غارات وحشية تستهدف النازحين وتفاقم الأزمة الإنسانية
في تصاعد جديد للعدوان الإسرائيلي على غزة… شهدت الأيام القليلة الماضية مجازر مروعة أدت إلى سقوط عشرات الشهداء من المدنيين، بينهم نساء وأطفال وشيوخ.
ومن بين أكثر الأحداث إثارة للرعب والتي لن تنتهي عندها المجازر الإسرائيلية… كانت الغارة الجوية التي نفذها الطيران الحربي الإسرائيلي على مدرسة مصطفى حافظ، الواقعة في حي الرمال بمدينة غزة… والتي كانت تأوي مئات النازحين الفارين من قصف متواصل لا يرحم… هذه الغارة ليست الأولى، بل تأتي ضمن سلسلة من الهجمات التي استهدفت تسع مدارس تؤوي آلاف النازحين خلال الأسبوعين الماضيين… مما يعمق الجراح ويزيد من معاناة المدنيين في القطاع المحاصر.
تصاعد الهجمات الإسرائيلية واستهداف المدنيين
تشير الأرقام إلى أن هذه الهجمات الوحشية أدت إلى استشهاد العشرات وإصابة آخرين بجروح خطيرة… حيث يجد النازحون أنفسهم محاصرين بين جدران المدارس التي كانت تعتبر ملاذاً آمناً لهم…. هذه المدارس، التي كان من المفترض أن تكون مأوى للمدنيين الفارين من بطش القصف، تحولت إلى أهداف عسكرية في عيون جيش كيان العدو الإسرائيلي، الذي لم يتردد في قصفها بغارات مدمرة.
إن المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني أعلن أن المجازر الإسرائيلية التي استهدفت تسع مدارس خلال الأسبوعين الماضيين… أسفرت عن دمار واسع وكذلك سقوط عشرات الشهداء والجرحى. وإنّ هذا الاستهداف المتعمد للمدارس ليس إلا جريمة حرب واضحة تضاف إلى السجل الطويل من الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
خلفية التصعيد العسكري الإسرائيلي واستمرار المجازر الإسرائيلية
لم يكن التصعيد العسكري الإسرائيلي مفاجئاً للكثيرين، خاصة في ظل فشل الجولة التفاوضية الأخيرة التي عُقدت في الدوحة بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار. إنّ فشل هذه المفاوضات أعطى الضوء الأخضر للكيان الإسرائيلي لتكثيف هجماته على قطاع غزة… فلقد استغل الكيان المحتل بذلك حالة الجمود السياسي والموقف الدولي المتخاذل إزاء جرائمه.
وإننا نرى أن الكيان الصهيوني يسعى من خلال هذا التصعيد إلى ممارسة المزيد من الضغوط على حركة حماس. وكل ذلك بهدف إجبارها على تقديم تنازلات في إطار التفاوض، حيث أن الوضع الحالي يشير إلى أن الأيام القادمة قد تشهد زيادة ملحوظة في وتيرة القصف والتهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين، وهو ما قد يعقد الوضع الإنساني بشكل أكبر.
استهداف الأنفاق وتكثيف العمليات العسكرية
في سياق العمليات العسكرية المستمرة… أعلن جيش الكيان الإسرائيلي عن اكتشاف جثث ستة من الرهائن الإسرائيليين في نفق بخان يونس… هذا ما زاد من حدة التصعيد وزاد وتيرة العمليات العسكرية ضد القطاع. وهذه الحادثة تمثل ذريعة جديدة للجيش الإسرائيلي لمواصلة حملته العسكرية العنيفة، مبرراً ذلك بحماية أمنه القومي واستعادة رهائنه المفقودين.
في المقابل، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن تنفيذها لعمليات نوعية ضد القوات الإسرائيلية، حيث استهدفت ثلاث آليات عسكرية في رفح، وأكدت على اشتباك مقاتليها مع جنود إسرائيليين في حي كندا بغربي رفح، مما أسفر عن مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين… إنّ هذه العمليات تأتي كرد فعل على المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، وتجسد في المقاومة الفلسطينية صموداً مستميتاً أمام العدوان المستمر.
الوضع الإنساني المتفاقم وسط صمت دولي
إنّ المجازر الإسرائيلية تتزامن مع وضع إنساني يزداد سوءاً يوماً بعد يوم… فغزة تعاني من نقص حاد في الموارد الأساسية، مثل الغذاء والماء والدواء. وكذلك فإن المستشفيات والمرافق الصحية تعمل بطاقة تفوق إمكانياتها بكثير. هذا الأمر يجعل تقديم الرعاية الطبية الضرورية للجرحى والمصابين أمراً بالغ الصعوبة.
وعلى الرغم من كل هذا، يستمر المجتمع الدولي في صمته، مكتفياً ببعض التصريحات الخجولة التي لا تملك تأثيراً فعلياً على أرض الواقع. حيث إن المحاولات الدولية لإحياء المفاوضات باتت تفشل بشكل متكرر بسبب الشروط الاستعمارية التي يفرضها الكيان الصهيوني، والتي تهدف بالأساس إلى تقويض الحقوق الفلسطينية المشروعة.
ضرورة تدخل المجتمع الدولي لإنهاء المأساة
إن استمرار المجازر الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة يمثل جريمة ضد الإنسانية لا يمكن السكوت عنها. ويجب على المجتمع الدولي، وخاصة الدول ذات التأثير في الساحة السياسية العالمية، اتخاذ خطوات جادة للضغط على الكيان الإسرائيلي لوقف عدوانه ورفع الحصار عن غزة… وكذلك محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم أمام المحاكم الدولية.
وفي الختام، يمكننا القول بأنه لا يمكن إنهاء هذه الأزمة إلا بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، والذي يرزح تحت نير الاحتلال منذ عقود. وبالتالي فإن إنهاء هذا الصراع يتطلب إرادة سياسية حقيقية من المجتمع الدولي… هذه الإرادة يجب أن تترجم إلى أفعال ملموسة على الأرض، وتضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال. وحتى ذلك الحين، سيظل المدنيون في غزة، نساءً وشيوخاً وأطفالاً، يدفعون الثمن الباهظ للعدوان الإسرائيلي المستمر.