تصعيد خطير يهدد الأمن والاستقرار
في الأسابيع الأخيرة، شهد المسجد الأقصى تصعيدًا خطيرًا… تمثل في اقتحامه من قبل إيتمار بن غفير ومعه عضو آخر في حكومة بنيامين نتنياهو، ونحو 3 آلاف مستوطن. هذا التصعيد الذي يعد امتدادًا لسلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية… قد يُنظر إليه على أنه محاولة لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى، يهدد بتصعيد الصراع في المنطقة.
محاولة فرض “الوضع القائم” الإسرائيلي
مصطلح “الوضع القائم” ارتبط بالنضال الفلسطيني منذ عقود، لكنه يحمل تفسيرات متباينة. بالنسبة للأردن، الذي يتولى وصاية المقدسات الإسلامية في القدس منذ العهد العثماني: “الوضع القائم” يعني الحفاظ على الوضع الذي كان سائدًا قبل احتلال القدس في 1967. أما بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي: “الوضع القائم” يعني فرض سيطرته الكاملة على المسجد الأقصى، بما في ذلك السماح باقتحامات المستوطنين تحت حماية الشرطة الإسرائيلية.
تصريحات بن غفير وتهديد الاستقرار
إيتمار بن غفير، الذي يُعرف بتوجهاته اليمينية المتطرفة، صرح علانية بنية إقامة كنيس يهودي في المسجد الأقصى. هذا الإعلان أثار حفيظة الكثيرين في الداخل الإسرائيلي قبل الخارج… حيث اعتبر وزير الداخلية موشيه أربيل أن خطوة بن غفير قد تؤدي إلى “إراقة الدماء” وتضر بالتحالفات الاستراتيجية لإسرائيل، خاصة ضد المحور الإيراني. أما زعيم المعارضة، يائير لبيد، فقد اتهم نتنياهو بالعجز عن التحكم في حكومته، حتى عندما تصدر عن أعضائها قرارات تهدد الأمن القومي.
الموقف الفلسطيني والدولي
من جانبها، وصفت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إعلان بن غفير بأنه يعكس نوايا حكومة الاحتلال تجاه الأقصى، محذرة من أن هذه السياسات لن تقابل إلا بالمقاومة. أما المجتمع الدولي، فقد اكتفى بالإدانة اللفظية دون اتخاذ خطوات عملية لوقف هذا التصعيد. ويمثل هذا الموقف الدولي الضعيف، في نظر الكثيرين، ضوءاً أخضر لإسرائيل للاستمرار في انتهاكاتها.
تاريخ الاقتحامات: جذور الصراع
اقتحامات المسجد الأقصى ليست جديدة، فهي امتداد لتاريخ طويل من الصراع على السيادة في القدس. منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين… بدأ الحديث عن “الوضع القائم” فيما يتعلق بحائط البراق، الذي يعتبر جزءًا لا يتجزأ من المسجد الأقصى. في عام 1922، اتفق المجلس الإسلامي الفلسطيني مع الحكومة البريطانية على السماح لليهود بالنظر إلى الحائط دون أي حق لهم فيه. وعندما حاولت السلطات البريطانية تغيير بعض الأمور المتعلقة بالحائط، اندلعت ثورة البراق في 1929.
في عام 1967، بعد احتلال القدس، اعترفت إسرائيل بالوصاية الأردنية على المسجد الأقصى. ومع ذلك، بدأت إسرائيل تدريجيًا في تغيير الوضع على الأرض، من خلال السماح للمستوطنين باقتحام المسجد وأداء طقوس تلمودية فيه… مما خلق وضعًا جديدًا أثار غضب الفلسطينيين والدول الإسلامية.
أبعاد الصراع في الوقت الحالي
تزامنًا مع بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023… كثفت قوات الاحتلال انتشارها وعملياتها في الضفة الغربية، بما فيها القدس. وفي يوليو 2024، كشفت معطيات فلسطينية رسمية أن أكثر من 25 ألف مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى خلال النصف الأول من عام 2024… مما أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى.
وفيما يتعلق بسياسة هدم المنازل، قامت إسرائيل بهدم 127 مبنى في القدس وضواحيها، بذريعة عدم حصولها على تراخيص بناء. هذا بالإضافة إلى الموافقة على 13 مشروعًا استيطانيًا جديدًا، مما يزيد من تعقيد الوضع ويزيد من معاناة السكان الفلسطينيين.
الردود الدولية والإقليمية
على الرغم من الانتقادات التي وُجهت لإسرائيل على المستويين الإقليمي والدولي… إلا أن المجتمع الدولي لم يتخذ خطوات جادة لوقف هذه الانتهاكات. في المقابل، تحذر الكثير من الدول العربية والإسلامية من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى انفجار الأوضاع في المنطقة بأسرها.
سيناريوهات المستقبل
مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى وتصاعد التوترات في القدس، يبدو أن المنطقة على حافة الانفجار. في ظل غياب حل سياسي عادل وشامل، قد تتجه الأمور نحو مزيد من التصعيد، مما يعرض المنطقة والعالم لخطر اندلاع حرب جديدة. لذلك، من الضروري أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل جدي للضغط على الكيان الإسرائيلي لوقف هذه الانتهاكات والعودة إلى طاولة المفاوضات.