تتوالى تحذيرات الولايات المتحدة الأمريكية لحكومة الكيان الإسرائيلي بشأن عدد من القضايا الحيوية التي قد تؤدي إلى نتائج لا يمكن حسابها، ومن أبرز هذه التحذيرات، طلب الإدارة الأمريكية من تل أبيب عدم الإقدام على حرب مع لبنان، ولو كانت محدودة، كونها قد تؤدي لتدخل إيراني مباشر وبالتالي خروج الصراع من دائرة الاحتواء، كما حذرت واشنطن من أن الاستمرار في حجز أموال الضرائب الفلسطينية قد يؤدي لانهيار سلطة رام الله.
خطر الحرب مع لبنان
على مدى الأسابيع الماضية، توالت تصريحات المسؤولين في الإدارة الأمريكية والتي تحذر من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط، فلقد أكدت واشنطن أن فكرة “الحرب المحدودة” بين الكيان الصهيوني ولبنان قد تدفع إيران للتدخل، مما قد يؤدي إلى خروج الصراع عن السيطرة.
حيث وفقًا لتقرير نشره موقع “أكسيوس”، أبلغ البيت الأبيض الكيان المحتل بأنه لا يعتقد أن “حربًا محدودة في لبنان أو حربًا إقليمية صغيرة خيار واقعي”، لأنه سيكون من الصعب منعها من الاتساع والخروج عن السيطرة، وأشار التقرير إلى أن واشنطن حذرت إسرائيل من أن الغزو البري للبنان، حتى لو كان في المناطق القريبة من الحدود، من المرجح أن يدفع إيران للتدخل، مما قد يؤدي لتدفق المقاتلين الموالين لإيران في سوريا والعراق واليمن.
أفاد الموقع أيضًا بأن اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي الأخير لم يتخذ قرارًا بشأن لبنان، لكن الجيش الإسرائيلي قدم عدة خيارات لتوسيع القتال، بما في ذلك غزو بري لدفع فرقة الرضوان، قوة النخبة التابعة لحزب الله، بعيدًا عن الحدود… وأشار مسؤول إسرائيلي إلى أن التوجيهات التي أصدرها القادة السياسيون للجيش الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر تتلخص في التركيز على هزيمة حماس في غزة وتجنب الحرب في لبنان، محذرًا من أن تغيير هذه السياسة قد يخلف عواقب بعيدة المدى ويتسبب في خسائر في الأرواح واستنزاف الموارد.
ولقد حذرت الولايات المتحدة حليفتها من “آثار سلبية هائلة” إذا انهارت السلطة الفلسطينية، في محاولة للضغط على الكيان المحتل للتراجع عن منع تحويل عائدات الضرائب للفلسطينيين، ولقد قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر للصحافيين: “لقد أوضحنا لحكومة إسرائيل في بعض المحادثات المباشرة أنه لا يوجد شيء يمكن أن يتعارض مع المصالح الاستراتيجية لإسرائيل أكثر من انهيار السلطة الفلسطينية”.
ورغم العيوب الموجودة في السلطة الفلسطينية، أقر ميلر بأنها ساعدت في الحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية، حتى مع احتدام الحرب في قطاع غزة، وأشار إلى أن انهيار السلطة الفلسطينية وانتشار عدم الاستقرار في الضفة الغربية لا يشكل مشكلة للفلسطينيين فحسب، بل يشكل أيضًا تهديدًا أمنيًا هائلًا للكيان الصهيوني.
ونقلت هيئة البث العامة الإسرائيلية “كان” عن مذكرة للجيش أن التوترات الناجمة عن القيود المالية تهدد بتحويل الضفة الغربية من مسرح ثانوي في الحرب إلى مسرح أساسي، وأكدت المذكرة أن تقليص دخل الفلسطينيين من المرجح أن يدفع بالكثير منهم صوب حركات المقاومة المدعومة.
وأوصت المذكرة بسلسلة من التدابير، منها فتح مزيد من المعابر بين الكيان الاسرائيلي والضفة الغربية للسماح للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل بالتسوق بصورة أيسر، بالإضافة إلى اختبار دخول عدد محدود من العمال الفلسطينيين تحت الإشراف الإسرائيلي.
تعنت مالي إسرائيلي
يواصل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، المنتمي لليمين المتطرف، رفض صرف عوائد الضرائب للسلطة الفلسطينية، متهمًا إياها بدعم حماس، وتشير بيانات وزارة المالية الفلسطينية إلى أن تل أبيب تحتجز نحو 6 مليارات شيكل (1.61 مليار دولار) من عائدات الضرائب التي تجمعها نيابة عن السلطة الفلسطينية.
الخاتمة
تعكس التحذيرات الأمريكية المتتالية للكيان الصهيوني قلق واشنطن من التصعيد في المنطقة، سواء في الجبهة اللبنانية أو الفلسطينية، فالحرب مع لبنان قد تفتح أبوابًا لتدخلات إقليمية واسعة، وانهيار السلطة الفلسطينية قد يشعل الضفة الغربية، وتأتي هذه التحذيرات في سياق محاولة الإدارة الأمريكية الحفاظ على الاستقرار النسبي في الشرق الأوسط ومنع حدوث تصعيد قد يخرج عن السيطرة ويؤدي إلى تداعيات كارثية على الصعيدين الأمني والسياسي.