تكثر التحليلات الإعلاميّة عمّا ستؤول إليه الأوضاع بعد انتهاء هدنة الـ ٦٠ يومًا بين لبنان وكيان الإحتلال المؤقت فقد يرتكب نتنياهو أي عدون غير مسبوق أو مألوف. لكن حتمًا لن يكون في صالحه هو ومشغله الأميركي وحلفائه الغربيين.
بعد سقوط سوريا، انتاب نتانياهو ومعه مسؤولي كيان الاحتلال زهو «الانتصار » ظنًّا منهم قطع إمداد حزب الله عبر سوريا سيترتب عليه محاصرة المقاومة بالكامل.
بعد 66 يومًا من العدوان واستنفاذ الأهداف، أدرك العدو أنّه لا طائل من الحرب البرية بل أنّها مكلفة جدًّا بالأرواح والعتاد. بل أنّه بحاجة ماسة إلى إعادة ترميم جيشه المنهك بسبب حربي غزة ولبنان، وهو ما صرح به نتنياهو نفسه لتبرير قبوله وقف اطلاق النار، لكن القبول تم بعد التأكد من أن حزب الله لم يهزم، وإلّا لواصل الحرب وأجهز عليه. ويبدو من تصريحاته أنّه -في الوقت الراهن- التحدي الأخطر هما إيران واليمن.
ويدرك العدو قدرة حزب الله على الصمود والمقاومة لأشهر طويلة، واحتمال أن ينحو خيارات أوسع باستهداف المنشآت الحيوية والحساسة، كما فعل في الأحد الأخير من الحرب، مما سيضغط بقوة على الجبهة الداخلية للعدو.
المواثيق الدولية تؤكد حق الشعوب في مقاومة الاحتلال وتحرير الأرض في سياق حق تقرير المصير لجميع الشعوب علمًا بأن هذا الحق هو من المبادئ الآمرة في القانون الدولي.
وكان غيورا زالتس، رئيس ما يسمى “مجلس الجليل الأعلى الإقليمي”، قد دعا الحكومة والجيش الإسرائيلي إلى “تمكين عودة مستوطني الشمال إلى منازلهم” مضيفًا “إذا كان الإنجاز في الشمال لا يسمح بالعودة إلى البيوت، فعلى الحكومة قول هذا”. في حديث إلى القناة 12، كشف زالتس عن وجود 65 % من المستوطنين، أي نحو 200 ألف، “في منطقة حرب منذ 15 شهرًا”.
يجدر التذكير دومًا بأن واشنطن هي من دفعت لإيقاف الحرب وتطبيق القرار الأممي 1701؛ حزب الله لم يوافق إلا بشروطه، وليس العكس. إذ يبدو بأن ترامب لا يفضل خيار الحرب المكلفة -بشكلها الكلاسيكي- وذلك عشيّة تسلمه مقاليد السلطة البيت الأبيض، في 20 يناير المقبل.
علاوةً على ذلك، حزب الله -بعدما رمم سريعًا بنيته العسكرية والتنظيمية محولًا التحدي إلى فرصة- تحول إلى تنظيم شبه جديد بقيادات مجهولة لا يدرك العدو ما لديها من خبرات وتكتيكات للاستفادة من ترسانة الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة.
حتى اللحظة، ورغم المماطلة والخروقات اليوميّة التي يحاول أن يفرض عبرها أمرًا واقعًا (لن يقبل به لبنان: حكومةً وشعبًّا ومقاومة)، انسحب جيش الاحتلال من 38 % من القرى الحدوديّة. فيما كيان الاحتلال السلطات 200 مليون شيغل لتسهيل عودة المستوطنين إلى المناطق الفلسطينية المحتلة في الشمال وإعادة اعمار مستوطناتهم المهدمة.
هذه جملة من الكوابح التي يرجح أن تردع استئناف العدون فقط. في الغضون، تواصل لجنة الرقابة على تطبيق القرار الأممي 1701 غضّ الطرف عن الخروقات اليوميّة بهدف الضغط على حزب الله لتقديم تنازلات بما يخص الاستحقاقات الداخلية لا سيما انتخاب رئيس للجمهورية. وقد.أبلغ الرئيس نجيب ميقاتي المعنيين أن لا شيء سيردع المقاومة عن الرد على الخروقات بعد الهدنة.
وكان الإحتلال الإسرائيلي قد دخل ثم انسحب وادي الحجير، المعروف خلال حرب 2006 بأنه المكان الذي سُجِّلت فيه “مجزرة الميركافا”، بعد وضع سواتر ترابية بين وادي الحجير ووادي تدخل اللجنة الخماسية لمراقبة تطبيق الاتفاق.
صحيفة “يديعوت أحرونوت” كشفت أنّ “الجيش الإسرائيلي لا يتعامل مع التاريخ المحدَّد للانسحاب من لبنان على أنه تاريخ مقدس”. وأضافت “هآرتس” أن “جيش” الاحتلال الإسرائيلي يعتزم البقاء في جنوبي لبنان، بعد انتهاء مهلة الأيام الستين، المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في الـ27 من نوفمبر الماضي. وقالت إن البقاء في لبنان يرتبط بـ”عدم قدرة الجيش اللبناني على الوفاء بالتزاماته، الواردة في الاتفاق، عبر بسط سيطرته على كامل الجنوب”. وتابعت أن “الجيش” الإسرائيلي بدأ وضع البنية التحتية لإقامة نقاط عسكرية على طول الحدود الشمالية، مشيرة إلى أنه سيتم إنشاء بعض النقاط في الجانب اللبناني من الحدود.