قبيل جلسة انتخاب الرئيس اللبناني، يبدو أن العماد ميشال عون، مرشح الخماسية الدولية المعنية بلبنان، لن ينجح في الدورة الأولى لعدم نيله 86 صوتًا نيابيًّا المطلوبة، وكذلك في الدورة الثانية التي تحتاج إلى 65 صوتًا لأنه انتخابه سيحتاج إلى تعديل دستوري بصفته قائدًا للجيش اللبناني.
حاليًّا، ثمّة ثلاثة مرشحين هم: قائد الجيش المدعوم أميركيًّا وسعوديًّا؛ المدير العام للأمن العام بالانابة اللواء الياس البيسري المدعوم من كتلتَيْ حركة أمل وحزب الله، المعروفة بـ «الثنائي الشيعي» وحلفائهما؛ مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي د. جهاد أزعور الذي أعيد طرح اسمه كمرشح بديل، في حال فشل مشروع انتخاب العماد عون الذي لا يبدو قادرًا على نيل أكثر من 40 صوتًا إذ يقتصر تأييده فقط على الحزب الاشتراكي، حزب الكتائب، بعض النواب السنّة، وبعض نواب المستقلّين.
بحسب الدستور اللبناني، المستقى من الدستور الفرنسي، فإنّ النصاب لانتخاب الرئيس في الدورة الاولى، هو الثلثان. وفي دورات الاقتراع التالية هو النصف زائد واحد.
هذا ما كان سبق أن أكده مرارًا نبيه بري، رئيس البرلمان اللبناني، حيث قال «الدستور ينصّ على أن رئيس الجمهورية ينتخب بالثلثين في الدورة الأولى، أما في الدورة الثانية، فينتخب بالاكثرية المطلقة.»
عاموس هوكشتين، الموفد الأميركي إلى غرب آسيا، كان قد صرّح أن اللجنة الخماسية تعتبر قائد الجيش الأقرب إلى المواصفات المطلوبة دوليًّا، رابطًا المساعدات للبنان بعملية الإصلاح السياسي، كما زعم.
وكانت وكالة «رويترز» قد كشفت أن إدارة بايدن ستحول 95 مليون دولار من المساعدات العسكرية المخصصة لمصر إلى لبنان «لإضفاء الطابع المهني على القوات المسلحة اللبنانية وتعزيز أمن الحدود ومكافحة الإرهاب والوفاء بالمتطلبات الأمنية الناجمة عن تغير السلطة في سوريا.»
خلال لقائه مجموعة من النواب من مختلف الكتل النيابية يحضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون، جدد هوكشتين تأيد انتخاب رئيس يكون حاصلًا على دعم المجتمعيْن العربي والدولي بالقول: «جوزيف عون هو شخصية نعرفها جيدًا. وإذا أيّدتم ترشيحه، فسيكون لديه تأييد دولي واسع وقبول.»
وكانَ ردّ الرئيس برّي بنفس الحدّة التي أظهرها اتجاه الموفد السعودي مشيرًا إلى أن الجنرال عون «لا يحظى بالتوافق؛ وأن هناك إشكالية في ما يتعلق بالتعديل الدستوري [بغية انتخابه]؛ وأن عون ليس هو الشخصية القادرة على صياغة تفاهمات مع القوى السياسية في البلد».
الرئيس بري أخبر هوكشتين أن هناك فريقًا وازنًا من اللبنانيين يدعم المرشح الياس البيسري وأن انتخاب الأخير لا يحتاج إلى تعديل دستوري.
في الغضون، قالت مصادر مطّلعة إن زيارة جان إيف لودريان، المبعوث الفرنسي إلى بيروت، «لا يُعوّل عليها في تغيير شيء.»
من جهته، بعد فشل خطته بتطيير نصاب الجلسة، وذلك في حال تمكّن «الثنائي الشيعي» من انتخاب مرشحهم بالنصف زائدًا واحدًا خلال الجلسات المتتالية، كثّف سمير جعجع، قائد «القوات اللبنانية»، اتصالاته مُحاولًا إيجاد مخرج حيث أبلغه العديد من النوّاب عدم نيتهم الانسحاب لأن المرشحين المطروحين حاليًّا لا يستفزون اللجنة الخماسية، خاصةً في هذه الحقبة، إذ يحتاج لبنان للمساعدات الغربية والعربي.
ورغمَ التأييد الواضح بشأن انتخاب قائد الجيش، تمرّد جعجع على الإملاء السعودي بقوله لـ يزيد بن فرحان، الموفد السعودي، أنّه لن يذهب لانتخاب مرشح يريد «فرض نفسه بالقوّة.» لكن موقف جعجع لا يتعلّق بموقفه من قائد الجيش إنما بما يراه فرصته الأنسب للوصول إلى الرئاسة.
ففي الأيام الماضية، دأب جعجع على الإدعاء بأنّ شرط قبوله ترشيح عون هو موافقة «الثنائي الشيعي»، إذ أنّه من غير الممكن أن يحوز 86 صوتًا من دونهما ومن دون أصوات النواب المستقلين المقربين منهم، فضلًا عن نواب «التيار الوطني الحر».
ما يشير إلى مواربة قائد «القوات اللبنانية» إنما هو تصريحه: «إذا بدّل فريق الممانعة [المقاومة] في رأيه، وبشكل علني وواضح، بإعلانه رسميًّا ترشيح العماد جوزيف عون، فنحن مستعدّون للنّظر بإمعان في هذا الأمر».
بحسب النائب جبران باسيل، رئيس «التيار الوطني الحر»، فإن انتخاب قائد الجيش «مخالف للدستور». وقد أعرب عن تخوفه من أي حدث «قد يكون أمنيًّا» يؤدّي إلى تعطيل جلسة الانتخاب داعيًّا إلى عدم السماح للخارج بفرض مرشحين لأنها «إهانة للنواب.»
وفي الساعات الماضية، تسرّبت معلومات عن تواصل حصل بين «الثنائي الشيعي» و«التيار الوطني الحر» بشأن انتخاب اللواء البيسري فضلًا عن محاولات لإقناع بعض النواب السنّة لتأمين أصوات له في الدورة الثانية.
إذًا اللجنة الخماسية تدعم مرشحًا لا يناسب حزب الله وحلفاءَه، فيما لا يقدر فريقها اللبناني جمع الأصوات الكافية لإنتخابه. ومع ذلك، تواصل إقناع الكتل المتردّدة في حسم موقفها لمصلحة قائد الجيش، ما قد يعني بأن جلسة الغد ذات الرقم 13 لن تكون خاتمة الـ 800+ يوم من الفراغ الرئاسي. وبالتالي، يؤجل الاستحقاق إلى ما بعد دخول دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 الجاري، مع ما ينطوي عليه ذلك من تحديات تحيط بلبنان في هاذين الأسبوعين الفاصلين.