طريق نحو النصر وتحرير الأرض
لقد مضت عقود على الصراع المستمر بين المقاومة في لبنان والعدو الصهيوني، صراع تتجدد جذوته في كل مرحلة من مراحل العدوان. إلا أن الأوضاع في الضاحية الجنوبية اليوم تنذر بتصعيد غير مسبوق، تصعيد بات ضرورة حتمية لمواجهة التهديد الصهيوني الذي لم يكتفِ بالحصار والعدوان المباشر، بل يحاول تغيير المعادلات عبر العمليات الأمنية والهجمات المستمرة. في ضوء هذا الواقع، يجب أن يكون التصعيد جزءًا أساسيًا من الرد الاستراتيجي على هذا العدوان. وكما قال الله تعالى: “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون“.
العدوان على الضاحية الجنوبية: تأجيج الصراع
العدوان الأخير الذي استهدف الضاحية الجنوبية يمثل استمرارية لمسلسل الجرائم الصهيونية التي لا تنتهي. لقد أدرك العدو أن المقاومة في لبنان تقف عقبة أساسية أمام تحقيق مخططاته التوسعية، لذلك يسعى بكل قوة إلى تقويض هذه المقاومة عبر استهداف المدنيين والبنى التحتية. إنّ عمليات القصف المستمرة وتدمير المنازل والأحياء السكنية لن تثني عزيمة المقاومة، بل على العكس، تزيدها صلابة وإصرارًا على الرد.
إن التفجير الكبير الذي وقع في الضاحية الجنوبية والذي أسفر عن سقوط شهداء وجرحى يحمل دلالة واضحة. فالجرحى الذين أصيبوا في هذا الهجوم لم يكونوا ضحايا فقط، بل تحولوا إلى رموز للعزم والتحدي. هؤلاء الجرحى سيعودون إلى الساحة بإرادة أقوى وعقيدة صلبة، وسيكونون جزءًا من النسيج المقاوم الذي لن يتراجع أمام الإرهاب الصهيوني.
التصعيد ضرورة وليس خيارًا
في ظل هذا الواقع المعقد، يبدو أن التصعيد لم يعد خيارًا مطروحًا على طاولة النقاش، بل أصبح أمرًا لا مفر منه. المقاومة تدرك تمامًا أن إطالة أمد المعركة دون الرد الحاسم سيتيح للعدو فرصًا أكبر لتنفيذ مخططاته. لذلك، التصعيد هو الرد الوحيد الذي يمكن أن يوقف هذا العدوان ويعيد الأمور إلى نصابها.
كما قال القادة العسكريون: “إذا كانت المعركة لا بد منها، فكن صاحب الضربة الأولى”. هذه الحكمة تنطبق تمامًا على الواقع الحالي. الانتقال إلى مرحلة جديدة من الصراع أصبح ضرورة للحفاظ على المكتسبات الاستراتيجية، ولإرسال رسالة واضحة إلى العدو أن كل محاولة للعدوان ستقابل بردٍ أقسى وأعنف.
الحزام الأمني للعدو: من حماية إلى جحيم
منذ سنوات، يعتمد الجيش الصهيوني على ما يعرف بالحزام الأمني لحماية مستوطناته وقواعده العسكرية على طول الحدود. إلا أن هذا الحزام، الذي كان يُنظر إليه كوسيلة للحماية، سيتحول إلى ساحة جحيم لا يمكن السيطرة عليها. فالمقاومة تمتلك اليوم القدرة على اختراق هذا الحزام وتوجيه ضربات موجعة للعدو في عمق مواقعه.
وإنّ العمليات الدقيقة التي نفذتها المقاومة في الأشهر الأخيرة أكدت هذه القدرة، وأظهرت أن الحزام الأمني للعدو يمكن اختراقه بسهولة. وإذا لم يتراجع العدو عن عدوانه، فإن هذا الحزام سيتحول إلى مقبرة لمخططاته وسيُكتب فيه فصل جديد من الهزيمة.
سكان الشمال: هروب بلا عودة
العدوان الصهيوني يسعى بشكل مستمر إلى إعادة سكان الشمال إلى مناطقهم الآمنة. لكن مهما فعل العدو، لن يستطيع إعادة هؤلاء السكان إلى مناطقهم. فقد باتت المناطق الشمالية مكشوفة أمام ضربات المقاومة، وازدادت حالة الرعب والتوتر بين المستوطنين الذين يعيشون في خوف دائم من القصف الصاروخي.
والمعركة القادمة ستكون معركة طويلة ومعقدة، ولن يتمكن العدو من تحقيق أهدافه بإعادة الهدوء إلى مستوطناته الشمالية. كما إنّ الخوف سيبقى يسيطر على حياة هؤلاء المستوطنين، وسيزداد مع استمرار التصعيد وتوجيه المزيد من الضربات النوعية.
التآمر العربي والصمت الدولي
لا يمكن تجاهل دور المحيط العربي في هذا الصراع. الصمت العربي تجاه الجرائم الصهيونية يعكس خنوعًا وتواطؤًا غير مسبوق. بعض الأنظمة العربية اختارت الوقوف إلى جانب العدو وتقديم الدعم له بشكل مباشر أو غير مباشر. وهذا الموقف المتخاذل يزيد من معاناة الشعوب العربية ويجعل منها جزءًا من هذا العدوان.
في المقابل، الصمت الدولي يعكس فشلًا آخر للمجتمع الدولي في تحقيق العدالة والسلام. إلا أنه لا يمكننا أن ننتظر من القوى الكبرى، التي تدعم العدو بكل الوسائل، أن تقف إلى جانب الحق. المعركة اليوم هي معركة وجود، والشعوب الحرة وحدها هي التي تستطيع تغيير هذه المعادلة.
الانتقال إلى مرحلة جديدة: نحو الحسم
لقد بات من الواضح أن المعركة لا بد أن تنتقل إلى مرحلة جديدة. التصعيد لم يعد مجرد رد فعل على العدوان، بل يجب أن يصبح خطة استراتيجية تستهدف تغيير موازين القوى. فالمقاومة لديها كل الإمكانيات لفرض معادلة جديدة، تعتمد على الهجوم لا الدفاع فقط. وإن الضربات الموجعة التي تعرض لها العدو في المراحل السابقة كانت مقدمة لما هو قادم.
إن ضربات المقاومة القادمة ستعيد الأمور إلى نصابها وستثبت أن الصهاينة مهما حاولوا، لن يستطيعوا تحقيق أهدافهم. وإنّ العدو الصهيوني اليوم يعيش حالة من التخبط والارتباك، وسيواجه نهايته المحتومة قريبًا.
الخاتمة
في ظل التصعيد المستمر، يجب أن يكون الرد قويًا وحاسمًا. فالعدو الصهيوني لا يفهم سوى لغة القوة، وكل محاولة للتساهل أو التأخير في الرد ستمنحه فرصة أكبر لتدمير المزيد من الأرواح والممتلكات. المقاومة اليوم أقوى من أي وقت مضى، وعزيمتها راسخة وإرادتها لا تلين. وإن الصهاينة مهما حاولوا، لن يستطيعوا إعادة عقارب الساعة إلى الوراء…. النهاية باتت قريبة.