ما زالت الحرب الوحشية الهمجية الإسرائيلية على غزة متواصلة على الرغم من التحركات الدولية والإقليمية المطالبة بوقفها فوراً وعلى الرغم من التنديد العالمي الواسع بجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وسط مؤشرات ودلائل على عدم وجود حلول تلوح في الأفق في ظل تعنت وإصرار إسرائيلي على تحقيق إنجازات عسكرية تبدو مستحيلة التحقيق بسبب ما تبديه الفصائل الفلسطينية من مقاومة شرسة وبطولية وإرادة فولاذية لا تفتر وعزيمة لا تلين كل ذلك سيكون له تأثير كبير وتداعيات على المنطقة بما فيها سوريا.
تشير التطورات العسكرية والسياسية المرتبطة بما يحدث في غزة إلى أنّ الحرب تتجه إلى نحو مجهول وأن كل الاحتمالات واردة وكل السيناريوهات ممكنة وذلك لأن هذه الحرب حاسمة لكلا الطرفين. فانتصار إسرائيل -هذا لن يحدث- يعني إنهاء المقاومة الفلسطينية وإبعاد حركة حماس عن المشهد الفلسطيني وتهجير سكان قطاع غزة وانطلاق مرحلة مهمة يتم فيها تشكيل تحالف إقليمي وعربي هدفهم القضاء على كل فصائل المقاومة في العراق ولبنان واليمن، مع ما لذلك من انعكاسات كبيرة على هذه البلدان.
منذ بداية الحرب في غزة، تحركت فصائل المقاومة في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن مساندة للمقاومة الفلسطينية وبدأت بتنفيذ عمليات نوعية ضمن استراتيجية تتضمن الضغط على القوات الأمريكيه في كل من سوريا والعراق، بالإضافه إلى دخول حزب الله في لبنان في مواجهة عسكرية مفتوحة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد المولجهة و امتدادها لتصبح حرباً إقليمية شاملة.
في سوريا – تحديداً- تتصاعد العمليات العسكرية النوعية من قبل فصائل المقاومة ضد القواعد الأمريكية في سوريا، ويزداد الضغط على قوات الاحتلال الأمريكي في الشمال الشرقي لسوريا، و هذا يشكل تحدّياً كبيراً بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي ستجد نفسها قريبأً مجبرة على مغادرة المنطقة و التسليم بفشلها و إخفاقها بتحقيق ما كانت تصبو إليه من إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط كما تريد و بما يضمن لها السيطرة عليه و التحكم بمقدراته كما أنّ قوات المقاومة تتحرك في الجنوب السوري على الحدود مع الجولان المحتل و تقوم بعمليات نوعية ضد الكيان الإسرائيلي الغاصب و بالتالي زيادة الضغط على إسرائيل و تشتيت قدراتها و بعثرة إمكانياتها، حيث تجد إسرائيل نفسها غارقة في وحول غزة و في مواجهة على عدة جبهات.
ومن التداعيات أيضاً، أدى الانشغال العربي و الإقليمي و الدولي بالحرب على غزة إلى تهميش معظم ملفات الشرق الأوسط ومن ضمنها الملف السوري و خاصة مسار التطبيع العربي مع سوريا و التقارب بين سوريا و الاحتلال التركي.
قد تحاول دولة الاحتلال التركي استغلال ذلك لتكريس وجودها في المناطق السورية التي تحتلها من خلال إرسالها المزيد من التعزيزات و إقامة العديد من القواعد العسكرية في هذه المناطق.
أصبح واضحاً أنّ الولايات المتحدة تعمل على إعادة إحياء داعش في سوريا و استخدامها لتحقيق أهدافها و خلط الأوراق من جديد في سوريا ونشر الفوضى، بدليل هجماته الأخيرة والمتكررة في سوريا و التي تشي بتطور متنام في تكتيك التنظيم الإرهابي استغلالاً للتوتر الحاصل في شرق البلاد.
احتمال دخول سوريا الحرب وارد جداً و لكن طالما أنّ الأمور في ساحة المعركة تسير في الاتجاه الصحيح الذي يخدم سوريا و محور المقاومة و طالما أنّ الكيان الإسرائيلي يتجرع كؤوس الهزيمة ويتلقى الصفعات المؤلمة في غزة فلا داعي – على الأقل الآن – للمبادرة بإشعال حرب شاملة وتوسيعها إقليمياً لاسيما و أنّ الحكومة الإسرائيلية تسعى لذلك لتنقذ نفسها داخلياً من جهة وتدفع بالولايات المتحدة الأمريكية للتدخل في هذا الصراع بشكل مباشر من جهة أخرى.
ولكن قد تتدحرج الأمور و تخرج عن السيطرة ويتوسع نطاق الحرب و تدخل سوريامباشرة مدفوعة بعدة عوامل، كأن يرتكب الكيان الإسرائيلي حماقة كبيرة تؤدي إلى حرب شاملة مع حزب الله تدفع سوريا إلى دخول الحرب حتماً، أو اعتداء كبير على سوريا لايمكن تجاوزه و غض الطرف عنه يؤدي إلى رد كبير و اشتغال المنطقة برمتها.
امتداد الحرب إلى سوريا خطير جداً وتكلفته عالية وهذا مايدفع جميع الجهات الفاعلة العقلانية إلى منعه وكبح جماحه.