هل يستطيع الكيان الإسرائيلي الاستمرار في الحرب؟

هل يستطيع الكيان الإسرائيلي الاستمرار في الحرب؟

استأنف الكيان الإسرائيلي حربه الوحشية الانتقامية وأطلق الجولة الثانية من حملة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي على قطاع غزة في ظل تأييد ودعم أمريكي مطلق وصمت عربي ودولي مشين بعد هدنة استمرت سبعة أيام فرضتها بنادق المقاومين على حكومة فاشية دموية إرهابية والتي بموجبها تم إطلاق سراح ثلاث أسرى فلسطينيين من سجون الكيان الإسرائيلي في مقابل كل أسير إسرائيلي تحتجزه المقاومة في غزة.

 لم تفلح الجهود المبذولة والحثيثة التي بذلتها أطراف عربية ودولية بتمديد الهدنة والدخول في مفاوضات تفضي إلى حل سياسي، وكان واضحاً أنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي من أعاقت تمديد الهدنة وأعطت الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي لاستئناف العمليات العسكرية من خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي الذي وصل الى إسرائيل يوم الخميس عشية استئناف القصف الهمجي على قطاع غزة وأبلغ حكومة الكيان الإسرائيلي بقرار استئناف الحرب الذي اتُّخذ في واشنطن، وهذا يدل على أنّ الولايات المتحدة منخرطة في هذه الحرب وهي من تديرها منذ بدايتها، لكنها تناست أنّ إسرائيل لا تستطيع الدخول في حرب طويلة والتمادي في ذلك يعني الغرق في وحل غزة الى الأبد.

 خضوع نتنياهو وإذعانه لشروط المقاومة وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من نساء وأطفال أربك حكومة الاحتلال وأضرم نار المناكفات وخلق تباينات وتناقضات سياسيه داخلية ودفعت المعارضة في إسرائيل وعائلات الأسرى للمطالبة باستقالة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو واتهامه بالمسؤولية عن كل ما حصل من فشل وإخفاق على المستويين السياسي والعسكري.

ليس من مصلحة نتنياهو إنهاء الحرب لأن ذلك يعني نهاية حياته السياسية وخضوعه لتحقيق قد يؤدي به إلى السجن،  لذلك هو يسعى إلى تحقيق الأهداف التي أعلنها والتي عجز عن تحقيقها في الجولة الأولى والمتمثلة بسحق حماس وإنهاء حكمها وسيطرتها على قطاع غزة وتحرير الأسرى الصهاينة بقوة السلاح وتحت النار وتسويق ذلك في الداخل الإسرائيلي. ولكن هل تستطيع إسرائيل المضي قدماً والاستمرار طويلاً في هذه الحرب؟

 تجد إسرائيل نفسها أمام مأزق كبير فهي لا تستطيع الاستمرار في الحرب وبنفس الوقت لا تستطيع التراجع عنها، فالإسرائيليون يعرفون أنهم غير قادرين على خوض حرب طويلة، فالجيش الإسرائيلي ورغم القصف الهمجي الوحشي والتدمير الكبير للبنى التحتية والمنازل وإبادة المدنيين وسياسة الأرض المحروقة التي مارسها لم يستطع أن يسيطر إلا على مناطق محدودة جداً على أطراف قطاع غزة وخير دليل على ذلك هو ظهور العديد من مقاتلي المقاومة وبكامل عتادهم العسكري في مناطق مختلفة من القطاع كان الجيش الإسرائيلي ادّعى السيطرة عليها وذلك أثناء تسليم الدفعة الأخيرة من الأسرى الصهاينة وهذا ما يكشف كذب الاحتلال وزيف ادعاءاته.

 كما أنّ ما كشفته الصحف الإسرائيلية مؤخراً من خلل كبير وفوضى عارمة في صفوف الجيش الإسرائيلي حيث حالات التخلف والهروب من الخدمة والإقالات العديدة التي طالت قيادات في هذا الجيش،كما أن الإعلام الإسرائيلي تحدث عن تعامل ضباط الجيش الاسرائيلي وجنودهم بجبن كبير في يوم 7 اكتوبر، كل ما سبق يكشف عن حجم الإخفاقات العسكرية الكبرى والتي ستتضح أكثر بعد نهاية الحرب.

إسرائيل اندفعت إلى حرب ذات أهداف متعددة ومتناقضة، وأخطأ المستوى السياسي التقدير وأمعن في التخبط ورفع سقف أهدافه عالياً، وفي ظل فشلهم الكبير وعدم قدرتهم على تحقيق أي من الأهداف والإنجازات في المناطق التي توغلوا فيها فهم يتجرعون الهزيمة تلو الهزيمة وتصبح الحرب أكثر كلفة وتعقيداً، إذاً هناك تفاوت كبير و بَونٌ شاسع بين ما يطمح إلى تحقيقه الكيان الإسرائيلي وبين ما يستطيع تحقيقه وهذا ما أوقعهم في مأزق يصعب الخروج منه.

 كما أنّ أزمة الثقة الكبيرة بين المجتمع الإسرائيلي وحكومة الاحتلال ستكون حائلاً بين حكومة نتنياهو واستمرار الحرب، فثقة الشعب الإسرائيلي بحكومته معدومة أو قليلة جداً، فكلما طال أمد الحرب في غزه كلّما زاد الرافضون لها داخل إسرائيل، وتعمق الشك عندهم بقدرة حكومتهم وجيشهم على تحقيق أي إنجاز.

وفي الختام: من يراهن على سحق المقاومة في غزة هو واهم لأنّ المقاومة متجذرة وراسخة على امتداد فلسطين، كما أنّ المقاومة لن تستجدي هذا الاحتلال لتهدئة لأنّها تبلي بلاء حسناً في الميدان وتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في جنوده وضباطه وتدمير ألياته ومدرعاته.

واتس اب
فیس بوک
تیلجرام
ایکس
مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخر أخبـــار
سياحة وتجوال