في انتهاك جديد لسيادة لبنان، أظهرت صور متداولة ليمينيين صهاينة ينتمون إلى جمعية “عوري هتسفون”، رافعين لافتة مكتوب عليها “لبنان لنا”. وقد نصبوا خيمتين داخل الأراضي اللبنانية منتهكين السيادة اللبنانية والقرار الأممي 1701. ووفقًا لمخيلة هؤلاء اليمينيين، فإنّ جنوب لبنان جزء من “الأرض الموعودة”.
هذا وقد أكدت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن هؤلاء مستوطنين تسللوا قبل أسبوع إلى داخل الأراضي اللبنانية. وأضافت أنهم: “تجاوزوا بالفعل عدة أمتار عبر الخط الأزرق في منطقة مارون الراس، قبل أن تخرجهم قوات الجيش من المكان”. ونقلت عن الجيش قوله: “أي محاولة للاقتراب أو عبور الحدود إلى لبنان دون تنسيق تشكل خطرا على الحياة، وتضر بقدرة الجيش على العمل في المنطقة”.
الإذاعة العبرية لم تحدد اليوم الذي تسلل فيها هؤلاء اليمينيون إلى لبنان، لكن حركة “عوري هتسفون”، أعلنت في 8 ديسمبر الجاري، إقامة نقطة استيطانية قرب بلدة مارون الراس الحدودية اللبنانية.
خلال مع العدوان الإسرائيلي لبنان، تعالت الأصوات الداعية إلى “الاستيطان” في جنوب لبنان تحت ذريعة صمان الأمن للإسرائيليين في الجليل الفلسطيني المحتل. فقد دعت حركة “عوري هتسفون” إلى استغلال الحرب على حزب الله و”احتلال لبنان على اعتبار أنه جزء من أرض إسرائيل الكبرى”.
بالتوازي، وظّفت قيادات سياسية وعسكرية إسرائيلية أيضًا الخطاب التوراتي كما فعل نتنياهو خلال خطابه في الأمم المتحدة.
بحسب إلياهو بن أشير أحد مؤسسي “عوري هتسفون”، انطلقت الحركة في 12 أبريل 2024 بهدف إقناع الوعي الجمعي الإسرائيلي أن “لبنان وطن يهودي كخطوة أولى حتى حدود تركيا في الشمال، والفرات بالعراق شرقًا”.
وقد اتخذت راية خاصة بها؛ تتوسط الراية شجرة أرز مزروعة تؤطرها نجمة داود.
ترتبط أهداف “عوري هتسفون” بتيار الصهيونية اليمينية الذي يقوده الوزير بتسلئيل سموتريتش، والتي نشطت بعد مقتل الجندي يسرائيل سوكول في غزة، في 22 يناير 2024، حيث روّج بقوّة أن لبنان “جزء من الأرض الموعودة، إسرائيل الكبرى”.
الجندي الإسرائيلي قُتِلَ مع 23 جنديًّا آخرين عندما فجّر مقاومون مبنيَين مفخّخين. وكان حلمه إقامة مستوطنة إسرائيلية في جبال لبنان وفقًا لصديقه إلياهو بن آشر. وقد ذيّلت عائلته شاهد قبره بعبارة “رأتك غزة من ظلال أرز لبنان”.
وتابع إلياهو بن آشر: “الحرب بالنسبة إلى سوكول لم تكن ضد الإرهاب، أو من أجل البيت، بل حربًا لإعادة أراضي إسرائيل إلى أبنائها الحقيقيين. وهو آمن دائمًا أن النصر يعني سلب الأرض من العدوّ في غزة وفي لبنان وفي جبل الهيكل”.
“عوري هتسفون” وسعت نشاطها عبر حملات دعائيّة خاصةً في أوساط مستوطني الجليل الأعلى والمناطق الحدودية مع لبنان حيث نظّمت مؤتمرها الإفتراضي الأول، في 17 يونيو 2024، لضمان مشاركة يهود من جميع أنحاء العالم.
شارك في المؤتمر: حجاي بن أرتسي شقيق سارة نتنياهو؛ عمياد كوهين، ضابط الاحتياط بالجيش الإسرائيلي والمدير التنفيذي لمؤسسة (تيكفا) التي تدير مشاريع تعليمية توراتية؛ جوديث كاتسوبر الذي يدعو للاحتلال الضفة الغربية؛ ودانييلا فايس رئيسة حركة (نحالا) الاستيطانية وزعيمة حركة الاستيطان في قطاع غزة.
كما انضم إلى فعاليات الحركة العديد من حاخامات الصهيونية الدينية وأبرزهم الحاخام إسحاق غينزبورغ الذي يروج للأفكار التلمودية التي باتت جزءً من مخططات نتنياهو السياسية، والتي تتناغم مع تصريحات دونالد ترامب، الذي قال مسبقًا إن “إسرائيل صغيرة ويجب توسيع حدودها”.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أطلق تسميّة “سهم باشان” التلمودي على عدونه ضد سوريا، والذي دمر خلالها معظم القدرات العسكرية للجيش السوري. وسيطر على المنطقة العازلة السورية (يبلغ طولها أكثر من 75 كيلومترًا ويتراوح عرضها بين 200 متر في الجنوب و10 كيلومترات في الوسط)، بما يعدّ خرقًا لاتفاقية فض الاشتباك الموقعة بين الطرفين في 1974. كما سيطر على مواقع إستراتيجية في جبل الشيخ.
يشير “سهم باشان” إلى المنطقة الواقعة جنوبي سوريا؛ بحسب الخرافة التلموديّة، إن أصل ملك باشان من الرفائيين (العمالقة الكنعانيون)، وهم شعوب سامية قديمة استوطنت في المنطقة منذ القرن الـ12 قبل الميلاد.
في أعقاب العدوان على غزة، استشهد نتنياهو بنصوص تلمودية لتبرير جرائمه. في أحد خطاباته، خاطب جنوده: “تذكروا ما فعله عماليق بكم” مشيرًا إلى قبيلة العماليق، وهي قبيلة من البدو الرحل سكنوا شبه جزيرة سيناء وجنوبي فلسطين. بحسب العقيدة التلموديّة، مصطلح عماليق تعني ذروة الشر الجسدي والروحي.