بين التواطؤ والصمت المخزي
غزة، تلك البقعة الصغيرة المحاصرة من الأرض، تعيش كل يوم مأساة إنسانية بشعة. أطفال يقتلون، نساء تتشرد، ورجال يقاومون ببسالة تفوق الخيال. ورغم كل ذلك، فإن أكثر ما يصدم في هذا المشهد القاتم ليس حجم المعاناة فقط، بل هو الخذلان المخزي من قبل بعض الدول العربية. تلك الدول التي باعت ضميرها وإسلامها وعروبتها للشيطان، متجاهلة نداء الإنسانية وأصوات المظلومين.
الوضع في غزة: مأساة متواصلة
غزة تعاني مأساةً خانقة، حيث تفتقر إلى الأساسيات التي يحتاجها أي إنسان للعيش بكرامة. والهجمات المتكررة تزيد من حجم المأساة، حيث تدمر البيوت فوق رؤوس ساكنيها، وتغتال الطائرات الأطفال وهم في أحضان أمهاتهم. في ظل هذا الواقع المرير، يبدو أن صوت الضمير الإنساني قد اختفى تماماً من بعض الدول العربية.
صمت عربي مشين
بدلاً من التنديد بالعدوان ودعم القضية الفلسطينية، اختارت بعض الدول العربية طريق الصمت والتجاهل. بل إن بعض هذه الدول لم تكتف بالصمت، بل دعمت بشكل غير مباشر الجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. هذا الصمت هو سلاح آخر يضاف إلى قائمة الأسلحة التي تستخدم ضد غزة.
تواطؤ مع الشيطان
لم يكن الصمت هو الخطيئة الوحيدة. بل إن هناك من الدول من اختارت التواطؤ مع أعداء القضية الفلسطينية. وإنّ هذه الدول لم تكتفِ ببيع نفطها وثرواتها، بل باعت أيضا شرفها وقيمها. لقد باعوا كل ما يمت للإنسانية بصلة. وإنّ هذا التواطؤ مع الشيطان لا يبرره دين ولا عروبة، بل هو نتيجة لأجندات سياسية واقتصادية ضيقة.
أين الإسلام والعروبة؟
الإسلام يحث على نصرة المظلوم، والعروبة تدعو إلى الوقوف بجانب الأشقاء. لكن ما نشهده اليوم هو خيانة لتلك المبادئ. فبعض الدول العربية أصبحت ترى في غزة عبئًا يجب التخلص منه، بدلاً من اعتبارها قضية محورية يجب الدفاع عنها. لقد ضاعت روح الإسلام والعروبة في خضم حسابات سياسية تافهة.
أين الإنسانية؟
الإنسانية هي الفطرة السليمة التي تدفع البشر لنجدة المظلومين. ولكن للأسف، يبدو أن بعض الدول العربية قد فقدت هذه الفطرة. فلقد أصموا آذانهم عن صرخات الأطفال الجرحى، وأغمضوا أعينهم عن مشاهد الدمار. هذه ليست مجرد خيانة للقضية الفلسطينية، بل هي خيانة للإنسانية جمعاء.
ضمير ميت
الضمير هو البوصلة التي توجه الإنسان نحو الصواب. ولكن في حالة بعض الدول العربية، يبدو أن هذا الضمير قد مات. لا تحركهم مشاهد الدمار، ولا تهزهم صرخات المظلومين. فلقد أصبحوا مجرد دمى تحركها مصالحها الذاتية، متجاهلين كل ما يمليه عليهم دينهم وإنسانيتهم.
نتائج الصمت والتواطؤ
الصمت والتواطؤ لم يؤديا إلا إلى زيادة معاناة أهل غزة. بينما كان من الممكن أن تتدخل الدول العربية لتخفيف ذلك، اختارت بدلاً من ذلك أن تتفرج من بعيد، تاركة الشعب الفلسطيني يواجه مصيره وحده. هذا الموقف لم يقف عند حد الإهمال، بل تطور ليشمل دعمًا علنيًا للعدوان على غزة، سواء من خلال صفقات اقتصادية أو من خلال تبني سياسات معادية للمقاومة.
الأمل المفقود
أمل الشعوب العربية في حكوماتها بدأ يتلاشى. وبات الناس يرون أن حكوماتهم لم تعد تمثلهم أو تعبر عن قيمهم. الإحباط واليأس تزايد، حيث لم يعد هناك من يرى في الأنظمة العربية حليفًا لقضية فلسطين. هذه الأنظمة تخلت عن واجبها التاريخي والأخلاقي، وأصبحت مجرد أدوات في يد قوى أجنبية تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة.
الحاجة إلى التغيير
في ظل هذا الوضع المأساوي، هناك حاجة ماسة للتغيير. يجب على الشعوب العربية أن ترفع صوتها وتطالب حكوماتها بموقف حازم وواضح تجاه ما يحدث في غزة. الصمت لم يعد خيارًا، والتواطؤ يجب أن يتوقف. هذه المطالب ليست فقط من أجل غزة، بل من أجل الحفاظ على ما تبقى من كرامة العرب والمسلمين.
خاتمة
إن الوضع الراهن في غزة يعكس خيانة صارخة من بعض الدول العربية لقيمها ومبادئها. الصمت والتواطؤ مع الشيطان جلب العار لهذه الدول، وأدى إلى تعميق معاناة أهل غزة. ومع ذلك، فإن الأمل لا يزال قائمًا في أن تستيقظ الشعوب العربية من سباتها، وتدرك أن واجبها ليس فقط تجاه فلسطين، بل تجاه نفسها وقيمها. ويجب أن نتذكر دائمًا أن الظلم إذا انتشر في مكان ما، فإنه يهدد الإنسانية جمعاء.