ما الذي ينتظر العدو الإسرائيلي في الشمال؟

رعب الشمال

رعب الشمال

مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية باجتياح لبنان، يحتدم النقاش في كيان الإحتلال حول مصير الجبهة الشمالية مع لبنان، إما: حرب مكتملة مع نقاش في حدودها ونطاقها، أو “تسوية” تنسحب هدوءاً حذرًا على المنطقة برمّتها.

يوسي يهوشع، المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، نقل عن ضابط وصفه بـ “الجنرال الكبير” قوله إن “إسرائيل أخطأت منذ البداية بتركيز ضرباتها ضد حزب الله وليس ضد دولة لبنان”. بينما يرى جنرالات آخرون أن مهاجمة مصالح لبنانية رسمية سيقود إلى حرب واسعة وسيبرز حزب الله كـ “محامٍ عن لبنان”. وبحسب يديعوت أحرونوت، فإن جنرالات العدو، يشكّكون بشدّة في جدوى “التسوية”؛ فقد نسب يوسي يهوشع، المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، إلى أحد الجنرالات الصهاينة تشكيكه بجدوى أي “تسوية” دون عملية برية تدمر قدرات حزب الله القريبة من الحدود محذرًا من أن عدم تدمير هذه القدرات سيعني عودة “مقاتلو حزب الله إلى الحدود”. يديعوت أحرونوت ذكرت أن أي “تسوية” من الممكن التوصّل إليها ولكن “دون تحقيق شرط الحزب اللبناني بإنهاء الحرب في قطاع غزة”، وتشمل أيضًا “إبعاد الأسلحة الثقيلة عن الحدود الإسرائيلية”.

ويرجح جنرالات صهاينة آخرون أن الاجتياح البري “سيتحول إلى حرب واسعة، تتطوّر إلى حرب إقليمية” مؤكدين أن حربًا كهذه تتطلب دعم أميركي “وهو أمر ليس متوفّراً حاليًّا” وبناء عليه، يخلص يهوشع إلى أنّه “في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، فإن علاقته المتميّزة مع النظام الروسي قد تؤدّي إلى إنجازات من دون إراقة دماء”. هذا الواقع من شأنه دفع “إسرائيل إلى هجوم مبكر قبل انتخابات الرئاسة الأميركية”.

بدوره، عاموس هرئيل، المحلل العسكري في “هآرتس” يرى إن “ضعف” الحزب الديمقراطي وتزايد احتمالات فوز ترامب قد تدفعان بايدن إلى اتخاذ خطوات تلجم الحرب الإسرائيلية في غزة، ويضيف هرئيل أن “إسرائيل لا يمكنها الاعتماد على ترامب الذي وصف القيادة الإسرائيلية بأنها انهزامية بعد المجزرة في غلاف غزة، وتخاصم مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عندما اعترف الأخير بفوز بايدن في انتخابات 2020، وألمح إلى عزمه وقف المساعدات الخارجية الأميركية إلى دول صديقة”.

يذكر بأن محافظ “بنك إسرائيل”، أمير يارون، قد صرّح سابقًا بأن تكلفة الحرب الحالية على الجبهتين الجنوبية والشمالية حتى عام 2025، ستصل إلى 250 مليار شيكل (نحو 73 مليار دولار أميركي). ووفق صحيفة يديعوت أحرونوت، فإنّ كل يوم يكلّف الجيش الإسرائيلي نحو 272 مليون دولار، بحيث يتقاضى كل جندي احتياطي 82 دولارًا يوميًا فيما يبلغ إجمالي هذه المدفوعات وحدها 2.5 مليار دولار.

الصحيفة كشفت أنّ “جزءَ كبيرًا من الضرر قد لحق بالكيبوتسات المحيطة بقطاع غزّة حيث جرى تدميرها بأكملها، وإحراق البنية التحتية، ما خلّف أضراراً تُقدّر بنحو 5.5 مليارات دولار. أمّا في الشمال، تبلغ الخسارة المالية ما يقرب من 1.6 مليار دولار حيث “تتوقّع ميزانية الحكومة عجزًا قدره 30 مليار دولار، الأمر الذي سيتطلّب تخفيضات في الميزانية وزيادة الضرائب، بما يصل إلى أكثر من 18 مليار دولار”، وفق يديعوت أحرونوت. قناة “كان” الإسرائيلية بدورها أشارت إلى التراجع الكبير في المبيعات والمدخولات التي تشهدها المحال التجارية على “الحدود الشمالية” إذ وصلت نسبة الانخفاض في المبيعات إلى أكثر من 70%.

في الغضون، دعا مدير شركة الكهرباء في الكيان، مئير شبيغلر، إلى “عدم شراء المولّدات في حال اندلاع حرب في الشمال، لأنهم لن يجدوا وقوداً لتشغيلها حينها” فقد ارتفع مؤخرًا الطلب على مولّدات الكهرباء المنزلية في شمال فلسطين المحتلة.

وفيما تراوحت دعوات الدول بين الطلب من مواطنيها المغادرة الفورية أو إعادة النظر في السفر إلى لبنان، لم تصدر تحذيرات مماثلة لمواطنيها في “إسرائيل”. وإن هذا قد يُقرأ بأننا لا زلنا تحت سقف الحرب الكبرى. إلا أن الأمر مختلف لدى حكومة نتنياهو مع دنو الانتخابات الأميركية ما يعني أنّ أميركا ستكون إزاء إعادة تعريف دور أميركا وإصلاح الشرخ الذي هدد مصالحها في العالم، وأي تغّير محتمل ولو في الشكل والأسلوب ستكون له تداعياته المهمة.

فالرئيس الأمريكي المقبل أمامه عالم يتغيّر بسرعة، ولا وقت فيه للحروب فقد أثبتت الحروب في العقدين الأخيرين -منذ غزو العراق- أن الحروب الأمريكية كارثة سياسية. كما أثبتت هذه الحروب أن سيادة “إسرائيل” لم تعد في منأى عن الضرر كما في السابق.  كما تعيش تحّدي البحث عن الشرعية.

أمّا مجتمعات غرب آسيا فهي أقدر على الصبر والتحّمل لتحقيق الإنتصار لفلسطين بأقّل كلفة فيما لو فرضت عليها الحرب الشاملة، والكيان الصهيوني يدرك ذلك ويدرك أنّه لن يكون بعد حين في بيئة كالتي أنشأته أو واكبت نشأته. إذًا الحفاظ على سقف ما دون الحرب الشاملة هي مصلحة محسومة لمحور المقاومة القادر بهذا الشكل من المعركة على استنزاف العدو وإرهاقه والاستفادة من صبره الاستراتيجي.

واتس اب
فیس بوک
تیلجرام
ایکس
مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخر أخبـــار
سياحة وتجوال