مميزات الجهاز وتداعيات التفجير في لبنان
أجهزة النداء اللاسلكي “البيجر” كانت وسيلة اتصال متقدمة في العقود الماضية، خاصة قبل ظهور الهواتف المحمولة. مؤخرا، تصدرت هذه الأجهزة العناوين بعد التفجيرات الغامضة التي طالتها في لبنان، مما أدى إلى استشهاد 12 شخصا وإصابة الآلاف بجروح. أثار هذا الحادث تساؤلات حول مميزات “البيجر” وكيفية استخدامه من قبل حزب الله، وكذلك تداعيات هذا الاستهداف على الصراع مع الكيان الصهيوني.
مميزات جهاز البيجر
البيجر هو جهاز صغير اخترعه المهندس الكندي ألفريد غروس عام 1949. يستخدم لاستقبال الرسائل النصية القصيرة أو الإشعارات العاجلة، وكان يُعتمد عليه بشكل كبير في القطاعات التي تتطلب استجابة سريعة مثل المجال الطبي والأمني.
أبرز مميزات جهاز البيجر:
- البساطة والكفاءة: يتميز البيجر بقدرته على إرسال واستقبال رسائل نصية قصيرة بشكل فعال وسريع. فهو لا يتطلب تعقيدات الهواتف المحمولة الذكية ويعمل بتقنية بسيطة تلبي حاجات الاتصال الضرورية.
- اعتمادية البطارية: يعتمد البيجر على بطاريات الليثيوم التي تمكنه من العمل لأيام متواصلة دون الحاجة إلى إعادة الشحن. وهذا يمنحه ميزة هامة في البيئات التي تتطلب جهوزية مستمرة.
- التغطية اللاسلكية: يعتمد البيجر على موجات راديوية لاسلكية تُرسل عبر هوائيات متخصصة. هذه التقنية تمنح الجهاز قدرة كبيرة على الوصول إلى المناطق النائية أو التي تعاني من ضعف في تغطية الشبكة.
- التحمل والمتانة: تم تصميم البيجر ليكون مقاومًا للظروف القاسية والاستخدام المتكرر. وهو ما يفسر استخدامه في قطاعات تتطلب موثوقية كبيرة مثل المستشفيات والمؤسسات الأمنية.
- القدرة على العمل في بيئات معقدة: بسبب عدم اعتماده على الإنترنت أو شبكات الهواتف المحمولة… يصبح البيجر خيارا آمنا للتواصل في البيئات الحساسة، حيث يتم تقليل خطر الاختراق أو التتبع.
لماذا يستخدم حزب الله أجهزة البيجر؟
يعتبر البيجر وسيلة تواصل فعالة لعناصر حزب الله نظرا لعدة عوامل. من أهمها أن الجهاز لا يعتمد على شبكة الإنترنت، مما يجعله أقل عرضة للاختراق الإلكتروني. يُستخدم البيجر عبر ترددات محددة وأمواج راديوية لاسلكية، وهو ما يصعّب على الجهات المعادية مراقبته.
هذا الاستخدام الفعّال من قِبل حزب الله يعكس رغبة الحزب في اعتماد وسائل اتصال تقليدية وآمنة بعيدًا عن الأنظمة الحديثة التي يمكن أن تتعرض للاختراق.
الهجوم على أجهزة البيجر في لبنان: خلفياته ودلالاته
وقع التفجير الكبير الذي استهدف أجهزة البيجر في لبنان في 17 أيلول 2024، وأدى إلى استشهاد وجرح الآلاف. وتُعد هذه الحادثة غير مسبوقة من حيث نوعيتها وأسلوب تنفيذها، إذ لم يسبق أن استُهدفت أجهزة البيجر بهذا الشكل المباشر.
تُرجح بعض التحليلات أن الكيان الصهيوني كان وراء هذه العملية… خاصة في ظل توتر العلاقات بين الكيان الصهيوني وحزب الله خلال الفترة الأخيرة. فقد يكون هذا الهجوم محاولة لتقويض وسائل الاتصال الداخلية لحزب الله وتعطيل عملياته اللوجستية.
التداعيات على المواجهة بين حزب الله وإسرائيل
أثارت التفجيرات موجة من التساؤلات حول تأثيرها على التوازن الاستراتيجي بين حزب الله وإسرائيل. فقد تؤدي هذه العملية إلى زيادة التوترات، كما أنه من المرجح أن يرد الحزب على هذه الخسائر مع تجنب أي تصعيد إضافي.
احتمالات التصعيد: إن هذا الهجوم قد يكون جزءا من حرب الظل القائمة بين الطرفين، والتي تعتمد على تكتيكات محدودة لضرب أهداف استراتيجية دون الانزلاق إلى حرب شاملة. ومع ذلك، يظل احتمال اندلاع صراع كبير بين الطرفين قائما، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتزايدة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.
وتشير التقديرات إلى أن حزب الله قد يضطر لإعادة تنظيم شبكاته الداخلية وتأمين وسائل اتصاله بعد هذا الهجوم. في الوقت نفسه، قد يحاول الحزب الرد بعمليات محدودة ضد أهداف إسرائيلية كرد على هذا التصعيد.
العوامل الدولية: تسعى الولايات المتحدة ودول أوروبية إلى تهدئة الأوضاع ومنع تفاقم الأزمة بين الكيان الصهيوني وحزب الله. حيث إن واشنطن تبذل جهودًا كبيرة للحيلولة دون نشوب حرب واسعة النطاق في المنطقة، فهي ترى أن أي تصعيد قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على المستويين الإنساني والاقتصادي.
الآثار الإقليمية المحتملة
يأتي هذا الهجوم في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط اضطرابات كبيرة. فالتصعيد في لبنان قد يجر دولًا أخرى إلى النزاع، خاصة في ظل تدخلات إقليمية مستمرة من إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله. كما أن أي مواجهة كبيرة قد تؤثر على أسواق النفط والاستقرار السياسي في المنطقة ككل.
يظل احتمال نشوب مواجهة واسعة بين حزب الله والكيان الصهيوني موضوعا شائكا. وعلى الرغم من امتلاك الطرفين قدرات عسكرية كبيرة، فإن الحسابات الاستراتيجية تدفعهما إلى تجنب الانخراط في حرب شاملة. وإن الخسائر الاقتصادية والإنسانية المتوقعة قد تكون حافزا لاحتواء الموقف والبحث عن حلول دبلوماسية.
ختاماً
حادثة استهداف أجهزة البيجر في لبنان تشكل نقطة تحول في الصراع القائم بين حزب الله والكيان الصهيوني. ومع أن هذه العملية قد تكون جزءا من الحرب الاستخباراتية المتبادلة بين الطرفين، فإنها تحمل مخاطر كبيرة إذا ما أدت إلى تصعيد إضافي.