بينما تتوجه أنظار الجميع لوقف إطلاق النار على جبهة غزة منتظرين ما تسفر عنه الجهود الحثيثة لإيجاد حل على تلك الجبهة، فإن حزب الله يعلن التعبئة ويستخدم أسلحته المتطورة تحسبا لما بعد رفح.
لذلك فالقوى السياسية اللبنانية بمختلف انتماءاتها تراقب ردود الفعل العربية والدولية على اجتياح الكيان الصهيوني معبر رفح، وما لهذا الاجتياح من تداعيات على الصعيد المحلي والواقع الراهن في الحرب على غزة…
فهل هو مجرد ورقة ضغط يستخدمها الكيان الصهيوني للضغط على حركة حماس لدفعها لتنفيذ شروطه مقابل وقف إطلاق النار في غزة، أم أنها فعلاً تخطط للسيطرة على مدينة رفح، أم أن هناك مخططاً في الظل يفتح الباب لتوسعة رقعة الحرب لتشعل جنوب لبنان الذي يشهد تصاعداً كبيراً في المواجهة العسكرية بين حزب الله من جهة والعدو الصهيوني من جهة أخرى.
كما أن حزب الله بدأ باستخدام أسلحة متطورة غير تقليدية تطول العمق الاسرائيلي في رده على الكيان المحتل الذي خرق قواعد الاشتباك باتباع سياسة الأرض المحروقة في منطقة جنوب الليطاني الذي يطالب بانسحاب قوة الرضوان منها.
وفي هذا السياق أعلن حزب الله التعبئة العامة ليكون مستعداً وجاهزاً للرد على أي خطوة من الممكن أن يقدم عليها الكيان الصهيوني المحتل بعد اجتياحه معبر رفح في حال كان بنيته توسيع دائرة الحرب لتشمل جنوب لبنان، وذلك حسب زعمه لمنع حزب الله من تكرار سيناريو حركة حماس باجتياح المستوطنات الصهيونية في غزة.
ومن المعلوم أن حزب الله بدأ يستخدم أسلحة متطورة في تصديه لخروج الكيان الصهيوني عن قواعد الاشتباك تمكن من خلالها فرض معادلة جديدة في وقوفه إلى جانب حماس في حربها ضد الكيان الاسرائيلي في غزة، دفعت اسرائيل إلى مراجعة حساباتها في نيتها توسيع رقعة الحرب، فاستطاع حزب الله بذلك أن يحقق معادلة الردع المتبادل، وأثبت أن لديه وسائل قتالية حديثة ومعقدة.
وكانت الأيام الماضية في الجنوب اللبناني دامية نتيجة استهداف مسيرات العدو الصهيوني مقاتلي حزب الله سعيا لإيقاع أكبر عدد من الضحايا بينهم… هذا التصعيد الذي قام بعده حزب الله بردود عنيفة ومركزة مستهدفاً مستوطنات جديدة لم يكن قصفها سابقاً، وكذلك توجيه رشقات صاروخية كثيفة نحو مناطق مختلفة من الجليل.
كما استهدف حزب الله ثكنة براينت الاسرائيلية بصواريخ بركان ثقيلة ما أدى إلى احتراقها، وتدمير جزء كبير منها، ومن الملاحظ أن حزب الله لا يميل إلى توسيع دائرة عملياته لتصل إلى العمق الاسرائيلي وخاصة القطاع الغربي قبل حيفا وتل أبيب لكي لا يكون هو من قام بتوسيع الحرب، الأمر الذي يريده الكيان الصهيوني ، لذلك فمن الواضح أن الحزب لا يريد فتح حرب واسعة فهو منذ بداية الحرب في غزة في تشرين الأول الماضي يتعامل مع الكيان الصهيوني وفق ميزان دقيق علماً أنه من المعلوم لدى الكيان الصهيوني أن حزب الله يمتلك من القدرات التكتيكية واللوجستية ما يمكنه من استطلاع أجواء المستوطنات القريبة من الحدود اللبنانية وضربها في أي وقت.
فعندما يريد حزب الله استهداف عمق المستوطنات يستخدم المسيرات لتعطيل القبة الحديدية لتأتي من بعدها مسيراته الانتحارية لتصيب أهدافها، ومع ذلك فإن التصعيد سيبقى مرهوناً بسقف الحرب الشاملة إلا إذا ذهب الكيان الصهيوني إليها مع حزب الله.
ومن الواضح أن الوضع الأمني في الجنوب اللبناني سيبقى طالما حرب الإبادة مستمرة في قطاع غزة، وهذا ما يؤكده حزب الله دائما في أنه سيستمر في القتال ما لم يوقف الكيان المحتل حملته على غزة… هذه الحرب التي لم تحقق أي هدف من أهدافها باعتراف قادته، كما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير في 24 أيار وتوعد الكيان الصهيوني بمفاجآت كبيرة من رجاله.