تصعيد وتوتر بلا هدنة
تستمر العملية العسكرية الإسرائيلية الإرهابية في الضفة الغربية للأيام المقبلة. حيث إنّ قوات الكيان الإسرائيلي تواصل استهداف مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم، في محاولة للقضاء على ما تصفه بـ”مصادر تهديد”. وفي ظل هذه الهجمات، تُثار تساؤلات حول تأثيرها على الأمن والاستقرار في المنطقة، حيث أشار البعض إلى أن هذه العملية العسكرية والتي ليست سوى استمرار لحرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال المتغطرس قد تؤدي إلى تفاقم التوترات، بدلاً من تحقيق الاستقرار.
الأهداف المعلنة وغير المعلنة للعملية
إنّ جيش الكيان الإسرائيلي أوضح أن الهدف الرئيسي للعملية هو منع شن عمليات ضد أهداف إسرائيلية. ولكن هناك عوامل أخرى تلعب دوراً في هذه الحملة العسكرية. حيث يشير محللون إلى أن هذه العملية تستهدف أيضاً محاولة تقليص نفوذ إيران وحزب الله في الضفة الغربية. وهذا الربط بين العمليات العسكرية وأهداف خارجية يزيد من تعقيد المشهد، ويجعل من الصعب التنبؤ بنهاية هذا التصعيد.
“الإرهاب اليهودي” وتأجيج الصراع
من اللافت أن الجيش الإسرائيلي قد أقر بوجود “الإرهاب اليهودي” كعامل يزيد من تعقيد الوضع الأمني. وهذا المصطلح يشير إلى اعتداءات المستوطنين اليهود على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية. وعلى الرغم من الاعتراف بهذه الظاهرة، إلا أن الإجراءات المتخذة لكبحها تبدو محدودة. وهذه الاعتداءات تزيد من حدة التوتر، وتجعل من الصعب تحقيق أي تهدئة في المنطقة.
الضفة وغزة: جبهتان مشتعلة
في الوقت الذي يركز فيه الكيان الإسرائيلي على العملية العسكرية في الضفة الغربية، تستمر التوترات في قطاع غزة. المفاوضات المستمرة في الدوحة حول صفقة تبادل الأسرى وتهدئة الأوضاع في غزة لم تحقق أي تقدم ملحوظ. وهذا الجمود في المفاوضات أدى إلى زيادة الاحتجاجات من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين قاموا بخطوات جريئة مثل اجتياز السياج الحدودي والدخول إلى غزة. وهذه الخطوات تظهر مدى الإحباط والتوتر داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه، وليس فقط على الجانب الفلسطيني.
موقف نتنياهو: رفض الهدنة الإنسانية
في خضم هذا التصعيد، رفض رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعوات لوقف إطلاق النار ولو بشكل مؤقت. ولقد نفى مكتبه بشكل قاطع وجود أي هدنة إنسانية تهدف إلى تطعيم أطفال غزة ضد شلل الأطفال، مشيراً إلى أن هناك ترتيبات خاصة لذلك، دون الحاجة إلى هدنة شاملة. وهذا الموقف يعكس سياسة إسرائيلية صارمة، لا تترك مجالاً كبيراً للتسوية أو للتهدئة، حتى في ظل الحاجة الإنسانية الملحة.
وحشية بلا حدود
الوحشية التي تتسم بها هذه العملية لا تقتصر فقط على القتل والتدمير، بل تمتد لتشمل الاعتقالات الجماعية وحملات الترهيب التي تتعرض لها العائلات الفلسطينية. الجيش الإسرائيلي يستخدم القوة المفرطة دون تمييز، حيث يقوم بتدمير منازل كاملة بدعوى البحث عن “مشتبه بهم”، مما يترك مئات العائلات دون مأوى. مشاهد الأطفال وهم يشاهدون منازلهم تُهدم أمام أعينهم تعكس حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون.
تجاهل تام للحقوق الإنسانية
في ظل هذا التصعيد، يتجاهل الجيش الإسرائيلي الحقوق الإنسانية للفلسطينيين بشكل فاضح. المستشفيات محاصرة، والجرحى لا يستطيعون الوصول إلى الرعاية الطبية اللازمة، بينما تُمنع قوافل المساعدات من دخول المناطق المتضررة. هذا الحصار على الخدمات الأساسية يضاعف من معاناة السكان، ويؤكد على أن الهدف من هذه العملية ليس فقط محاولة الانتصار على المقاومة، بل كسر إرادة الشعب الفلسطيني.
الآثار النفسية والاجتماعية
لا تقتصر تداعيات هذه العملية على الخسائر المادية والبشرية فقط، بل تمتد لتشمل الآثار النفسية العميقة على السكان. الأطفال الذين يشهدون العنف والدمار قد يعانون من صدمات نفسية طويلة الأمد، كما أن الكبار يعيشون في حالة دائمة من الخوف والقلق. هذه الظروف تؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي وزيادة مشاعر الكراهية والانتقام، مما يجعل من الصعب تحقيق أي سلام مستقبلي.
وحشية مستمرة ومستقبل مجهول في ظل استمرار التصعيد
العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية تُظهر مرة أخرى أن الوحشية والتدمير لا يمكن إلا أن يكونا أدوات سياسة تُستخدم لتحقيق أهداف شيطانية. فهذه الوحشية لن تؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والكراهية، وتجعل من المستقبل أكثر قتامة.
في ظل هذا الوضع، تبقى الدعوات لوقف فوري للعنف واحترام حقوق الإنسان مطلبًا ملحًا، حتى لا تظل هذه الدائرة المفرغة من العنف والانتقام مستمرة بلا نهاية. وكذلك تتعقد الأمور بفعل عوامل أخرى، مثل “الإرهاب اليهودي” والتدخلات الخارجية. كما أنه في قطاع غزة، تبقى الأوضاع على حالها دون أي بوادر لحل قريب.
في ظل هذه المعطيات، يبقى المستقبل مفتوحاً على جميع الاحتمالات، وليس من الواضح متى، أو كيف، ستنتهي هذه الحلقة الجديدة من الصراع.