لا بدّ وأنّ الكيان الصهيوني قد وضع كافة قواته الدفاعية والجوية في حالة استنفار قصوى، بعد الضربة التي قام بها الكيان على القنصلية الإيرانية في دمشق، والتي أدت إلى استشهاد عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، كما أمر الكيان المحتل جميع سفاراته وممثليه في العالم كي يتبعوا أعلى درجات الإجراءات الأمنية المكثفة، فأغلق بذلك حوالي 28 سفارة في عدد من دول العالم.
ولا ريب في أن الرد الإيراني قادم لا محالة، وهذا ما أوردته التقارير الرسمية الأمريكية والتي توقعت أن يكون قبل نهاية الشهر الفضيل. ولا بد لنا من الإشارة في أن ذلك العدوان ليس هو الأول فقد استهدف الكيان المحتل أهدافاً للجمهورية الإسلامية الإيرانية مرات عديدة قبل ذلك، ولكن لم يكونوا بحجم وطبيعة هذا العدوان، حيث يعتبر الاعتداء على القنصلية الإيرانية اعتداء على السيادة الإيرانية، فالسفارة أو القنصلية ليست إلا أرضاً إيرانية في النهاية وفقاً للقانون الدولي، وبالتالي من المؤكد أن إيران تقوم بالتحضير للرد الحاسم والرادع وفق ما وصفته الصحف الإيرانية.
ولقد أبلغت الولايات المتحدة الأمريكية الجانب الإيراني بأنه لا علم لها في هذا العدوان أو بهدفه، وردت إيران تعقيباً على ذلك بطلبها من الولايات المتحدة الأمريكية التنحي جانباً ولا تتدخل بردها على الكيان المحتل، ولكن هل هذا ما سيحصل؟!!، فقد وجهت ايران رسالة مكتوبة لواشنطن وفق ما أعلن عنه نائب رئيس مكتب الرئيس الإيراني محمد جمشيدي، وتحذر فيها واشنطن من الانجرار إلى فخ نتنياهو.
كيف سيكون الرد؟؟
وفي هذا السياق لا بد لنا أن نناقش السيناريوهات المحتملة للرد الإيراني، حيث يمكن أن يحدث الهجوم في عمق الكيان الاسرائيلي، ومن الممكن أن يتسبب في خسائر وأضرار فادحة ويجب أن يكون مرئياً ومسموعاً حتى تحافظ إيران على مكانتها السياسية والعسكرية في العالم، حتى يتمكن الجميع من رؤيته، وبذلك يكون الهدف منه أن يعرف الجميع أن قوة الكيان ليست إلا في نطاق عمليات القتل في قطاع غزة، فهو أوهن من بيت العنكبوت، وبالتالي سيعرف الكيان الصهيوني أنه إذا أراد القيام بعمل جديد فإن ذلك سيكلفه أثمانا مضاعفة جداً.
ومن المحتمل أن يكون الرد وفق مفهوم حرب الوكالة من خلال المجموعات المتحالفة معها، سواء في العراق أو لبنان أو اليمن، وتستهدف إيران من خلالها محطات الطاقة الثلاث في إسرائيل، بالإضافة إلى 22 محطة نقل طاقة، ناهيك عن زيادة دعمها لمحور المقاومة في منطقة الشرق الأوسط والذي يمكنها من خلالها الرد كما أسلفنا.
وكانت شبكة “سي بي إس” الأمريكية قد نقلت عن مسؤولين أمريكيين وجود “معلومات استخباراتية تشير إلى أن إيران تخطط لهجوم يتضمن إطلاق مجموعة مسيرات من طراز ‘شاهد‘ المتفجرة وصواريخ كروز”.
وأوردت الشبكة عن المسؤولين، من دون الكشف عن هويتهم، قولهم إنهم لا يعرفون توقيت وهدف الرد الإيراني المتوقع.
ولا بد من الإشارة إلى أنه وحتى اللحظة تبدو طهران وكأنها تلعب بسرية تامة لإضفاء نوع من الإرباك بشأن طبيعة وحجم ردها، ولكن كيف يمكنها القيام بذلك دون المخاطرة بإشعال فتيل صراع إقليمي أوسع، حيث أن طهران لا بد وأنها تواجه هذه الإشكالية: رغبة شديدة في الرد دون الدخول في حرب واسعة، ولكن وفي نفس الوقت فعدم رد إيران سيكون مؤذيا لإيران حيث ستبدو وأنها نمر من ورق في ميزان القوى الاقليمية الفاعلة.
ويعتقد مراقبون أنه على الرغم من الاعتقاد بأن المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل مستبعدة في هذه المرحلة، إلا أنها في حال وقعت فستكون مدمرة للجانبين، إذ ستستهدف كل من إيران وإسرائيل البنى التحتية ومراكز الدولة في كل منهما، وسيكون أمام إيران أيضا خيار استهداف المصالح الإسرائيلية النفطية في المتوسط، وفي حال حصول هذه المواجهة، ستنضم بشكل مؤكد الفصائل المنضوية تحت اللواء الإيراني في المنطقة، وربما حينها تتحول هذه المواجهة من إقليمية إلى عالمية في حال انضمت الولايات المتحدة إلى المعركة.