بداية النهاية للكيان الصهيوني المؤقت
في خضم التحديات الأمنية والسياسية المتزايدة، وافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على تمديد الخدمة العسكرية الإلزامية للعسكريين في الجيش الإسرائيلي من 32 شهرًا إلى 36 شهرًا، وهو قرار يستهدف تحسين جاهزية القوات وتأمين القوة البشرية اللازمة لمواجهة التهديدات المستمرة، سواء في غزة أو على الجبهة الشمالية مع حزب الله، وتأتي هذه الخطوة في وقت حساس بالنسبة للكيان المحتل، حيث تتشابك الاحتياجات العسكرية مع التعقيدات السياسية الداخلية.
حيث إنّ جيش الكيان الصهيوني يمر بفترة من التحديات المتزايدة، بما في ذلك التصعيد المستمر في غزة والتهديدات المتزايدة من حزب الله على الجبهة الشمالية… كما يواجه الكيان الغاصب تهديدات محتملة من الجمهورية الإسلامية في إيران، والتي تستمر في تطوير قدراتها العسكرية وبرنامجها النووي، وفي هذا السياق، يعتبر تمديد الخدمة العسكرية محاولة من الكيان الاسرائيلي لتعزيز الجاهزية العملياتية للجيش وتوفير عدد كافٍ من الجنود للتعامل مع هذه التحديات.
ويعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أحد أبرز المدافعين عن هذا القرار، حيث أكد مرارًا على ضرورة زيادة عدد الجنود لمواجهة التهديدات الأمنية المتزايدة، فوفقًا لتصريحاته، فإن تمديد الخدمة العسكرية سيساهم في تحسين كفاءة الجيش وتعزيز قدرته على التعامل مع التحديات الراهنة.
ولا بد من الإشارة إلى أن الجدل حول تمديد الخدمة العسكرية لا يقتصر على الأبعاد الأمنية فقط، بل يتشابك أيضًا مع التحديات السياسية الداخلية، فقد شهد مجلس الوزراء مشادات كلامية بين وزير الدفاع يوآف غالانت ووزراء آخرين من حزب الليكود، بالإضافة إلى الوزراء من الأحزاب الحريدية الذين يرفضون إقرار هذا القانون دون إقرار قانون الإعفاء من التجنيد للحريديم.
حيث تعتبر قضية تجنيد الحريديم من أكثر القضايا حساسية في السياسة الإسرائيلية، فلقد اعتزمت السلطات إرسال إشعارات تجنيد إلى الآلاف من طلاب المعاهد الدينية الذين كانوا معفيين من أداء الخدمة العسكرية، وقد أدى قرار المحكمة العليا بفرض تجنيد الحريديم إلى تصعيد التوترات داخل الائتلاف الحكومي، حيث هددت الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة المتحالفة مع نتنياهو بإسقاط الحكومة في حال المضي قدمًا في عملية التجنيد.
وإن تجنيد الحريديم ليس قضية جديدة في إسرائيل، ولكنها تعود إلى الواجهة مع كل محاولة لتعديل القوانين المتعلقة بالخدمة العسكرية… في الوقت الحالي، يستطيع الحريديم تجنب التجنيد من خلال الحصول على تأجيلات متكررة بحجة الدراسة في المدارس الدينية، إلى أن يصلوا إلى سن الإعفاء من التجنيد وهو 26 عاما حالياً.
لكن مع تصاعد التهديدات الأمنية، أصبحت الحكومة ترى في تجنيد الحريديم ضرورة ملحة لتعزيز القوة البشرية للجيش، ويشير غالانت إلى أن وزارته تعمل على تجنيد أكثر من 3 آلاف من الحريديم في الجيش، مما يعكس الحاجة الملحة لهذه القوة البشرية في ظل تزايد التهديدات.
وبالتالي فإنالحكومة الإسرائيلية تواجه تحديًا كبيرًا في التوفيق بين الاحتياجات الأمنية للجيش والمطالب السياسية للأحزاب المختلفة، وقد أشارت تقارير صحفية إلى أن مدة الخدمة العسكرية قد تنخفض مجددًا بعد انقضاء السنوات الثماني المقبلة، اعتمادًا على تقييمات الوضع الأمني.
وفي هذا السياق، يمكن النظر إلى تمديد الخدمة العسكرية كخطوة مؤقتة تهدف إلى سد الفجوة الحالية في القوة البشرية للجيش، في حين يتم البحث عن حلول طويلة الأمد تشمل ربما تعزيز وحدات الدعم وتوسيع نطاق التجنيد ليشمل فئات أخرى من المجتمع الإسرائيلي.
ويمكننا أن نقرأ وفق كل ما تقدم أن قرار تمديد الخدمة العسكرية في إسرائيل يمثل خطوة تعكس القلق المتزايد من تزايد التهديدات الأمنية، ولكنه في الوقت نفسه يبرز التعقيدات السياسية الداخلية، خاصة فيما يتعلق بقضية تجنيد الحريديم، إذ أن الإصرار على تجنيدهم يواجه معارضة قوية من الأحزاب الدينية، مما يضع الحكومة في موقف حرج ويعقد من قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة.
ومن ناحية أخرى، يعكس القرار أيضًا التحديات التي يواجهها جيش الكيان الإسرائيلي في الحفاظ على قوته وجاهزيته في ظل بيئة أمنية متغيرة ومعقدة، فالتمديد لمدة أربع سنوات يعتبر محاولة لتوفير الوقت اللازم لتقييم الوضع الأمني والتأكد من أن الجيش لديه القوة البشرية الكافية لمواجهة التهديدات.
ومن ثم فإنقرار تمديد الخدمة العسكرية قد يحمل تبعات اجتماعية وسياسية متعددة:
فمن الناحية الاجتماعية، يمكن أن يزيد من الاحتقان بين الفئات المختلفة في المجتمع الإسرائيلي، خاصة إذا تم المضي قدمًا في تجنيد الحريديم.
ومن الناحية السياسية، قد يؤدي إلى تصاعد التوترات داخل الائتلاف الحكومي ويزيد من احتمالية حدوث انشقاقات أو إعادة تشكيل للتحالفات.
وأخيراً يمكننا أن نقول بأنقرار تمديد الخدمة العسكرية في إسرائيل يمثل انعكاسًا للواقع الأمني الواهن والمعقد وكذلك التحديات التي يواجهها الكيان المحتل في ظل تهديدات متزايدة من عدة جبهات، وفي الوقت نفسه، يعكس هذا القرار التوترات السياسية الداخلية، خاصة فيما يتعلق بقضية تجنيد الحريديم.
بينما تسعى الحكومة لتعزيز قوة الجيش وجاهزيته، فإنها تواجه تحديات كبيرة في التوفيق بين المطالب السياسية المختلفة وتأمين الدعم اللازم لتنفيذ قراراتها. وهذا يدفعنا إلى القول بأن هذا الكيان الغاصب اللاشرعي بدأ يلفظ أنفاسه الأخيرة فما بُني على باطل لا يكون إلا باطل وأن زواله بات أمراً محتوما وفق كل المعطيات التي تستجد يوميا وبشكل سريع وبشكل لا يدع مجالاً للشك بأن هذا الكيان الذي هو أوهن من بيت العنكبوت قد اقتربت نهايته من الوجود.