هجوم القنصلية الإيرانية في دمشق… بداية النهاية
لقد أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية الجمهورية الإسلامية في إيران أنه لا علاقة لها بالهجوم على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، في الوقت الذي توعدت فيه إيران الكيان الصهيوني المحتل بالرد، وأن هذا الرد سيكون على مستوى الحدث، وتوعدت بالانتقام بسبب هذا الهجوم الذي أدى إلى استشهاد اثنين من كبار القادة العسكريين وخمسة مستشارين عسكريين آخرين في مجمع السفارة الإيرانية في دمشق، ومن الطبيعي أن يكون من شأن هذا أن يزيد من خطر تصعيد الصراع في الشرق الأوسط، ولقد قامت إيران باستدعاء القائم بأعمال السفارة السويسرية لديها لترسل رسالة مهمة إلى واشنطن باعتبارها الراعي والحامي للكيان الصهيوني، كما طلبت عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي للبحث بشأن الهجوم، وكل هذا مع تأكيد واشنطن أنه ليس لها أي دور أو علم مسبق بهذا الهجوم الصهيوني.
إن هذه الضربة تعد واحدة من أجرأ الهجمات التي تستهدف المصالح الإيرانية في سوريا حتى الآن، حيث يكثف الكيان الصهيوني ومنذ فترة طويلة حملة عسكرية ضد إيران وجماعات المقاومة التي تدعمها طهران مع امتداد الصراعات إلى أنحاء الشرق الأوسط منذ بداية الحرب في غزة، مع العلم أن طهران تحرص حتى اللحظة أن تتجنب الدخول في صراع مباشر، إلا أنها تقوم بالطبع بدعم الحلفاء الذين حملوا لواء الدفاع عن مقدسات الأمتين الإسلامية والعربية.
ومن الجدير بالذكر أن الكيان الصهيوني لم يعلن مسؤوليته عن هذا الهجوم، وأعلن أنه لن يعلق عليه، في الوقت الذي صدرت فيه تعليمات صهيونية لجميع السفارات الإسرائيلية وفي جميع أنحاء العالم لتعزيز إجراءاتها الأمنية في أعقاب هذا الهجوم على القنصلية الإيرانية، علماً أن حالة التأهب هذه بدأت بالفعل منذ السابع من تشرين الأول، إلا أنه وبعد اغتيال المسؤول الإيراني بدمشق محمد رضا زاهدي سيتم رفع حالة التأهب في تلك السفارات.
ولا بد من الإشارة إلى أن هذا الهجوم يشكل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية، والمبدأ الأساسي لحصانة الأماكن الدبلوماسية والقنصلية كما هو منصوص عليه في معاهدة العلاقات الدبلوماسية لعام 1961، واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963، وكذلك اتفاقية المعاقبة على الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المشمولين بالحماية الدولية، بما في ذلك الموظفون الدبلوماسيون، لعام 1973.
ويبدو هذه المرة أن الكيان الصهيوني لن يمر دون رد أو انتقام فلن تمر هذه الجريمة دون أن ينال العدو العقاب وسيدفع الثمن الغالي، كما لن ينفع ما صرحت به الولايات المتحدة الأمريكية بشأن عدم تورطها في هذا الهجوم وعدم علمها به، حيث ستظل مسؤولة بشكل مباشر كونها الداعم الرئيس للكيان الصهيوني والراعي الرسمي للإرهاب في العالم أجمع.
ووفق ما تقدم يبدو أن الصراع في الشرق الأوسط سيتسع إذا لم تمارس جميع الأطراف المعنية سياسة ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد، وهذا أمر مستبعد كون الهجوم قام على أرض إيرانية وذهب ضحيته كبار القادة في الحرس الثوري الإيراني، ولا سيما وقد أظهر هذا الهجوم عدم وجود أي احترام للقانون الدولي، وبالتالي فمن الطبيعي أن يكون من حق إيران وسوريا الرد.
وأخيراً لا بد لنا من بعض التساؤلات: فهل لم تكن إيران هي المقصودة بالهجوم وكان المقصود هو حزب الله في سوريا؟ وإذا كانت هي المقصودة وهو الاحتمال الأغلب، فهل المراد من ورائه هو إيصال رسالة تهديد لإيران لإبعادها عن دعم المقاومة في المنطقة، وخاصة الحوثيين في اليمن؟ أم أن الغاية من ورائه هو الاستفزاز لافتعال حرب في المنطقة، ليخرج الكيان الصهيوني نفسه من مأزق حرب غزة؟… إن المستقبل كفيل بالإجابة عن كل هذه التساؤلات.