في الأراضي المحاصرة والمشحونة بالتوتر في غزة وإسرائيل، تتواصل المعارك والتصعيد بعد مرور أكثر من 200 يوم على اندلاع الصراع الأخير، حيث تتركز العمليات العسكرية في مناطق متفرقة من القطاع، مع تبادل الضربات الجوية والبرية، مما يترك آثاراً مدمرة على البنى التحتية والمدنيين.
فبعد مرور 200 يوم يبدو أن الكيان الصهيوني ركز مؤخراً على جنوب قطاع غزة ومدينة رفح، وذلك بالتزامن مع توغل الدبابات الإسرائيلية في بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون مع عدة غارات جوية عنيفة على البلدتين.
وعليه فإن المدن والبلدات الفلسطينية في غزة، تشهد استمرار الهجمات الإسرائيلية، مما اضطر مئات العائلات إلى النزوح وسط الدمار والخراب، فلقد تمثل القصف الجوي والمدفعي الإسرائيلي في ضربات استهدفت المنازل والبنى التحتية، وهذا ما كان من شأنه أن يعيد الذكريات المروعة لسكان غزة بكل جولة جديدة من العنف، حيث يواصل الكيان الصهيوني استخدام قوته العسكرية، مستهدفاً مناطق حساسة في قطاع غزة، ومن بينها مدينة رفح وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون، ورغم تركيز الجيش الصهيوني على الجنوب، إلا أن الصراع يعود بقوة إلى الشمال، مما يظهر تحديات استراتيجية تواجه قوات الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق أهدافها.
كما أن الكيان المحتل يأمل بأن يفضي رده المحدود على إيران تلبية لرغبة الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقليص معارضة واشنطن لشن هجوم بري على رفح، في الوقت الذي تتواصل فيه التحضيرات والاتصالات لعملية رفح، فلقد عرض مستشار الأمن القومي الإسرائيلي أمام نظيره الأمريكي أهم ملامح الخطة العسكرية المعدة، وذلك بإجلاء مئات الاف الفلسطينيين من رفح شمالا إلى مخيمات لجوء معدة سلفا، الأمر الذي قد يستغرق أسبوعين على الأقل فيما قد يتطلب القتال ستة أسابيع.
وبالإضافة إلى ذلك، فلقد تجدد القتال شمالي قطاع غزة، حيث تكرر أيضا إطلاق الصواريخ من هناك تجاه مستوطنات غلاف غزة، وفي هذه الأثناء، استمرت المظاهرات والاحتجاجات ضد الحكومة في تل أبيب، والتي تطالب بضرورة الإسراع بعقد صفقة تبادل شاملة مع حماس
وفي هذا السياق، برزت التحركات الدولية، حيث وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على تقديم مساعدات عسكرية بقيمة مليارات الدولارات للكيان المحتل، وهذا من شأنه أن يؤكد التزام الولايات المتحدة الأمريكية بدعم حليفتها في المنطقة، ولا سيما وقد وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 13 مليار دولار وذلك لتعزيز درعها المضاد للصواريخ “القبة الحديدية” المنتشر على حدودها.
ولقد شكر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس مجلس الشيوخ على إقراره هذه المساعدة، وقد كتب على منصة إكس “أشكر مجلس الشيوخ الأميركي على تبنيه بأغلبية كبيرة من الحزبين هذه المساعدة لإسرائيل…. والتي تعتبر ضمانة واضحة لقوة تحالفنا وتوجه رسالة قوية إلى جميع أعدائنا”.
وإنّ هذه المساعدات تأتي على خلفية تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية في الوقت الذي يُثار فيه احتمال حصول عملية برية في رفح التي تجمّع فيها 1,5 مليون فلسطيني، وهذا ما أثار مخاوف عواصم أجنبية بما فيها واشنطن.
وبالإضافة إلى ذلك، تأتي المساعدات الإنسانية (الخجولة) للشعب الفلسطيني في غزة، مما يبرز الجهود الرامية لتخفيف معاناتهم في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أنه وعلى صعيد السياسة، يشهد الكيان المحتل، كما تشهد المنطقة بأسرها تحركات دبلوماسية وتوترات متزايدة، بحيث يبقى السلام بعيد المنال في ظل استمرار الصراع وعدم اليقين بشأن مستقبل العلاقات بين العالم أجمع.
ويبدو لنا أخيراً أنه بين الدمار والأمل، يستمر الصراع في غزة، مع توقعات بتصاعد المواجهات والتحديات في الأيام والأسابيع القادمة.