف، يمكن للمجتمع الدولي إذا أراد تخطي هذه التحديات وتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة، ولكن كل هذا لا يكون بداية إلا بتوقف حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الصهيوني المحتل.