قبيل وقف اطلاق النار، تكثّفت المفاوضات السياسية مع الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتين في بيروت قبل أن ينتقل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الساعات الـ36 المقبلة. «الحل أصبح قريباً» قال هوكشتين بعد ساعتين من المحادثات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأضاف هوكشتين أنّ «الاجتماع كان بنّاءً للغاية ونحن أمام فرصة حقيقية للوصول إلى نهاية للنزاع الآن».
بدوره علق بري: «الوضع جيد مبدئياً» موضحاً أن ممثّلاً عنه وآخر عن الأميركيين سيلتقيان لمناقشة بعض التفاصيل التقنية والبتّ فيها، قبل مغادرة هوكشتين مشيراً إلى أن «الضمانات في ما يخص الموقف الإسرائيلي هي على عاتق الأميركيين». هوكشتين التقى أيضًا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي أكّد أن الأولوية هي «وقف العدوان على لبنان وحفظ السيادة اللبنانية على الأراضي اللبنانية كافة».
بالتوزازي، لا مواقف صدرت عن حزب الله إذ أجّل الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم خطابه المقرر إلى وقت لاحق. في مقابلة مع قناة الجزيرة، لفت نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي إن المقاومة لا تهتم بغير أمور الميدان محذرًا من التفاؤل المفرط بسبب تجارب الفلسطينيين في المفاوضات مع العدو الذي قد ينسف أي اتفاق في اللحظة الأخيرة.
بدوره قال رئيس الاستخبارات العسكرية السابق اللواء عاموس يدلين، الذي التقى هوكشتين في واشنطن: «الاتفاق مع لبنان يتقدم بشكل كبير، وليس مستبعداً أن يُعلن إنجازه نهاية هذا الأسبوع». يدلين أضاف: «إذا تم اتفاق في بيروت، فسيتم توقيعه والانطلاق إلى التنفيذ». لكن نتانياهو قال، خلال اجتماع الكابينت السياسي – الأمني وأمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست إنه «ليس مهماً ماذا سيُكتب في الاتفاق، فالورقة هي مجرد ورقة وحسب». في السياق نفسه، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن «الاتفاق مع لبنان لا يساوي الورق الذي يُطبع عليه».
من جهتها، شككت القناة الـ12 شككت بمفرزات المفاوضات معلقةً «حزب الله يناور ولن يقبل بالشروط الإسرائيلية»، وأضافت أن «البند الذي لا يزال يشكل عائقاً أمام التوصل إلى اتفاق هو المطلب الإسرائيلي بحرية العمل في جنوب لبنان». القناة الـ12 كشفت أن كيان العدو «طالب بوجود جنرال أميركي في لبنان ليراقب انتهاكات التسوية لذا فإنه يقدر أن تستغرق المفاوضات وقتاً»، ونقلت عن الوزير الصهيوني أفي ديخهر أن «التفاؤل المفرط في ما يتعلق في لبنان خاطئ ويجب أن نواصل ضرب حزب الله».
وقد نقلت «يسرائيل هيوم» عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن «التوصل إلى اتفاق لن يكون في الأيام القريبة على ما يبدو» مضيفةً «أن الجيش الإسرائيلي قد صادق على خطط أخرى لمهاجمة الضاحية الجنوبية لبيروت، وتنفيذ اغتيالات أينما يتاح في لبنان».
من جهتها نقلت قناة «كان» عن مسؤولين صهاينة أن «نقطة الخلاف الرئيسية حول التقدم في الاتفاق مع لبنان تتعلق بحرية عمل إسرائيل في لبنان في حال انتهاك الاتفاق». وأشارت إلى أن المؤسسة الأمنية تُقيّم بأن «حزب الله يعتزم تكثيف إطلاق الصواريخ، خاصة على وسط [الأراضي الفلسطينية المحتلة] في الأيام القليلة المقبلة، كوسيلة للضغط للتوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن».
هوكشتين كان قد التقى أيضًا العماد جوزف عون وناقشا معه دور الجيش اللبناني المستقبلي للانتشار في المناطق اللبنانية الواقعة جنوب الليطاني وما يحتاجه من دعم تسليحي ولوجستي ومالي للقيام بدوره. تزامن زيارة هوكشتين مع تكثّف جيش العدو هجماته على مدينة الخيام لتطويقها تمهيداً لدخولها كمكسب مفصلي ستكون له انعكاس على التسوية السياسية. وقد تمحور النقاش حول خشية لبنان من اصرار كيان الإحتلال على تثبيت الوضع القائم حالياً واعتبار الخط الأزرق حدوداً دائمة، كذلك آلية عمل لجنة المراقبة.
حزب الله الحق خسائر هائلة بـ اقتصاد الشمال الفلسطيني المحتل
ببطء شديد وسط فشل واضح في احكام السيطرة، يواصل جيش العدو الإسرائيلي
سلطة الضرائب الإسرائيلية قدرت حجم الأضرار المباشرة وغير المباشرة في المناطق الفلسطينية المحتلة على الحدود اللبنانية بأكثر من 5 مليارات شيكل (1,35 مليار دولار). وأشارت أنه في حال عدم التوصل إلى “تسوية” مع لبنان، هذه القيمة ستتضاعف.
صحيفة «يديعوت أحرونوت» كشفت أن الأضرار لحقت بمنازل وشقق ومصانع ومركبات وأراض زراعية وبنية تحتية للبيوت ومبان عامة وبشبكتي الكهرباء والماء وغيرهما. ونقلت الصحيفة عن مدير صندوق التعويضات في سلطة الضرائب، أمير دهان، قوله إنه تمّ دفع ملياري شيكل تعويضات في المنطقة الشمالية.
وفق الصحيفة، في هضبة الجولان المحتل، بلغت كلفة الأضرار -المباشرة وغير المباشرة- ربع مليار شيكل، دُفعت للمتضررين من إطلاق صواريخ ومُسيّرات من لبنان وسوريا والعراق.
أما في جنوب الكيان المحتل، خصوصاً في منطقة «غلاف غزة»، تم دفع 1.25 مليار شيكل تعويضات لمتضررين فيما لحقت أضرار كبيرة بممتلكات في وسط الأراضي الفلسطينية المحتلة حيث أن صاروخاً واحداً سقط في مدينة هود هشارون قد ألحق أضرارا بحوالي 2000 شقة فيما تسبب صاروخ آخر سقط في شمال تل أبيب (يافا الفلسطينية المحتلة) أضراراً بكلفة 50 مليون شيكل.
وفق خبراء صهاينة، إن 50% من موظفين وعمال قطاعي الزراعة والسياحة في مناطق الشمال الفلسطيني المحتل، متوقفون حالياً عن العمل. وزارة الصناعة الإسرائيلية دفعت ٢ فقط من أصل 5 مليارات شيكل تعويضات البطالة حيث تسبّبت الحرب في إقفال مصانع عدة قريبة من الحدود. فضلًا عن احجام شركات شحن عالمية عن الشحن عبر المطار وتوقف العمل في مرفأ إيلات والضغط على مرفأ حيفا، وصول الكثير من المواد الأولية، ما أثّر على عملية الإنتاج.
يضيف الخبراء أن نسبة العمال الذين يحضرون إلى العمل لا تتجاوز 50% بسبب صفارات الإنذار وسقوط القذائف والصواريخ والمُسيّرات فضلًا عن توقف العمل بشكل تام في أكثر من 27 مستوطنة بعدما أمر حزب الله باخلائها قبل أسابيع.
بحسب الخبراء الصهاينة، تسبب قصف حزب الله المؤسسات الأمنية والعسكرية مثل «البت» و«رافاييل« و«عداسا» إلى إقفال العديد منها ودفع الجيش إلى إخلاء ثكنات وقواعد ونقل أعمالها إلى مراكز جديدة سرية في وسط الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد تسريح نحو 200 من أصل 650 عاملاً وموظفاً.
وسجّل سوق العقارات تراجعاً كبيراً خلال الشهر الأخير، وباتت هناك منازل كثيرة معروضة للإيجار بأسعار زهيدة، في غياب أي طلب على شراء العقارات في كل مناطق الشمال، علماً أن المطوّرين يراهنون على انتعاش بعد توقف إطلاق النار، إذ تواجه نحو 12 ألف عائلة مشكلة السكن بعد تهدّم منازلها أو تعرضها لأضرار كبيرة بسبب صواريخ حزب الله. وقد تطول فترة انتظار هؤلاء حتى إعادة الإعمار أكثر من سنة ونصف سنة، ما يجعل هؤلاء بحاجة إلى منازل بديلة عن الفنادق التي يقيمون فيها في مناطق بعيدة عن الشمال.
يشار إلى أنه خلال المقابلات مع أصحاب الأعمال الإسرائيليين الذين تضرروا في مناطق الشمال، تحدّثوا عن «الحاجة إلى تعاون مشترك مع العرب» في تلك المناطق. والجدير ذكره أن مناطق الشمال تضم كتلة سكانية تبلغ أكثر من مليوني شخص، بينهم نحو 850 ألف عربي يشكلون قوة كبيرة من قطاع الأعمال والإنتاج، وكتلة كبيرة من المستهلكين.