كربلاء جديدة والأحزاب هي الأحزاب
يعود التاريخ لينسج خيوط الحاضر بالماضي، وكأن الأقدار تعيد ذات المشهد، فكربلاء خالدة في الذاكرة لا تفنى. وها هو السيد حسن نصر الله (رض)، قائد المقاومة، رسم ملامح هذه الحكاية في عيون الملايين. وهو رجل لا يشبهه أحد، ومقاوم لا يستسلم… إنه رجلٌ بحجم أمة، بل كان رجلاً أمةً، ورجلاً بحجم التاريخ والحاضر والمستقبل… ها هو التاريخ يعيد نفسه مع استشهاده، ليقول لنا إن الأبطال يولدون من جديد. إن السيد حسن نصر الله، الذي قاد المقاومة بحزم وإرادة، لم يكن إلا رمزاً للحرية والصمود في وجه الظلم.
المقاومة والقيادة: سيد الموقف
السيد حسن نصر الله ليس مجرد قائد سياسي أو عسكري. بل هو رمز للمقاومة المتجذرة في قلب الأمة. وإنه يمثل النور في زمن الظلمات، والشجاعة في وقت الخوف… رجل يؤمن بالحق، ويقف أمام جبروت الاستكبار.
لقد كان في كلماته يسطر ملامح معركة جديدة… معركة خيبر، معركة الأحزاب، ولكنها هنا، على هذه الأرض. لم يكن هذا السيد العظيم يخاف التحديات، بل كان يتصدى لها. وفي وجه القوى العظمى، كان يقف بثبات لا يهتز، مستمداً قوته من إرث الحسين عليه السلام وأصحابه.
كربلاء الحديثة: معركة لا تنتهي
استشهاد السيد حسن نصر الله يأتي في سياق معركة دائمة. معركة بين الحق والباطل، بين الحرية والاحتلال. فكربلاء لم تكن مجرد حدث تاريخي انتهى، بل هي معركة مستمرة في كل زمان ومكان. وكما كان الحسين عليه السلام في كربلاء يقف في وجه الظلم، كان السيد حس نصر الله يقف في وجه العدوان والاحتلال.
في كلماته الأخيرة، كان السيد حسن نصر الله يقول بوضوح إن المعركة لم تنته. وكأنها رسالة للجيل القادم، بأن كربلاء مستمرة، وأن الأبطال لا يموتون بل يحيون في قلب الأمة. لقد ترك هذا السيد الذي لن يتكرر في زمنٍ من الأزمان بصمة في تاريخ المقاومة، بصمة لا تمحى، ورمزاً لا ينكسر.
خيبر جديدة: مقاومة الاحتلال
لم يكن استشهاد السيد حسن نصر الله مجرد حدث عابر. بل هو استمرار لمسار المقاومة ضد الاحتلال. وكما واجه المسلمون خيبر في الماضي، فإن المقاومة اليوم تواجه قوى الاحتلال بنفس الروح والإرادة.
خيبر اليوم ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي صراع بين إرادة الشعب في الحرية وقوى الاحتلال التي تسعى لقمعه. وكما كانت خيبر محطة فارقة في تاريخ الإسلام، فإن مقاومة الاحتلال اليوم هي محطة فارقة في تاريخ الأمة. نصر الله، بقوته وإرادته، كان يمثل رمز هذه المقاومة، وكأن خيبر تعود من جديد.
الأحزاب المتجددة: تحالفات الظلم
لم يكن السيد حسن نصر الله يخشى التحالفات التي تتآمر على المقاومة. وكما اجتمعت قريش وأحزابها في معركة الأحزاب، كانت القوى الاستعمارية تسعى للقضاء على المقاومة، إلا أنها لم تنجح… إن الأحزاب القديمة والجديدة تتغير، ولكن هدفها يبقى واحداً: قمع إرادة الشعب وحريته.
في وجه هذا العدوان، كان السيد حسن نصر الله يقول بصوت عالٍ إن المقاومة باقية، وإن الأحزاب لن تستطيع كسر إرادة الشعب. ولقد علمنا أن التحالفات الظالمة قد تتجمع، ولكنها ستنهزم أمام قوة الحق وإرادة المقاومة.
هيهات منا الذلة: إرث الحسين
“هيهات منا الذلة” كانت العبارة التي ترددها حناجر المقاومين في كل معركة. وهذه العبارة ليست مجرد كلمات، بل شعار حياة، وإرثاً تركه الحسين لكل من يسعى للحرية والكرامة. السيد حسن نصر الله، الذي سار على هذا الدرب، لم يكن يخشى الموت، بل كان يرى فيه طريقاً إلى النصر.
لقد استشهد السيد حسن نصر الله وهو مرفوع الرأس، وكأن روحه تردد نفس الكلمات التي قالها الحسين في كربلاء. لم يكن يخشى الموت، بل كان يراه خطوة نحو الحياة الحقيقية. الموت في سبيل الحق هو الحياة، والموت في سبيل الظلم هو الهزيمة.
رحلة الصمود والحرية
إنّ السيد حسن نصر الله لم يكن مجرد قائد أو سياسي، فهو رمزٌ للأمة بأسرها. وإنّ استشهاده يعيد لنا مشهد كربلاء، ويذكرنا بأن الصراع بين الحق والباطل لا ينتهي. وكما قال الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء: “إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي، فيا سيوف خذيني”... نعم، لقد كان السيد حسن نصر الله يجسد هذا المعنى، وكان استشهاده رسالة للعالم بأن المقاومة لا تموت، وأن الأبطال يولدون من جديد.
لقد كانت مسيرة السيد حسن نصر الله امتداداً لمسيرة الحسين عليه السلام، ورسالة لكل من يسعى للحرية والكرامة. وفي كربلاء الجديدة، وفي خيبر المتجددة، وفي معركة الأحزاب، يبقى السيد حسن نصر الله رمزاً لا يُنسى، وبطلاً لا يموت.