في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة، يواجه الجيش الإسرائيلي تحديات كبيرة على جبهتيه الشمالية والجنوبية، ولقد أجرى رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مشاورات مكثفة مع قادة الجيش والأجهزة الأمنية للبحث في التصعيد المحتمل على الجبهة الشمالية، ويأتي ذلك بعد الرد السلبي لحماس على عرض صفقة التبادل، مما يزيد من تعقيد الوضع الراهن.
التصعيد المحتمل في الشمال
الخشية الإسرائيلية تتركز على أن حزب الله، الذي يعتبر قوة عسكرية رئيسية في لبنان، قد لا يكتفي بردود فعل تقليدية بعد اغتيال أبرز قيادييه في جنوب لبنان، أبو طالب، وإن التحليلات تشير إلى أن حزب الله قد يفكر في تغيير المعادلة الميدانية بشكل جذري، مثل استهداف مدينة حيفا بصواريخ دقيقة، وهو ما قد يدفع إسرائيل إلى الرد باستهداف بيروت، وهذا السيناريو يضع الكيان الإسرائيلي في موقف صعب يتطلب منها اتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة.
المشاورات الأمنية والسياسية
خلال المشاورات التي عقدها نتانياهو مع قادة الجيش والأجهزة الأمنية، برزت مسألة الاستعداد العسكري الإسرائيلي للحرب الشاملة في الشمال، وإن الجيش الإسرائيلي أبلغ المستوى السياسي بأنه غير جاهز لحرب شاملة في الشمال قبل إنهاء الحرب في غزة، وهذه الرسالة تعكس الواقع الميداني الصعب، حيث تستنزف العمليات العسكرية في غزة الموارد والجهود.
ومن ناحية أخرى، هاجم وزير الأمن القومي بن غفير، الذي تم استبعاده من المشاورات، رئيس الوزراء قائلاً: “إطلاق مئات الصواريخ لا يقابل بضربات جراحية”. وإن تصريح بن غفير يعكس الانقسام الداخلي في إسرائيل بشأن كيفية التعامل مع التهديدات المتزايدة.
حرب غزة المستمرة
الحرب في غزة ما زالت تراوح مكانها، حيث تعثر التوصل إلى صفقة تبادل ووقف إطلاق النار، كما إن الأطراف المختلفة لم تتمكن من الوصول إلى اتفاق، مما يزيد من معاناة المدنيين ويعمق الأزمة الإنسانية، كما إن عائلات الأسرى الإسرائيليين تضغط على الحكومة للدخول في مفاوضات مع حماس للتوصل إلى صفقة، وهو ما يتوافق مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الذي دعا إلى تهدئة الوضع والتوصل إلى حل سلمي.
التحديات اللوجستية والعملياتية
إن الجيش الإسرائيلي يواجه تحديات لوجستية وعملياتية كبيرة، والانتقال من جبهة غزة إلى جبهة الشمال يتطلب إعادة توزيع القوات وتجهيزها، بالإضافة إلى الحاجة إلى تخطيط استراتيجي محكم لمواجهة تهديدات حزب الله، وهذا يتطلب وقتاً وجهداً كبيرين، وهو ما يشير إلى عدم الجاهزية الحالية لحرب شاملة في الشمال.
الضغط الدولي والإقليمي
الوضع في الشرق الأوسط معقد للغاية، حيث تتداخل المصالح الدولية والإقليمية، وإن الولايات المتحدة تلعب دوراً رئيسياً في محاولة تهدئة الأوضاع، وقد تكون لها تأثيرات على القرارات الإسرائيلية، ومن ناحية أخرى، فإن الدول العربية المجاورة تراقب الوضع عن كثب، ولها مصالحها الخاصة في استقرار المنطقة.
السيناريوهات المستقبلية
في ظل التصعيد الحالي، تتعدد السيناريوهات المحتملة، حيث يمكن للكيان الإسرائيلي أن يسعى إلى تهدئة الأوضاع من خلال التوصل إلى اتفاق مع حماس، مما يسمح لها بتركيز جهودها على الجبهة الشمالية، ومن جهة أخرى، قد تتجه الأمور نحو تصعيد أكبر إذا ما قرر حزب الله تنفيذ تهديداته، مما سيدفع المنطقة إلى مرحلة جديدة من الصراع.
الخلاصة
إن جيش الكيان الإسرائيلي يواجه تحديات معقدة ويمكننا القول بمكان أن الكيان الإسرائيلي المؤقت بدأت أوراقه الأخيرة تسقط حيث بدأ في مرحلة نهايته وزواله، ولا سيما وإن الجاهزية الاسرائيلية لحرب شاملة في الشمال مرتبطة بإنهاء الحرب في غزة، وهو ما يضع الحكومة الإسرائيلية أمام خيارات صعبة، كما إن الضغوط الداخلية والخارجية تزيد من تعقيد الوضع، وتجعل من التوصل إلى حلول سلمية أمراً ضرورياً لتجنب تصعيد أكبر، وفي النهاية، تبقى الأولوية هي تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة ومعالجة الوضع الإنساني في غزة وإعادة الحق إلى أصحابه، وهو ما يتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مشتركاً.