الاعتقال الإداري هو اعتقال مواطن فلسطيني ما بأمر من قادة الاحتلال بتوصية من المخابرات بعد جمع مواد تصنف بأنها “سرية”، وذلك من دون محاكمة ما يحرمه ومحاميه من معرفة سبب الاعتقال وبالتالي احتمال تجديد الاعتقال الذي يمتد لـ 6 أشهر قابلة للتمديد مرات عديدة.
وينتهج الاحتلال الإسرائيلي هذه السياسة، التي استنسختها من الانتداب البريطاني، منذ احتلال الضفة الغربية وغزة عام ١٩٦٧ كنوع من التعذيب النفسي أو لمعاقبة الذين لا تتوفر ضدهم أدلة كافية، ولترهيب المحامين والصحافيين والحقوقيين الذين يفضحون الانتهاكات الإسرائيلية.
على سبيل المثال، تنص المادة ١١١ من أنظمة حالة الطوارئ التي فرضها الانتداب البريطاني عام ١٩٤٥: “يجوز لأي قائد عسكري، بأمر يصدره، أن يأمر باعتقال أي شخص يسمّيه في الأمر، مدة لا تزيد على سنة واحدة”، أما الأمر العسكري رقم ٣٧٨، فتنص المادة ٨٥ (أ) منه على أن “للقائد العسكري أن يصدر أمراً (بالتقييد)، بحق أي شخص تحقيقاً للأغراض التالية، كلها أو بعضها: …(٤) فرض القيود عليه بشأن استخدامه، أو إشغاله، أو بشأن علاقاته مع الآخرين، وبشأن نشاطاته المتعلقة بنشر الأخبار والآراء…”.
هذه الخطوة التعسفية الاستفزازية وهو ما دفع الحركة الأسيرة إلى خوض إضرابات عن الطعام ومقاطعة المحاكم العسكرية مرارًا.
ووفق نادي الأسير الفلسطيني، فقد تم رصد نحو ١٩ ألف أمر اعتقال إداري خلال سنوات الانتفاضة الأولى (١٩٨٧- ١٩٩٤)، ونحو ١٨ ألف تقريبًا خلال سنوات الانتفاضة الثانية (٢٠٠٠-٢٠٠٧).
وقد أصدر الاحتلال عام ٢٠٢٢ أصدر الاحتلال ٢٤٠٩ أمر اعتقال إداري هو الأعلى خلال العقد الماضي، من بين هؤلاء ٧ أطفال وأسيرتان. فيما كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية وجود ٩٦٧ معتقلًا إداريًّا من دون محاكمة أغلبهم من الضفة الغربية وشرقي القدس.
ورغم رفض الاحتلال تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي المحتلة إلا أنه في إصدار أوامر الاعتقال الإداري، يستند إلى المادتين ٤٢ و٧٨ من الاتفاقية اللتين تجيزان له اعتقال مدنيين “لأسباب أمنية قهرية”.
يذكر بأن الاحتلال حوّل -خلال العام الماضي- ٤٣ مقدسيًا للاعتقال الإداري، علمًا أنه يقوم بالتجديد لبعض الأسرى الاعتقال الإداري أكثر من مرة، فقد خاض ٧٥ أسيرًا عدة معارك للأمعاء الخاوية ومن أطولها إضراب الأسير خليل عواودة الذي استمر ١٧٢ يومًا حيث تمكنت محاميته أحلام حداد من التوقيع على تعهد بالإفراج عنه في ٢ أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٢٢ استنادا إلى وعود بالإفراج عنه، إلا أن الاحتلال نكث بوعده، وأصدر بحقّه أمر اعتقال إداري جديد لمدة ٤ أشهر، وهو ما دفعه لاستئناف إضرابه حتى اضطر مرغمًا للافراج عنه في ١٥ سبتمبر / أيلول الحالي.
ينحدر الأسير (١٩٨٢ – متزوج ولديه ٤ بنات) من قرية “إذنا”، غرب مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية. لم يتمكن عواودة من متابعة دراسته الجامعية (حصل على معدل ٩٢% في الثانوية العامة)، فقد كان حلمه دراسة الطب في الخارج إلا أنّه لم يتمكّن من تحقيق حلمه بسبب قضائه نحو ١٢ عامًا متفرقة داخل سجون الاحتلال، من بينها ٦ سنوات في الاعتقال الإداري حيث احتجز داخل زنزانة قذرة تنتشر فيها الحشرات والصراصير، وعقب نقله إلى سجن “الرملة”، منحته إدارة المعتقل بطانية متسخة في ظروف إنسانية غاية في السوء حيث عانى من انخفاض حاد في الوزن وأوضاع صحية صعبة.
وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال بلغ في العام ٢٠٢٣، نحو ٥٠٠٠ بينهم ١٦٠ طفلًا و٣٢ امرأة. ويتوجب على أهالي المعتقلين تقديم طلب للحصول على “تصريح دخول لدولة الاحتلال” ما يحرم مواطنو الضفة الغربية وقطاع غزة من هذه الفرصة بسبب الإغلاق الدائم المفروض عليهم إذ قام الاحتلال بنقل جميع السجون إلى داخل الارض الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨، وبالرغم من حق المعتقل الإداري تلقي زيارتين إلا أن العديد تسري عليهم نفس الضوابط التي كانت السلطات الإسرائيلية قد أصدرتها عام ١٩٩٦ والقاضية بالسماح فقط لبعض فئات أقارب الدرجة الأولى، كما يقتصر السماح بالزيارة على من هم دون ١٦ وفوق ٤٦.