أصبح الجوع السلاح الجديد في الحرب
لقد جددت الأمم المتحدة التحذير من خطر حدوث مجاعة في غزة، فهي تقول إن ما لا يقل عن 576 ألف فلسطيني في القطاع المحاصر، أي ربع السكان، هم الآن على شفا المجاعة، وتحذر من أن الوقت ينفد بالنسبة لنحو 300 ألف شخص في الشمال الذين ليس لديهم سوى القليل جدا من الطعام والماء الصالح للشراب.
وفي هذا السياق، اتهمت منظمة “أوكسفام” غير الحكومية، في تقرير، الإثنين 18 آذار 2024، الكيان المحتل بـ”تعمد” منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، بما في ذلك المواد الغذائية والمعدات الطبية، منتهكين في ذلك القانون الإنساني الدولي، حيث قالت منظمة “أوكسفام” في تقريرها: “رغم مسؤوليتها كقوة احتلال، فإن ممارسات إسرائيل وقراراتها تُواصل بشكل منهجي ومتعمد عرقلة ومنع أي استجابة إنسانية دولية ذات مغزى في قطاع غزة”.
كما أن جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، اتهم إسرائيل بإحداث مجاعة في قطاع غزة، واستخدام التجويع سلاحا في الحرب، وقال بوريل في افتتاح مؤتمر بشأن المساعدات الإنسانية لغزة في بروكسل: “في غزة لم نعد على شفا المجاعة، نحن في حالة مجاعة يعاني منها آلاف الأشخاص”.
أما كريستيان ليندماير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية قالت إن البيانات الرسمية تفيد بأن طفلا عاشرا – مسجلا بأحد المستشفيات – مات تضورا من الجوع، وفي مؤتمر صحفي عقدته وكالات الأمم المتحدة في جنيف بداية مارس 2024، قال ليندماير إن العدد الحقيقي للأطفال الذين ماتوا جوعا ربما يكون أعلى من ذلك، وحول استمرار تفشي الأمراض، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن النقطة الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في جباليا- شمال غزة- تستقبل ما يتراوح بين 100 و150 حالة من التهاب الكبد الفيروسي يوميا.
ووفق وزراة الصحة في غزة، توفي ما لا يقل عن 15 طفلا بسبب الجوع والجفاف في مستشفى واحد.
وفي جميع أنحاء غزة، يواجه 90⁒ من الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 6 و23 شهرا والنساء الحوامل والمرضعات فقرا غذائيا حادا، وفقا لتقرير صدر قبل أسبوعين عن مجموعة التغذية العالمية، وهي شبكة من المنظمات غير الحكومية المعنية بالتغذية وتقودها اليونيسف، وأضافت المجموعة أن ما لا يقل عن 90⁒ من الأطفال دون سن الخامسة مصابون بواحد أو أكثر من الأمراض المعدية.
كما أن منظمات الإغاثة العاملة على الأرض تُلقي باللوم على الكيان الصهيوني في منع دخول ما يكفي من شاحنات الغذاء إلى غزة.
ولقد نددت منظمة “أوكسفام” غير الحكومية ببروتوكولات تفتيش المساعدات “غير الفعالة بشكل غير عادل”، والتي تؤدي إلى تأخير “عشرين يوماً في المتوسط” للسماح للشاحنات بدخول القطاع الفلسطيني، وأدانت “الهجمات ضد عاملين في المجال الإنساني وضد هياكل للمساعدات وقوافل إنسانية”.
وأخيراً لا بد لنا من أن نُلقي الضوء على ما يمكن أن يُسمى مجاعة، حيث إنه من أجل الإعلان عن مجاعة، تعتمد الأمم المتحدة على وكالاتها المتخصصة كبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) اللذين تعتمدان من جانبهما على هيئة فنية تُسمى “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”” (IPC). وتجري تلك الهيئة تحليلاً لشدّة انعدام الأمن الغذائي على سلم مبني على معايير دولية، إذ تعد المجاعة حالة من الحرمان الشديد من الغذاء، وتتميّز بمستويات من الجوع والموت والعوز وسوء التغذية الحاد.
ومنذ عام 2004، أصبح للمجاعة تعريف رسمي، فهي تحدث عندما يواجه ما لا يقل عن 20 بالمئة من السكان نقصًا حادًا في الغذاء، وتتجاوز معدلات سوء التغذية الحاد 30 بالمئة، ويموت اثنان من كل 10,000 شخص بسبب الجوع يوميا.
وفي النهاية يتوجب على المجتمع الدولي أن يعمل بشكل أكثر جدية ويسعى سعياً حثيثاً لإدخال المساعدات إلى الغزة والعمل على وقف الإبادة الجماعية الممنهجة والمستمرة للكيان المحتل ضد أبناء غزة.