المقاومة تستنفر العدو الإسرائيلي
دفعت التطورات الميدانية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، إلى التهديد بشن “حرب دفاعية” في الضفة الغربية وتحويل مدنها إلى خراب.
إنّ الوزير المتطرف تعهد بمواصلة السيطرة على مناطق الضفة بوصفها “الحزام الأمني” للمستوطنات على خط التماس… معتبرًا أن كل من يتحدّث عن إقامة دولة فلسطينية “يهدر دم اليهود ويعرّض دولتهم للخطر”.
ولعلّ ما يمنح الضفة الغربية خصائص استثنائية… أن الصهاينة يعتبرونها “حديقتهم الخلفية” وجزءًا من امتداد كيانهم، في ظلّ مضيّ حكومتهم في توسيع الاستيطان متجاهلةً كل القرارات الدوليّة.
منذ السابع من أكتوبر… زاد الاعتماد الإسرائيلي على القصف الجوّي في الضفة باستخدام المسيّرات… وذلك لأسباب تتعلّق بتطوّر أدوات المقاومة وإمكاناتها، ولتجنيب قوات الاحتلال وقوع أيّ خسائر في صفوف جنودها وآلياتها. فقد نفّذ الطيران الحربي، وفق ما جرى توثيقه، قرابة 63 غارة… وذلك بالتوازي مع استخدام المقاومة كمائن محكمة تدمّر آليات الاحتلال وتصيب جنوده.
وتعيش الضفة، منذ عام 2021، حالة نهوض للعمل المقاوم… تأجّجت مع معركة “سيف القدس” التي أَطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي خلالها عمليات عسكرية واسعة بغية اجتثاث المقاومة… على غرار “كاسر الأمواج”.
بيد أن تلك العملية فشلت في تحقيق أهدافها، شأنها شأن عملياته اليومية التي يتبع فيها استراتيجية “جز العشب” لضمان منْع انفجار الضفة وهو ما يبرر اعتقال ما يزيد على 10 آلاف فلسطيني وقتل نحو 550.
المتطرف اليميني سموتريتش، قال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام عبريّة: “رسالتنا إلى الجيران، في طولكرم ونور شمس والشويكة وقلقيلية… سندمركم كما فعلنا في غزة إذا استمر إرهابكم”. وتابع: “سنوجّه ضربة حاسمة إلى الإرهاب لكيلا تصبح كفار سابا (في الضفة) كفار عزة (في غلاف غزة) وكيلا تتحول حيفر إلى بئيري”.
تندرج هذه التهديدات في ظلّ عسكرة حكومة الاحتلال للمستوطنات… حيث أعلن جيش العدو الإسرائيلي عن بدء مرحلة جديدة من توزيع أسلحة رشاشة على المستوطنين في الضفة تشمل حتى من هم ليسوا أعضاء في الفرقة الاحتياطية المخصصة للحراسة وتعزيز الحماية.
لكن هذه السياسة لم تحقق للاحتلال ما يأمله حيث يستمر التصعيد الميداني والعمليات البطولية للمقاومة بشكل شبه يومي… وتحديدًا في بالقرب من المستوطنات المحاذية لجدار الفصل العنصري، وفي المناطق التي تفصل الضفة عن الداخل المحتل.
في ضوء ذلك، أعلن جيش الاحتلال تأهب قواته تحسبًا لاقتحام مقاومين الخط الفاصل عن الداخل. وقال الجيش، في بيان، إنه قام بنصب الكمائن وشنّ حملات اعتقال وتعزيز المراقبة الاستخباراتية. وأضاف البيان أن: “فرقة الضفة أجرت تمارين بالتعاون مع سلاح الجو… في إطار الإجراءات المتّخذة لرفع الجاهزية والاستعداد للتعامل مع سيناريوهات مختلفة”.
وبلا شك فإن استمرار المقاومة في عملياتها البطولية في الضفة وفشل الاحتلال في إخمادها، رغم شنّه عمليات اجتياح وحصار واقتحامات واسعة منذ أكثر من عامين… يشير بتصعيد أكبر في المرحلة المقبلة، يدفع إليه المستوطنون المتطرفون والمسؤولون العسكريون الذين يواصلون التحريض على المدنيين الفلسطينيين.
المحلل العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، أكد أن الضفة الغربية على “مستوى درجة واحدة تحت نقطة غليان شامل”. كما نبّه قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، آفي بلوت، إلى أن: الجرائم المتزايدة بحقّ الفلسطينيين في الضفة الغربية يشكّل خطرًا على بقاء “إسرائيل”…. مذكرًا أن: “الضربة الموجعة التي تلقاها الجيش الإسرائيلي في السابع من أكتوبر يجب أن تعلّمنا درسًا في التواضع”.
هذا التخوف مرتبط لا محال بتحذير أبو عبيدة، الناطق باسم “كتائب القسام” وتأكيده أن: “كابوس تحرُّك الضفة والقدس والداخل المحتلّ، قادمٌ لا محالة”…. وأن “ما يحدث من تصاعد مستمرّ للمقاومة في الضفة، هو ردّ وخيار شعبنا في مواجهة الإبادة الممنهجة”.