ففي خطوة جديدة ومثيرة للجدل، قررت حكومة الكيان الصهيوني أن تستأنف المفاوضات التي ترمي إلى إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة، وتأتي هذه الخطوة بالرغم من تأكيدات رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو على استمرار العمليات العسكرية ضد المقاومين في حركة حماس واستمرار حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان المحتل في قطاع غزة، وهذه التطورات قد تثير لنا تساؤلات حول العلاقة والتي قد تبدو متوترة بين الكيان المحتل ومصر، والتي تلعب دور الوسيط الرئيسي في هذه المفاوضات المعقدة.
خلفية المفاوضات وتوقفها
لقد كانت المفاوضات بوساطة مصرية وقطرية وقد توقفت في مايو/أيار، بعد أن بدت الأطراف المتفاوضة – باستثناء الكيان الصهيوني – متفائلة بنجاحها، ولقد توقفت المفاوضات نتيجة لرفض الكيان المحتل للشروط التي قبلتها حماس، وقد أثار تقرير لشبكة CNN جدلاً كبيراً حيث أشار إلى أن جهاز المخابرات المصرية قام بتغيير بنود المقترح الذي وافق عليه الكيان المحتل، مما أدى إلى رفض الأخيرة للمقترح المعدل، وقد ألقى التقرير بالمسؤولية على نائب مدير المخابرات المصرية اللواء أحمد عبد الخالق، المكلف بملف غزة، والذي يتمتع بعلاقات قوية في قطاع غزة.
التغيرات منذ فشل المفاوضات
ولا بد من الإشارة إلى أنه ومنذ فشل المفاوضات، شهدت الساحة الدولية والمحلية تغيرات كبيرة، حيث أعلنت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي طلب مذكرات توقيف بحق رئيس حكومة الكيان الاسرائيلي ووزير دفاعه وثلاثة من قادة حماس، مما أشعل الساحة الدولية سياسياً وإعلامياً… بالإضافة إلى ذلك، اعترفت ثلاث دول أوروبية بالدولة الفلسطينية، وهو تطور زاد من الضغط على الكيان الاسرائيلي.
كما أنه داخلياً، نشرت عائلات الرهائن فيديو يظهر جنديات إسرائيليات محتجزات لدى حركة حماس، مما زاد من تأجيج الوضع الداخلي لدى الكيان المحتل، وتصعيد الضغوط على الحكومة للتحرك من أجل تحرير الرهائن، وإن المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان أشار إلى الضغوط الكبيرة التي مورست على مجلس الحرب الإسرائيلي، مما أدى إلى انعقاد المجلس بعد عدم انعقاده لأكثر من أسبوعين.
أهمية الوساطة المصرية
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن التغيرات في موازين القوى السياسية دولياً ومحلياً، وغياب النتائج العسكرية الحاسمة في غزة، بالإضافة إلى تهديدات وزير الدفاع غانتس بمغادرة الحكومة في حال عدم وجود خطة لغزة في مرحلة ما بعد الحرب، وكل ذلك عوامل تضع نتانياهو في موقف صعب ولا سيما وقد أثبتت معركة طوفان الأقصى وهن الكيان المحتل وضعف قيادة الكيان الغاصب والذي ما كان ليثبت حتى اللحظة لولا الدعم الغربي وخاصة الدعم الأمريكي، ويبدو حاليا أن الأداة الوحيدة المتبقية لديه لتهدئة الأجواء هي المفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن، ولكن مشكلة الكيان الاسرائيلي هي أنه لا يمكن أن يخوض هذه المفاوضات دون الوساطة المصرية.
احتمالات تحسين العلاقات مع القاهرة
ومن هنا يبدو أن تحسين العلاقات مع القاهرة قد يصبح ضرورة للكيان المحتل لاستئناف المفاوضات، وهذا يتطلب استبعاد الأفكار التي تتردد حول تهجير سكان غزة إلى سيناء، ونسيان رواية CNN الخاصة بتلاعب المخابرات المصرية ببنود الاتفاقيات، وبالتالي سيكون الحفاظ على العلاقة الجيدة مع مصر المفتاح الرئيسي لإعادة فتح قنوات التفاوض وتحقيق تقدم في ملف الرهائن، وهو ما يحتاجه نتانياهو لتهدئة الضغوط الداخلية والخارجية.
الخلاصة
في ظل الضغوط الدولية والمحلية المتزايدة، وعدم تحقيق نتائج عسكرية حاسمة في غزة، يبدو أن تحسين العلاقات مع القاهرة واستئناف المفاوضات عبر الوساطة المصرية قد يكون الخيار الوحيد أمام حكومة الكيان المحتل للإفراج عن الرهائن وتهدئة الأجواء المتوترة، ولا سيما وأن هزيمته باتت وشيكة، كما إن اقتصاده بات على شفير الهاوية، ولم يبق لديه إلا اللجوء إلى المفاوضات ليخفي فشله وهزيمته أمام المقاومة الفلسطينية في غزة.