بداية مرحلة جديدة في الصراع
في اليوم 345 من حرب “طوفان الأقصى”، استيقظت شعوب المقاومة على خبرٍ غير مسبوق. صاروخ يمني واحد ضرب مدينة يافا المحتلة، والتي أطلق عليها الصهاينة زورًا اسم “تل أبيب”. العملية هزت كيان الاحتلال وأثارت الذعر بين المستوطنين الصهاينة، مما دفع أكثر من مليوني شخص إلى اللجوء إلى الملاجئ، في حادثة هي الأولى من نوعها في تاريخ كيان الاحتلال المؤقت.
كيف تجاوز الصاروخ منظومات الدفاع؟
العملية التي نفذت باستخدام صاروخ باليستي جديد من نوع “فرط صوت” تطرح العديد من التساؤلات. كيف استطاع هذا الصاروخ اليمني تجاوز منظومات الدفاع والرادارات الأميركية والإسرائيلية والغربية المنتشرة على امتداد البحر الأحمر وفلسطين المحتلة؟ هذا الفشل يعكس تراجعًا كبيرًا في القدرة الصهيوأمريكية على حماية المنطقة التي يسيطرون عليها.
الصاروخ قطع مسافة تقدر بحوالي 2040 كيلومترًا في غضون 11 دقيقة ونصف، ليصل إلى هدفه على بعد 60 كيلومترًا فقط من مطار بن غوريون. هذا النجاح يعتبر تطورًا كبيرًا في مجال الصناعات الصاروخية اليمنية، ويكشف عن تراكم الفشل الإسرائيلي والأميركي في مواجهة هذا النوع من التهديدات.
الرسالة الأيديولوجية للعملية
تزامنت هذه العملية مع ذكرى المولد النبوي الشريف، مما يضفي عليها بعدًا أيديولوجيًا عميقًا. الرسالة هنا واضحة: اليمن ثابت على نهج النبي في مقاومته للظلم والاستبداد، رغم كل التهديدات والعقوبات. وإن اختيار هذا التوقيت لم يكن محض صدفة؛ فهو تعبير عن رفض اليمنيين للعدوان الصهيوني على الحديدة واستعدادهم للرد.
هذه الضربة ليست الرد النهائي على العدوان الإسرائيلي على الحديدة، لكنها بمثابة إنذار واضح. إن كانت ضربة صاروخ واحد قد أجبرت مليوني مستوطن على الاحتماء في الملاجئ، فماذا لو أطلقت رشقة من الصواريخ من مكان أقرب، مثل لبنان؟ هنا تطرح تساؤلات حول قدرات المقاومة في الشمال، وخصوصًا حزب الله، الذي بات يشكل تهديدًا استراتيجيًا متزايدًا.
بداية مسار جديد في المواجهة
هذه العملية قد تكون بداية لمسار جديد من المواجهة. صاروخ واحد فقط أطلقته اليمن، لكنه فتح الباب أمام تهديدات إستراتيجية جديدة لكيان الاحتلال. وليس من المستبعد أن تكون هذه العملية مجرد اختبار ناجح لصواريخ أخرى يمكن استخدامها في المستقبل. وبالتالي فالصهاينة اليوم أمام واقع جديد، فشلت فيه دفاعاتهم في حماية أكبر مدنهم.
اليمنيون أكدوا أنهم لن يتوقفوا هنا. وإن ما نراه هو البداية فقط. حيث إن صواريخ أخرى قد تطلق في المستقبل إذا استمر الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على الفلسطينيين وعلى دول المنطقة. التصعيد اليمني قد يتجه نحو فرض حظر جوي على إسرائيل إذا تمادى العدو في عدوانه.
الإرباك داخل كيان الاحتلال
الهجوم الصاروخي اليمني على يافا أدى إلى حالة من الفوضى داخل كيان الاحتلال. الانتقادات انهالت على صناع القرار الإسرائيليين، وسط تساؤلات حول مدى فعالية منظومات الدفاع المتقدمة التي يتفاخر بها الإسرائيليون. الصاروخ اليمني لم يُفشل فقط في اعتراضه، بل أظهر كذلك قدرة على تجاوز منظومات التعقب التي تعتبر الأكثر تطورًا في المنطقة.
الحديث هنا ليس عن صاروخ عادي؛ إنه صاروخ “فرط صوت”، ما يعني أنه سريع للغاية ويتفوق على قدرة الرادارات الحالية على تعقبه واعتراضه. هذا التطور يعد ضربة موجعة لخطط كيان الاحتلال في تأمين مدنه ومستوطنيه، ويضع نتنياهو وحكومته في موقف صعب أمام المعارضة الداخلية.
خطر حزب الله والمقاومة الشمالية
ما جرى ليس سوى البداية مقارنة بما يمكن أن تقوم به المقاومة الشمالية، وخصوصًا حزب الله. الصاروخ اليمني يعتبر أولى المفاجآت التي وعد بها اليمنيون، لكنه يفتح الباب أمام تهديدات أكبر. حزب الله يمتلك ترسانة صاروخية ضخمة، وقادر على توجيه ضربات قوية تستهدف المدن المركزية في كيان الاحتلال.
الإسرائيليون اليوم أمام معضلة كبيرة. عليهم تقسيم جهودهم بين التصدي لتهديدات المقاومة الفلسطينية في غزة، والتهديدات اليمنية من الجنوب، وتهديدات حزب الله من الشمال. هذه الضغوط ستؤدي بلا شك إلى تفاقم الأزمات داخل كيان الاحتلال، وخصوصًا في ظل الانقسامات الداخلية الحادة التي يعاني منها.
المشروع الاستيطاني في خطر
الصاروخ اليمني الذي أصاب يافا المحتلة يعكس فشل المشروع الاستيطاني الإسرائيلي بشكل عام. والمناطق التي كان الصهاينة يعتقدون أنها آمنة أصبحت الآن في مرمى نيران المقاومة. هذا الأمر يهدد ليس فقط مستوطنات الشمال والجنوب، بل أيضًا المدن الكبرى مثل تل أبيب والقدس المحتلة.
إن هذا الفشل يضعف قدرة إسرائيل على جذب المزيد من المستوطنين إلى هذه المناطق، ويثير القلق بين المستوطنين الحاليين. وأصبح الإسرائيليون اليوم في حالة خوف دائم، وهم يدركون أن مشروعهم الاستيطاني كله مهدد إذا استمرت المقاومة في توجيه ضرباتها.
نحو حظر جوي على إسرائيل؟
بناءً على ما جرى اليوم، يبدو أن اليمنيين يقتربون من تحقيق هدفهم المتمثل في فرض حظر جوي على كيان الاحتلال. الصاروخ الذي أصاب يافا كان قريبًا جدًا من مطار بن غوريون، وهذا يحمل رسالة مبطنة إلى الإسرائيليين. إذا استمروا في عدوانهم على غزة أو إذا تجرأوا على شن هجوم على لبنان، فإن حظرًا جويًا على مطار بن غوريون قد يكون الخطوة التالية.
خلاصة
العملية اليمنية التي استهدفت يافا المحتلة تعتبر تحولًا نوعيًا في الصراع العربي الإسرائيلي. اليمن، الذي كان يُعتقد أنه بعيد عن ساحة المعركة، أثبت اليوم أنه لاعب رئيسي قادر على توجيه ضربات مؤثرة لكيان الاحتلال. هذه العملية لن تكون الأخيرة، بل هي بداية لمسار جديد من المواجهة، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى تغيرات جذرية في ميزان القوى في المنطقة.