معركة المصير بين الحسم والتخاذل
ما بعد غزة والضفة، الخطر المقبل على لبنان
لم يعد مفاجئًا أن نتنياهو قد شرع في تنفيذ استراتيجيته لتصفية القضية الفلسطينية. بعد ذبح غزة وتحويلها إلى مقبرة للأحياء، باتت الضفة الغربية هي الهدف التالي. هذا ليس مجرد تصعيد عسكري، بل هو تنفيذ لخطط معلنة. منذ بداية الأحداث الأخيرة في الأقصى، أعلن نتنياهو حربًا وجودية. حربًا لا تعترف بسلطة ولا بحكومة ولا بحدود. تجاهل كل التحذيرات الدولية والقرارات الأممية، مصممًا على تنفيذ أجندته الخاصة.
الاستراتيجية الإسرائيلية: السيطرة الكاملة تحت غطاء الاستيطان
منذ صعود نتنياهو إلى السلطة، كان يسعى للسيطرة الكاملة على إسرائيل، ولتحقيق ذلك، بدأ بتصفية المعارضين والنقاد، مستغلاً الفرص لتعزيز قبضته على الحكم. يحكم إسرائيل الآن بشكل منفرد، طاغية يطلق يد المتطرفين مثل بن غفير وسموتريتش. هؤلاء قاموا بتسليح مئات الآلاف من المستوطنين، ونقلوا صلاحيات الجيش في الضفة الغربية إلى وزارة بن غفير.
المخططات الإسرائيلية لم تتوقف عند هذا الحد، بل تجاوزت الخطوط الحمراء. أعلن بن غفير عن نيته بناء كنيست في الأقصى، في تحدٍّ صارخ للمقدسات الإسلامية. هذه التحركات لم تقابل برد فعل حاسم من العالم العربي أو الإسلامي، بل استمر الجميع في الفرجة والانتظار.
مذبحة الضفة: إعلان كالانت والتحضيرات النهائية
قبل أسابيع من بدء المذبحة في الضفة، كان الإعلام الإسرائيلي يروج لتحضيرات ضخمة. وذلك بأن الضفة الغربية ستواجه نفس مصير غزة، لكن الكثيرين اختاروا تجاهل ذلك. المذبحة بدأت بالفعل، والناس ما زالوا لاهين، مشغولين بمشاهدة التلفاز ومتابعة البطولات الوهمية على منصات التواصل الاجتماعي.
في هذا السياق، السؤال الملح: ما الذي يمنع الشارع من الانفجار؟ لماذا تظل النخب والأنظمة صامتة؟ الحالمون بتحرير القدس والأقصى ينتظرون، لكن الفرصة الذهبية قد لا تدوم طويلاً. إذا لم يبدأ الزحف إلى القدس غدًا، فلن يكون هناك أبدًا.
الفرص في ظل الصراع: الفرصة تأتي مرة واحدة
الفرص نادرة وسريعة الانصراف، كما قال لينين: “الثوريون يتسمرون عند الشعارات، يتحدثون دهورًا عن الثورة، وتأتي وتذهب وهم ينتظرون”. لقد أثبت التاريخ أن الفرصة تأتي مرة واحدة، وإذا لم يدركها الثوريون، ستفوتهم إلى الأبد.
نتنياهو يدرك جيدًا أن هذه هي لحظته، وقد قرر أن الزمن قد حان لتصفية القضية الفلسطينية. بعد غزة، جاء دور الضفة، والهدف التالي هو لبنان. إذا تُركت الضفة لتذبح، فلن يتأخر الدور على لبنان.
لبنان على المحك: الاستراتيجية الوجودية لإسرائيل
إسرائيل ترى هذه اللحظة كفرصة أخيرة لها. أعلنتها حرب وجود، وأكدت مرارًا: إذا خسرنا الحرب، فلا مكان لإسرائيل في المنطقة. لكنها أيضًا فرصة للمقاومة والمحور والأمة لتحقيق النصر. إذا لم تُستغل هذه اللحظة، قد تضيع الفرصة إلى الأبد.
التاريخ لا يرحم، والزمن لا يتساهل مع من يتجاهل حاجاته. فلسطين على عتبة إما التصفية النهائية لقضيتها أو الانتصار وانهاء وجود إسرائيل. لا مكان لحروب الجولات بعد الآن، ولا للانتظار ولا للصبر الاستراتيجي. كل هذه التكتيكات قد جربت واستنفذت، وحققت غاياتها.
محور المقاومة: هل يُفوت الفرصة؟
المعطيات تشير إلى أن محور المقاومة لن يُفوت الفرصة. السيد حسن نصرالله أعلن بوضوح: خطة نتنياهو بعد غزة هي الضفة، وهدفه تصفية القضية الفلسطينية. السيد نصرالله، كقائد للمحور في هذه الحرب، أكد أن مهمتهم هي إفشال مخطط نتنياهو. هذا يعني أن المحور يدرك حجم التحدي ويتعامل معه بحكمة وصلابة، ساعيًا لتحقيق النصر.
معركة الوجود: الحسم أو الانهيار
الزمن الحالي هو زمن الحسم. إنها حرب وجودية ومصيرية لن تنتهي إلا بهزيمة فريق وانتصار الآخر. من يهزم سيغيب طويلاً، ومن ينتصر سيسود عصراً جديدًا. الزحف إلى القدس يجب أن يبدأ غدًا، أو لن يكون أبدًا.
الحرب الجارية هي حرب تحرير فلسطين من البحر إلى النهر. كل الشروط والظروف متاحة الآن. من غير المنطقي أن يفوتها محور المقاومة. وإذا حدث ذلك، فإن الفرصة ستكون قد ضاعت إلى الأبد.
خلاصة: الزحف إلى القدس أو الفشل المؤكد
نحن أمام لحظة حاسمة في التاريخ. الخيار واضح: الزحف إلى القدس غدًا أو ضياع الفرصة للأبد. نتنياهو يعرف جيدًا ما يقوم به، ويسعى لتنفيذ مخططه بكل قوة. لكنه ليس وحده من يمتلك الفرصة. محور المقاومة لديه الفرصة لتحقيق النصر وكتابة فصل جديد في تاريخ المنطقة.
إذا لم يتحرك المحور الآن، فإن الفرصة قد تضيع إلى الأبد. فلسطين اليوم تقف على مفترق طرق: إما التصفية النهائية للقضية، أو النصر وانهاء وجود إسرائيل. لا مجال للتخاذل، ولا وقت للتردد. إنها لحظة الحقيقة، والقرار بيد المقاومة. الزحف إلى القدس ليس خيارًا، بل ضرورة حتمية.