حركة “الجهاد اليهودي” ودور بن غفير
في السنوات الأخيرة، شهدت الساحة السياسية الإسرائيلية تحولات جذرية، حيث بدأت ملامح التطرف تزداد وضوحًا في مؤسسات الكيان الصهيوني. وأحد أبرز وجوه هذا التطرف هو الوزير إيتمار بن غفير… الذي ارتبط اسمه بحركة “الجهاد اليهودي” وبدعمه الصريح لما أسمته صحيفة “هآرتس” بـ”الإرهابيين اليهود”. تلك الحركة ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل تبدو وكأنها متغلغلة بعمق في هيكل حكومة الكيان الإسرائيلي… وهذا يثير تساؤلات حول طبيعة هذه الدولة ومستقبلها.
بن غفير: وجه التطرف داخل الحكومة
إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي في حكومة الكيان الإسرائيلي، يعد واحدًا من أكثر الشخصيات إثارة للجدل في السياسة الإسرائيلية. لم يكن صعوده إلى السلطة مفاجئًا بالنظر إلى تاريخه المتطرف وارتباطه بأفكار حركة “كاهانا” التي تدعو إلى إقامة “إسرائيل الكبرى” على أنقاض الشعب الفلسطيني. رغم منصبه الرفيع، يظل بن غفير وفيًا لتلك الأيديولوجيا المتطرفة، مما يجعله يمثل تهديدًا حقيقيًا للديمقراطية الإسرائيلية الهشة.
بن غفير، الذي بدأ مسيرته السياسية كمحامي دفاع عن اليهود المتطرفين، لا يخفي دعمه للأعمال الإرهابية التي يقوم بها “الإرهابيون اليهود”. ويمثل بن غفير في الحكومة مصالح هذه الجماعات المتطرفة… حيث يستخدم نفوذه وسلطاته لتوفير الحماية والدعم لهم، مما يشير إلى مدى تغلغل هذه الحركة في المؤسسات الحكومية.
العلاقة بين بن غفير و”الإرهابيين اليهود“
تكشف صحيفة “هآرتس” في تقريرها عن العلاقة الوطيدة بين بن غفير وبين عدد من الشخصيات المتورطة في أعمال إرهابية ضد الفلسطينيين. ومن بين هؤلاء الشخصيات، عميرام بن أوليئيل، الذي أُدين بقتل عائلة دوابشة الفلسطينية بطريقة وحشية. بحسب الصحيفة، فإن بن غفير لعب دورًا كبيرًا في تخفيف ظروف اعتقال بن أوليئيل من خلال علاقاته داخل الحكومة… خاصة مع رئيس مصلحة السجون كوبي يعكوبي، الذي زار بن أوليئيل في سجنه مرتين على الأقل.
تسلط “هآرتس” الضوء على حقيقة أن يعكوبي، الذي كان سابقًا السكرتير الأمني لبن غفير، يُعتبر جزءًا من هذه الشبكة المتطرفة التي تمتد جذورها إلى داخل الحكومة. هذا التغلغل يعكس مدى خطورة الوضع ويثير تساؤلات حول مدى قدرة حكومة الكيان الإسرائيلي على مواجهة هذا التطرف من داخلها.
الدعم الديني والنفسي للإرهاب اليهودي
إلى جانب الدعم السياسي، تحظى حركة “الجهاد اليهودي” بدعم ديني من التيار الصهيوني الديني المتطرف. حيث يقدم عدد من الحاخامات المعروفين بدعمهم للتطرف… مثل الحاخام دوف ليئور… الدعم النفسي والروحي لمرتكبي الأعمال الإرهابية مثل بن أوليئيل. هذا الدعم الديني يعزز من مكانة هؤلاء “الإرهابيين اليهود” في المجتمع الإسرائيلي ويمنحهم الشرعية في نظر أتباعهم.
لم يقتصر هذا الدعم على الكلمات فقط، بل تعداه إلى زيارات للسجون وحضور محاضرات دينية موجهة خصيصًا لهؤلاء السجناء. تلك الزيارات تهدف إلى تعزيز قناعاتهم المتطرفة وتأكيد شرعية أعمالهم في سياق الدفاع عن “إسرائيل الكبرى”.
حركة “الجهاد اليهودي”: شبكة متكاملة داخل الدولة
لا تقتصر حركة “الجهاد اليهودي” على الأفراد المتطرفين مثل بن أوليئيل، بل تمتد لتشمل شبكة واسعة تضم شخصيات ذات نفوذ داخل الحكومة والكنيست. وفقًا لتقرير “هآرتس”، فإن هذه الشبكة تتكون من سياسيين… حاخامات، ومسؤولين حكوميين يعملون جميعًا لخدمة أيديولوجيا متطرفة تبرر العنف والإرهاب ضد الفلسطينيين.
هذا النفوذ الكبير داخل مؤسسات الكيان المؤقت يضعف من قدرة حكومة الكيان الإسرائيلي على اتخاذ قرارات مستقلة ويجعلها رهينة لتوجهات تلك الحركة المتطرفة. الأمر الذي يجعل حكومة الكيان المؤقت تتبنى سياسات تتماشى مع أيديولوجيا العنف والكراهية.
خاتمة: مستقبل الكيان الإسرائيلي في ظل صعود التطرف
يطرح تقرير “هآرتس” تساؤلات مهمة حول مستقبل الكيان الإسرائيلي في ظل تغلغل حركة “الجهاد اليهودي” في مؤسساته الحكومية. إن استمرار وجود شخصيات متطرفة مثل بن غفير في مواقع السلطة لا يشكل تهديدًا للفلسطينيين فحسب، بل يهدد أيضًا نسيج الإنسانية ذاتها.
في الختام، ووفقا لما تقدم تبرز أهمية الوعي بخطورة تطرف الكيان الإسرائيلي المؤقت وتبنيه لسياسات تتناقض مع القيم الإنسانية. وإن مواجهة هذا التطرف ليس فقط ضرورة فلسطينية، بل هو أيضًا مسؤولية تقع على عاتق كل من يسعى للحفاظ على الاستقرار والسلام في المنطقة.