هو مشروع عالمي ضخم للبنية التحتية والتنمية الاقتصادية أطلقه الرئيس الصيني شين جين بينغ في خريف عام 2013 وتحديداً في السابع من ايلول من عام 2013 من أستانه عاصمة كازاخستان حيث قال في خطاب له على مدرج جامعه نازار باييف ((لنبني معاً حزاماً اقتصادياً على طول طريق الحرير))، وبعد خطابه هذا بشهر واحد ومن جاكرتا عاصمة اندونيسيا وفي خطاب له أمام البرلمان الاندونيسي قال: ((لنبني معا طريق الحرير البحري للقرن 21 )) ومن هاتين العبارتين أتى اسم هذا المشروع العملاق ((الحزام، الطريق)).
يهدف هذا المشروع إلى زيادة التواصل بين آسيا وأوروبا وإفريقيا وربطها فيما بينها اقتصادياً بواسطة شبكة واسعة من الطرق البرية والبحرية لمواجهة تحديات النمو والتطور ونقص البنى التحتية.
هذا المشروع مؤلف من شقين، يتمثل الشق الأول بالحزام البري الذي يعبر أسيا الوسطى الى أوروبا الشرقية ثم الى أوروبا الغربية، والشق الثاني يتمثل بالخط البحري الذي يمتد من جنوب شرق آسيا وشبه القارة الهندية باتجاه الشرق الأوسط والساحل الشرقي لإفريقيا والبحر المتوسط وينتهي في القاره الأوروبية.
عند انطلاقة هذا المشروع كان يشمل حوالي 60 دولة، وبعد سنتين على إطلاقه اتسع ليشمل العالم كله.
اتساع هذا المشروع ليشمل العالم كله لم يكن وليد طموح جامح، بل كان هدفه دحض ادعاءات وتبديد تُهم من توجّسوا خيفة من هذا المشروع ورأوا فيه مشروعاً استراتيجياً يُعبّر عن التطلعات الامبريالية للصين وتعزيز نفوذها العالمي من شرق آسيا الى أوروبا.
أقيمت ندوتان في بكين، الأولى في عام 2017 والثانية في عام 2019، وكان هدف هاتين الندوتين إزالة المخاوف التي أحدثها هذا المشروع والإجابة على تلك الانتقادات التي تتهم الصين بأنها تسعى للسيطرة والهيمنة على بلدان الجنوب المستفيدة من هذا المشروع من خلال توريطها وإغراقها بالديون وخلق شكل جديد من التبعية والارتهان والاعتماد. ولكن يحق لنا أن نسأل، هل أنّ الصين نظرت بعين العطف والشفقة بعدما استشعرت عظمتها فعادت لسياستها الخيرة العطوفة التي كانت تنتهجها إزاء محيطها التقليدي؟ أم أنّ هذا المشروع صورة من صور التنافس الاستراتيجي المفتوح والتوتر الجيوسياسي – الذي يشكل عنصراً اساسياً لنظام دولي سريع التغير- مع الولايات المتحدة الامريكية والغرب عموماً ؟.
فهل تريد الصين تأسيس امبراطورية جديدة بهدف إضعاف هيمنة وسيطرة القوى العظمى التي تناكفها استراتيجياً وايديولوجياً ؟
لا أعتقد أن الصين تريد إزاحة الولايات المتحدة الأمريكية عسكرياً والحلول مكانها، ولكنّ الصين ترغب بإنشاء هيمنة جديدة قادرة بمفردها على مضاهاة وإضعاف السيطرة الامريكية وتحالفاتها وصولاً لتدمير الامبراطورية الامريكية.
لكن ما هي الدوافع السياسية لهذه المبادرة؟ وما هي الأهداف الاقتصادية والأمنية لهذا المشروع؟
الإجابة عن هذين السؤالين يساعد على فهم البعد الاستراتيجي لهذا المشروع.
اتضحت السياسة الخارجية للصين في بداية عهد الرئيس الحالي للصين شي جين بينغ، حيث شرع بطرح مبادرات دولية تهدف لإظهار الصين كدولة عظمى ولاعب أساسي على المسرح الدولي، مستغلاً تراجع النفوذ الأمريكي والأفول التدريجي لدور الولايات المتحدة الامريكية، إلّا أنّه لم يكن من السهل بالنسبة للصين مواجهة التحالفات الأمريكية التي أنشاتها بعد الحرب العالمية الثانية في غرب المحيط الهادئ والتي تناقض مصالح الصين وخاصة فيما يتعلق بموضوع تايوان. إضافة إلى ذلك، استراتيجية إعادة التوازن التي أطلقها الرئيس الأمريكي الأسبق باراك اوباما في عام 2011 والموجهة لتعويض الصعود القوي للصين في دول آسيا المطلة على المحيط الهادئ. هنا وجدت الصين نفسها أمام تحدٍ لابُدّ من تجاوزه والتغلب عليه، فكانت فكرة الباحث الجامعي Wang Jisi المتخصص في شؤون الولايات المتحدة بتوسيع النفوذ الصيني باتجاه الغرب أي اسيا الوسطى وأيضاً جنوب شرق آسيا وآسيا الأوروبية بجملتها وتقوية روابط حسن الجوار إزاء هذه المناطق.