الوحش في ثوب الضحية

أمريكا رأس الإرهاب

الوقاحة السياسية وتزييف الحقائقالتلاعب بالحريات والديمقراطية

في عالم السياسة، تبرز الوقاحة في أوضح صورها عندما تتبنى الأنظمة القوية خطاب الضحية، فيما تمارس القمع والتدمير. الولايات المتحدة، التي لطالما رفعت شعارات الحرية والديمقراطية، تستمر في ملاحقة من يقاومون الاحتلال والظلم، وتصنّفهم كإرهابيين، في حين تدعم حكومات ترتكب الانتهاكات.

عندما تتحدث واشنطن عن حقوق الإنسان والديمقراطية، يختفي الحديث عن الجرائم المرتكبة بحق الشعوب المحتلة. أمريكا التي تدّعي حماية الحريات، تتغاضى عن حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه. هذا هو الوجه الحقيقي لما يُسمى بالديمقراطيات الغربية التي تغلف الهيمنة والسيطرة بغلاف براق.

اتهامات “الإرهاب” ضد قادة المقاومة

في خطوة تمثل التناقض الواضح في السياسات الأمريكية، أعلنت الولايات المتحدة توجيه اتهامات جنائية ضد عدد من قادة حركة “حماس” الفلسطينية. يحيى السنوار وخالد مشعل ومحمد الضيف وغيرهم، تصدّروا لائحة الاتهام بتهمة التخطيط والدعم لتنفيذ هجمات ضد إسرائيل. هذا التحرك جاء بعد ما وصفته أمريكا بهجمات 7 أكتوبر، في وقت تغض النظر عن الاحتلال المستمر والجرائم التي ترتكبها إسرائيل يوميًا بحق الشعب الفلسطيني.

وزير العدل الأمريكي، ميريك جارلاند، صرح بأن هذه الاتهامات تمثل جزءًا من جهود الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب. ولكن، من هو الإرهابي في هذه الصورة؟ كيف يمكن لمن يدافع عن أرضه، ويرد على الاعتداءات المتكررة، أن يوصف بالإرهاب؟ أليست مقاومة الاحتلال حقًا مشروعًا يكفله القانون الدولي؟

دعم “إسرائيل” وتهميش الضحية الحقيقية

الولايات المتحدة تواصل دعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا، على الرغم من الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي. تُمنح إسرائيل الحصانة المطلقة، وتُقدم لها كل أنواع الدعم، في حين يُجرّم من يقاومها. هذا الدعم يُظهر الازدواجية التي تتسم بها السياسات الأمريكية.

من المثير للسخرية أن تدعي أمريكا حرصها على حماية المدنيين، بينما تتغاضى عن مقتل آلاف الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال والنساء. كيف يمكن لدولة تدعم نظام الفصل العنصري في إسرائيل أن تتحدث عن حماية حقوق الإنسان؟ هذا التناقض هو جزء من الاستراتيجية الأمريكية لإبقاء السيطرة على المنطقة، وتبرير كل فعل يخدم مصالحها.

التلاعب بالحقائق وتضليل الرأي العام

الخطاب الإعلامي الذي تتبناه الولايات المتحدة يسعى لتشويه صورة المقاومة الفلسطينية، ويقدم إسرائيل كضحية، بينما تستمر في احتلال الأراضي الفلسطينية. الإعلام الغربي، المدعوم من الحكومات الغربية، يساهم في تكريس هذه الصورة المشوهة، حيث يتم التركيز على أي عملية مقاومة فلسطينية، في حين يتم تجاهل الجرائم الإسرائيلية المستمرة.

التلاعب بالمصطلحات هو أحد أدوات هذه الاستراتيجية. مقاومة الاحتلال تُصبح “إرهابًا”، والمدافعون عن أرضهم يصبحون “إرهابيين”. في المقابل، تُقدَّم إسرائيل كدولة “ديمقراطية” تحاول حماية نفسها من “الإرهاب”. هذا التحريف للواقع ليس فقط استهتارًا بالعقول، بل هو أيضًا محاولة لفرض رواية معينة، تخدم أهداف الاحتلال وتُجرّم كل من يعارضه.

إيران وحزب الله: الشماعة الدائمة

دائمًا ما تُستخدم إيران وحزب الله كذريعة لتبرير أي تحرك أمريكي ضد المقاومة الفلسطينية. الاتهامات الجنائية التي وجهتها الولايات المتحدة لقادة حماس تضمنت إشارة إلى الدعم الإيراني واللبناني. هذا الأسلوب ليس جديدًا، فهو يستخدم كلما أرادت أمريكا تبرير تصعيدها ضد أي جهة مقاومة للاحتلال الإسرائيلي.

الربط بين المقاومة الفلسطينية وإيران هو محاولة لتصوير الصراع على أنه جزء من الصراع الإقليمي، وليس نضالًا شرعيًا ضد الاحتلال. هذا الخطاب يسعى لتشويه الصورة الحقيقية للمقاومة، ويحوّل الصراع إلى مجرد جزء من الأجندات الإقليمية والدولية. لكن في الحقيقة، القضية الفلسطينية كانت ولا تزال قضية حق مشروع لشعب محتل، يقاوم لاستعادة أرضه وحريته.

هل تتوقف هذه الوقاحة؟

الوقاحة السياسية التي تلبس ثوب الضحية لن تتوقف طالما استمرت الأنظمة القوية في فرض هيمنتها. واشنطن وغيرها من القوى العالمية ستواصل دعم إسرائيل مهما بلغت جرائمها، لأنها تخدم مصالحها الاستراتيجية في المنطقة. في الوقت ذاته، ستبقى المقاومة الفلسطينية، كغيرها من حركات التحرر في التاريخ، تُصنَّف بالإرهاب، رغم أنها تدافع عن حقها في الوجود.

القضية ليست في كيفية مقاومة هذا الاحتلال، بل في استمرار احتلال أرض وسلب حقوق شعب كامل. أليس من حق الفلسطيني أن يدافع عن أرضه؟ أليست المقاومة حقًا شرعيًا في مواجهة العدوان؟ هذه الأسئلة تبقى بلا إجابة في ظل سياسات دولية متناقضة ومزدوجة المعايير.

خلاصة

الولايات المتحدة وغيرها من القوى الكبرى تواصل التلاعب بالحقائق، وتدعم إسرائيل، في حين تُجرّم المقاومة الفلسطينية. هذه الوقاحة السياسية تعكس الوجه الحقيقي للديمقراطيات الغربية التي ترفع شعارات زائفة للحريات، بينما تمارس القمع والظلم. في النهاية، سيبقى الشعب الفلسطيني، كغيره من الشعوب المحتلة، يقاوم حتى نيل حريته وحقه المشروع في أرضه.

واتس اب
فیس بوک
تیلجرام
ایکس
مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخر أخبـــار
سياحة وتجوال