قامت “إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية” -التابعة لوزارة الداخلية البحرينية- باستدعاء المستثمر الإسرائيلي، آمي ماروم، بسبب تدوينه عبارات مستفزَّة للمواطنين البحرينيين على وسائل التواصل الاجتماعي. وتضمنّت المنشورات إهانات للشعب الفلسطيني وما يتعرّض له من إبادة جماعية وكوراث إنسانية. وبحسب المعلومات، فإن هذا الإسرائيلي قد جاء إلى البحرين كسائح، ثم حصل على إقامة عبر افتتاحه شركة في المرفأ المالي في العاصمة المنامة.
ما يسمى بــ “معهد اتفاقيات أبراهام للسلام” كشف العام الفائت أن العلاقات التجارية بين إسرائيل بلغت مستويات متطورة جدًّا “في مجالات الابتكار والدبلوماسية والأكاديمية”، إذ ارتفعت التجارة مع البحرين من الصفر إلى 1.20 مليون دولار في غضون عام. وكانت كلّ من البحرين والإمارات قد وقّعتا على ما عُرِف بــ “اتفاقيات أبراهام”، التي توسطت فيها الولايات المتحدة إبان ولاية الرئيس دونالد ترامب، وذلك في منتصف سبتمبر 2020، وسط رفض شعبي بحريني واسع.
وقتئذٍ، قالت ثلاث منظمات حقوقية (منتدى البحرين لحقوق الإنسان، ومعهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان، ومنظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان) بأن التطبيع قد تجاوز بشكل صريح المادة الأولى من الدستور البحريني من خلال تقويض القرارات السيادية والإرادة الشعبية مما دل مجددًا بأن سياسات النظام البحريني مناهضة للأسس الديمقراطية وبعيدة عن دولة المؤسسات والقانون، وجعلت البحرين شريكة في الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
وفي نهاية مارس 2021، أصدر الملك البحريني مرسومين ملكيين، اختص الأول بإنشاء بعثة دبلوماسية لحكومة البحرين لدى كيان الاحتلال الاسرائيلي، أما الثاني فاختص بتعيين خالد يوسف الجلاهمة سفيرًا لدى الكيان المحتل. ثم عين كيان الاحتلال الدبلوماسي المتطرف إيتان نائيه، كأول سفير له لدى البحرين في سبتمبر 2021.
في فبراير الماضي، انتقد نشطاء بحرينيون ما تداولته تقارير لوسائل إعلام إسرائيلية نشرتها ثم حذفتها بشأن شراء الصندوق القومي لليهود جزيرة بمبلغ يعادل 9 ملايين دينار بحريني تقريبًا، واصفين إياها بأنها أخطر خطوات التطبيع. المعارض إبراهيم شريف تساءل عما إذا كانت عملية تهويد وصهينة البحرين قد بدأت، مضيفًا: “هل ستكون الموجة القادمة من التجنيس إسرائيلية؟” من جانبه، وصف النائب السابق جواد فيروز صفقة البيع بأنها “إشارة مقلقة وخطيرة للغاية”.
ومنذ السابع من أكتوبر، اتخذ شعب البحرين موقفًا حاسمًا معتادًا بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، حيث طالب المواطنون والمعارضون بطرد سفير كيان الاحتلال والتراجع الفوري عما اسموه بــ “اتفاقيات الخيانة”. بالموازاة، أطلق الناشطون على منصة “إكس” حملة وطنية لإلغاء اتفاقية التطبيع مستخدمين وسم #ألغوا_اتفاقية_التطبيع.
بيد أن هذه الأصوات الغاضبة وقعت على أذان صماء، فالسلطة البحرينية ماضية في التجهيز لما يسمى بــ”أعياد البحرين”، التي تتضمن سلسلة متعددة من الفعاليات الفنية والترفيهية والرياضية والثقافية، على عكس بعض الحكومات التي ألغت الاحتفالات الوطنية تضامنًا مع غزة، بل إن الجهات الرسمية البحرينية أخذت قرارًا بقمع المسيرات الداعمة لفلسطين واعتقال المشاركين فيها.
المرجع البحريني البارز عيسى قاسم أكد إنّ “بقاء التطبيع والسفير في البحرين جرثومة فسادٍ وشرّ ما قرّ لهما قرار إلّا وأكلا يابس الأرض وأخضرها وصارا بالناس إلى الجحيم”، مضيفًا أن “بقاء التطبيع والسفير في البحرين إعلان رضا بالمجازر في غزّة على يد الصهيونيّة واليهوديّة الاستكباريّة”.
كما أدانت ثمان جمعيات سياسية بحرينية استمرار الجرائم والمجازر الوحشية التي يرتكبها الكيان بحق الشعب الفلسطيني، ودعت السلطات إلى ضرورة إلغاء كافة اتفاقيات التطبيع مع هذه الكيان المجرم وإغلاق سفاراته وطرد سفرائه من الدول العربية، إضافةً إلى إدانة المواقف الأميركية والأوروبية الداعمة للكيان والضغط عليها من خلال مصالحها الاقتصادية في المنطقة لتغيير هذه المواقف.
الناشط السياسي ابراهيم المدهون علق على لقاء ولي عهد البحرين بقائد الأسطول الخامس مؤكدًا بأن اصطفاف البحرين إلى جانب إسرائيل وأمريكا خيار خاطئ وجريمة كبرى ستأخذها إلى نهايتها، مؤكدًا أنت من الغباء أن تتورط البحرين بإستعداء اليمن في هذه المرحلة.
نظام البحرين عبثًا يراهن على جر الشعب للقبول بالتطبيع وقذراته بدليل أنه عجز هو نفسه منذ احتلاله للبحرين عن اكتساب ثقة المواطنين الأصليين، فالاحتلال الذي وقع عليهم في العام 1783 هو نفسه الذي وقع على فلسطين في العام 1948.