إيران بعد اغتيال هنية: بين الوهن والجبروت

هنية

مقدمة

إن اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر يعد واحدًا من الجرائم البشعة التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق قادة المقاومة الفلسطينية. يعتبر هذا الحدث علامة فارقة في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، حيث يلقي الضوء على التحديات التي تواجهها إيران في سياق دعمها للمقاومة الفلسطينية، بالإضافة إلى الأسئلة التي تثار حول قوتها ونفوذها في المنطقة. في هذا المقال، سنستعرض تفاصيل هذا الاغتيال ونحلل موقف إيران وموقف الدول الأخرى، مثل قطر وتركيا ومصر، ونناقش كيفية تأثير هذه الأحداث على الصراع الطائفي في المنطقة.

خلفية الاغتيال وزيارة هنية إلى إيران

إسماعيل هنية، زعيم حركة حماس، هو شخصية بارزة في المقاومة الفلسطينية، وقد قام بجولات دولية عديدة لتعزيز الدعم لقضيته. زار هنية تركيا وقطر ومصر، ولكن عند زيارته إلى إيران تم اغتياله. هذه ليست المرة الأولى التي يزور فيها هنية إيران، إذ سبق أن زارها واستُقبل بحفاوة كبيرة.

إن إيران تقدم دعمًا ماليًا وسياسيًا لحماس، تمامًا كما تقدم بعض الدول الحماية والإقامة للجنود الأمريكيين. لكن لماذا تم اغتياله في إيران؟

الأبعاد الجيوسياسية للاغتيال

تعتبر قطر وتركيا ومصر دولًا تحتوي على قواعد عسكرية أمريكية. إذا أراد الكيان الصهيوني اغتيال هنية في أي من هذه الدول، كان يمكنها فعل ذلك بسهولة. إذاً، لماذا اختارت إيران؟… إن الأمر يتعلق بالبعد الدعائي والسياسي.

إن اغتيال زعيم حماس السني في إيران يخدم أجندة معينة لتأجيج الصراع السني الشيعي، مما يعزز الرواية القائلة بأن إيران هي عدو العرب والسنة.

إسرائيل، التي قتلت أكثر من 40 ألف فلسطيني في الأشهر العشرة الماضية، تسعى دائمًا لتشتيت الانتباه عن جرائمها، واستغلال أي فرصة لتأجيج الصراعات الداخلية في العالم الإسلامي. ولكن الرد الإيراني على هذا الاغتيال كان قوياً وواضحاً، مما يظهر أن إيران ليست نمرًا من ورق.

الأبعاد التاريخية والدعائية للاغتيالات

لا يمكن النظر إلى اغتيال هنية بمعزل عن السياق التاريخي. في عام 2010، تم اغتيال القيادي في حماس، محمد المبحوح، في الإمارات العربية المتحدة. هل أثار هذا الاغتيال غضبًا كبيرًا ضد العرب والسنة؟ بالطبع لا. الأمر هنا يتعلق بالطريقة التي يُراد بها استخدام هذه الأحداث لخلق الفتنة.

في نفس السياق، يثار السؤال حول عدم اغتيال السيد حسن نصر الله، زعيم حزب الله. الحقيقة أن العدو لا يفرق بين السنة والشيعة عندما يتعلق الأمر بمقاومة الصهيونية. فقد تم اغتيال أحد قادة حزب الله، السيد محسن، في نفس اليوم. إذن، العدو يستهدف كل من يعارضه دون تمييز.

تحديات الحماية والأمن

يُطرح دائمًا سؤال حول قدرة إيران على حماية قادتها وقادة المقاومة. يجب أن نتذكر أن إيران قد تعرضت لعمليات اغتيال متعددة، بما في ذلك اغتيال الرئيس الإيراني السابق محمد علي رجائي ومحاولة اغتيال آية الله الإمام علي الخامنئي في عام 1989. هذا يدل على أن مواجهة القوى العظمى تأتي مع تضحيات كبيرة، وأن القادة يعرفون المخاطر ولكنهم يختارون الاستمرار في المقاومة.

الأبعاد الطائفية والسياسية

يتهم البعض إيران بعدم القدرة على حماية قادتها، وينسون من يحمي إسرائيل فعليًا. إن اللعب على وتر الطائفية لخدمة أجندات معينة هو أمر خطير. على الرغم من هذه الاتهامات، يجب أن نذكر أن المقاومة لا تميز بين الطوائف والأعراق. السؤال الأهم هنا هو: من يدافع عن المقاومة ومن يساعدها؟

خاتمة

إن اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر هو جريمة نكراء تؤكد على وحشية الكيان الصهيوني واستهدافه لقادة المقاومة بلا تمييز. يجب على الجميع فهم أن هذا الصراع ليس طائفيًا، بل هو صراع ضد الاحتلال والظلم.

إن إيران، برغم كل التحديات، تظل قوة داعمة للمقاومة، والرد على هذا الاغتيال قادم لا محالة. وعلينا أن نكون واعين للأبعاد الحقيقية لهذا الصراع وأن نتجنب الوقوع في فخ الفتنة الطائفية التي يسعى العدو لزرعها بيننا.

واتس اب
فیس بوک
تیلجرام
ایکس
مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخر أخبـــار
سياحة وتجوال