انفجارات أجهزة الاستدعاء

البيجر

نقطة تحول في المواجهة بين الكيان الصهيوني وحزب الله

في سابقة غير مألوفة ضمن مسار المواجهة بين الكيان الصهيوني وحزب الله، شهدت الساحة اللبنانية انفجارات غامضة لأجهزة استدعاء كانت بحوزة أعضاء حزب الله. هذه الانفجارات، التي تزامنت مع استهدافات مشابهة لقوات الحرس الثوري الإيراني في دمشق وإصابة السفير الإيراني في بيروت، تطرح تساؤلات جديدة حول تكتيكات الصراع الدائر بين الأطراف. فهل يمكن أن تكون هذه الحوادث نقطة تحول استراتيجية؟ وما الذي تحمله الأيام القادمة من تصعيد أو تهدئة؟

توسيع رقعة الصراع: تداخل بين لبنان وسوريا

تأتي الانفجارات التي استهدفت أجهزة الاستدعاء الخاصة بعناصر حزب الله في سياق تصعيدي بين حزب الله والكيان الصهيوني. لكن المثير للاهتمام هو أن هذه الانفجارات لم تقتصر على لبنان، بل امتدت إلى سوريا. ففي دمشق، استهدفت الانفجارات قوات الحرس الثوري الإيراني، القوة الرئيسية الداعمة لحزب الله. كما أصيب السفير الإيراني في بيروت نتيجة لانفجار جهاز الاستدعاء الخاص بحارسه الشخصي. هذا التزامن والتوسع في الاستهداف يؤكد أن الكيان الصهيوني يسعى إلى ضرب العمود الفقري للتحالف الإيراني-اللبناني، بما في ذلك القوات الإيرانية وحزب الله.

إيران وضبط النفس:

بعد هذه التطورات، نتساءل حول مدى قدرة إيران على الصبر والاستمرار في سياسة ضبط النفس التي انتهجتها حتى الآن. فرغم اغتيال إسماعيل هنية، رئيس حركة حماس، لم ترد إيران بشكل مباشر على إسرائيل. هذا الصمت اعتُبر إشارة إلى رغبة إيران في إعطاء فرصة للمفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة. ولكن، مع دخول هذه المفاوضات في حالة جمود، وتصاعد الضغوط على إيران نتيجة هذه الانفجارات، يبدو أن سياسة ضبط النفس الإيرانية باتت تلفظ أنفاساً أخيرة.

التحدي الإسرائيلي: مواجهة قدرات حزب الله المتزايدة

نتنياهو يدرك جيدًا أن مواجهة حزب الله تتطلب استراتيجية مغايرة لما تم اتباعه في غزة. فحزب الله يتمتع بقدرات عسكرية وتكتيكية أكبر بكثير من حماس… ولذلك فإن التصعيد مع الحزب يهدد باستنزاف طويل الأمد للكيان الصهيوني. لكن يبدو أن قيادة الكيان الصهيونية لا ترى بديلاً عن التحرك لضرب هذه القدرات العسكرية في محاولة لتقليص التهديد المتنامي على حدودها الشمالية.

انفجارات أجهزة الاستدعاء: فرضيات متعددة

من بين الألغاز التي أثارتها هذه الانفجارات، هو السؤال حول كيفية حدوثها بشكل منسق ومفاجئ. وفقًا لما ذكره الكاتب Alexis Feertchak في صحيفة Le Figaro، ظهرت ثلاث فرضيات رئيسية لتفسير كيفية انفجار هذه الأجهزة:

  1. فرضية تسخين بطاريات الليثيوم: تفترض هذه النظرية أن بطاريات الليثيوم في أجهزة الاستدعاء تعرضت للاختراق، ما أدى إلى تسخينها بشكل غير طبيعي وانفجارها. ورغم بساطة هذه النظرية، إلا أنها قوبلت بالتشكيك، حيث أن هذه الأجهزة قديمة ولا تستخدم بشكل واسع… وبالتالي يصعب تصور أن خللاً تقنيًا في البطاريات هو السبب الوحيد لهذه الانفجارات.
  2. فرضية التفخيخ المباشر: النظرية الثانية تشير إلى أن آلاف أجهزة الاستدعاء تم تفخيخها بعبوات متفجرة صغيرة. تفخيخ جهاز واحد أو عدد محدود من الأجهزة قد يكون ممكنًا، ولكن الحديث عن تفخيخ آلاف الأجهزة دون لفت الانتباه يتطلب عملاً استخباراتيًا ضخمًا واعتراضاً كاملاً لسلسلة التوريد. وهو أمر يعتبر صعب التحقيق بدون أن يتم كشفه.
  3. فرضية الاختراق الإسرائيلي: النظرية الأكثر إثارة هي تلك التي تقول إن الموساد الإسرائيلي تمكن من اختراق عملية إنتاج أجهزة الاستدعاء. وفق هذه الفرضية، تم زرع قنابل صغيرة بالقرب من البطاريات داخل الأجهزة، وتم التحكم في تفجيرها عن بُعد. إذا صحت هذه النظرية، فإنها تشير إلى تحول خطير في تكتيكات إسرائيل، حيث تتجاوز المواجهة المباشرة إلى حرب استخباراتية متطورة تهدف إلى ضرب العمق العملياتي لحزب الله.

التداعيات الاستراتيجية: ماذا بعد هذه الانفجارات؟

هذه الانفجارات قد تمثل نقطة تحول استراتيجية في المواجهة بين الكيان وحزب الله. فهي ليست مجرد استهداف عسكري تقليدي، بل عملية معقدة ومبنية على تقنيات حديثة واستخبارات متقدمة. إذا كانت إسرائيل وراء هذه الانفجارات بالفعل… فإن ذلك يعني أنها تعمل على تغيير قواعد اللعبة في المنطقة، حيث تسعى إلى ضرب البنية التحتية والقدرات العملياتية لحزب الله من الداخل.

ومع ذلك، فإن الرد المتوقع من حزب الله وإيران قد يحمل في طياته مفاجآت كبير. رغم أن التصعيد المباشر قد يؤدي إلى حرب شاملة على الحدود اللبنانية… وهو ما تحاول أن تتجنبه الأطراف في هذه المرحلة. ولكن في المقابل، لا يمكن تجاهل هذه الهجمات فذلك ليس خياراً سهلاً، خصوصاً مع الضغوط المتزايدة على إيران وحلفائها في المنطقة.

تصعيد أم تهدئة؟

في ظل هذه التطورات، يبقى السؤال الأكبر هو: هل ستتمكن الأطراف من السيطرة على التصعيد؟ الكيان الصهيوني يسعى إلى تقليص قدرات حزب الله، ولكن دون الدخول في حرب شاملة. في المقابل، إيران وحزب الله سيردون بعمليات انتقامية محدودة لتجنب التصعيد الكبير. والأكيد أن هذه الانفجارات تمثل لحظة حاسمة في الصراع، وقد تدفع باتجاه تغيير المعادلات الإقليمية.

واتس اب
فیس بوک
تیلجرام
ایکس
مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخر أخبـــار
سياحة وتجوال