تصعيد العدوان الصهيوني على الضفة الغربية

الضفة الغربية

تشهد الضفة الغربية تصعيدًا لعمليات المداهمة والاعتقال والترهيب الصهيوني ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 600 فلسطينيًا منذ السابع من أكتوبر. فقد شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة مداهمات وتفتيشات في الضفة الغربية المحتلة، تخللتها اعتقالات طالت صحفيًّا واشتباكات وتفجير عبوات ناسفة في آليات جيش الاحتلال.

الملاحم البطولية التي تسطرها المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية، والتي كان آخرها عملية كتائب عز الدين في غور الأردن (التي أسفرت عن مقتل جندي صهيوني وإصابة آخر بجروح خطيرة) دفعت وزير خارجية العدو، يسرائيل كاتس، للتصريح علنًا بأن حكومته ستتعامل مع المخيم بالطريقة نفسها التي يتم التعامل فيها مع مخيمات غزة.  

إن توالي عمليات المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة تذكير للعدو بأن أبناء فلسطين كلهم مشروع مقاومة بما تيسر لهم من إمكانيات -دهسًا وطعنًا وتفجيرًا وبالرصاص- وبما تبدعه العقول الفلسطينية الحاذقة في تهشيم صورة الاحتلال وأجهزته الأمنية والاستخباراتية، وفشل جهود العملاء الذين يبيعون شرفهم ووطنهم ودينهم بحفنة من المال باطار ما يسمى “التنسيق الأمني”. ومن ثم يبدو واضحاً بأن الضفة الغربية تُستهدف لأنها بيئة حاضنة لأبناء المقاومة الذين أبوا الاستسلام أو إراحة العدو بسهولة.

الشهيد إسماعيل هنيّة، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس قال يومًا: “السنوات العجاف التي عاشتها الضفة الغربية أزف رحيلها وهناك صفحة جديدة مع المحتل فتحت بالدم والشهادة والبارود والنار.. وان هناك شيء سيتغير، بل بدأ يتغير بكل ما تعنيه الكلمة من معنى”. هذه الكلمات كافية لتصوير واقع العدو وهواجسه على مستقبل جنوده ومستوطنيه في الضفة الغربية، فالعدو يدرك جيدًا بأن “الخطر” المزعوم الذي يحاول القضاء عليه في جبهة قطاع غزة أو غيرها من الجبهات، سيأتيه من الضفة الغربية وبقية الأراضي المحتلة، خاصة في ظلّ تعاظم قدرات المقاومة ما يدفع الصهاينة إلى التفكير مليًّا بالبركان الذي يغلي حولهم؛ أي ثورة فلسطينية متجددة في الداخل المحتل.

إن التهديد الذي أطلقه وزير خارجية الاحتلال بالتعامل مع الضفة الغربية كما يتم التعامل مع غزة يعكس العقلية الدموية للاحتلال الذي لا يقيم أي اعتبار للأعراف والقوانين الدولية منذ عقود منتهكًا كل الحقوق الانسانية للشعب الفلسطيني.

بحسب المراقبين، إن هدف الحكومة الإسرائيلية هو إخلاء الضفة من سكانها الفلسطينيين، ويدللون على ذلك بأن هناك 13 قرية فلسطينية بالقرب من مدينة الخليل الكبيرة، هجرها بعض سكانها نتيجة لتهديدات المستوطنين. وبما أن مستوى الخذلان الذي يحيط بغزة شعبًا ومقاومةً فاق كل التصورات، هذا الواقع لن يدفع أهل الضفة الغربية إلى الاستسلام والخوف والتراجع، وإنما للتكاتف لتصبح المقاومة كتلة نار واحدة تمتد من غزة إلى الضفة وكل الأراضي المحتلة، وتتصل بقوى محور المقاومة تمهيدًا لتحرير القدس وكل فلسطين وطرد المحتل الغاصب.

 يذكر بأن السلطة الفلسطينية تعاني أزمة مالية حادة، في ظل تزايد القيود الإسرائيلية مع وقف تسليم السلطة الفلسطينية كامل عائدات الضرائب التي تقوم بجبايتها لصالحها بحجة أن المال يستخدم من أجل تمويل حركة حماس. وتحتاج السلطة الى هذه المبالغ لدفع رواتب موظفيها ولتأمين نفقاتها.

وزير المالية الإسرائيلي اليميني بتسلئيل سموتريتش: إن تحويل نحو 35 مليون دولار من هذه العائدات إلى عائلات “ضحايا الإرهاب” متهما السلطة الفلسطينية بـ”تشجيع الإرهاب” وفق قوله، ويقصد بأنها تدفع لعائلات الشهداء والأسرى بمن فيهم المفرج عنهم.

وهدد سموتريتش، في مايو الماضي، بقطع قناة مصرفية حيوية بين كيان العدو والضفة الغربية ردًا على اعتراف 3 دول أوروبية بدولة فلسطين.

في السياق، نشرت “مجلة إيكونيميست” البريطانية تقريرًا قالت فيه إن السلطة الفلسطينية، التي من المفترض أن تدير أجزاء من الضفة، عاجزة إلى حد كبير عن حماية المدنيين الفلسطينيين، وإن كبار مسؤوليها يعارضون بشدة احتمال اندلاع انتفاضة أخرى خوفًا من أن يمنح ذلك حماس فرصة لتصبح القوة الفلسطينية المهيمنة في الضفة المحتلة. ونقلت المجلة تصريحًا عن أحد مسؤولي السلطة يعبر فيه عن خشيته من اندلاع انتفاضة بالقول: “أشم رائحة الدم في الضفة الغربية. لا أعرف أين سيكون، لكنه قادم. المستوطنون سيفعلون شيئًا فظيعًا”.

تهديدات وزير خارجية الاحتلال أثارت غضب فصائل المقاومة حيث يحاول الكيان الصهيوني مجددًا تصدير مأزقه إلى مكان آخر في ظل ترقب الردود الإيرانية واللبنانية واليمنية، بعد فشله المزري في غزة. من هنا يمكن فهم محاولة تصدير التهديد الإيراني إلى المشهد السياسي والإعلامي في الكيان الإسرائيلي في سياق التحريض على الجمهورية الإسلامية.

الرئيس الحالي للمكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار أشاد سابقًا بـ الدور الكبير جدًا لقائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، الشهيد الفريق قاسم سليماني، منوّهًا بدور إيران في بناء القوة العسكرية للمقاومة منذ تسعينيات القرن، لافتًا إلى أن إيران هي الدولة الوحيدة التي “تُفاخِر بدعم القضية الفلسطينية على أكثر من مستوى”.

إن ما يجري في الضفة الغربية، يؤكد مجدّدًا وبوضوح أهداف الكيان الفاشي القائم على فكرة الإبادة والتطهير العرقي والاستيطان الإحلالي بعيدًا عن شعارات السلام المزعوم. هذا الأمر يستدعي من قيادة السلطة إعادة النظر في التزاماتها مع الاحتلال وفي مسار المفاوضات العبثية ووقف التعاون الأمني معه. كما يحتم على الدول المطبعة مقاطعة الكيان ووقف كلّ أشكال التطبيع معه، والتي لم تزده إلّا عدوانية وغطرسة وانتهاك لكرامة الإنسان ولحرمة المقدسات حتى باتت وحشيته تهدّد السلم والأمن في المنطقة، ما يُلقي بمزيد من المسؤولية على الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والمنظّمات الإقليمية والدولية كافة ذات الصلة.

واتس اب
فیس بوک
تیلجرام
ایکس
مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخر أخبـــار
سياحة وتجوال