بصدمة كبرى تلقف العالم خبر المجزرة الإسرائيلية التي استهدفت أثناء صلاة الفجر مدرسة التابعين. ارتفع عدد ضحايا مدرسة التابعين بمنطقة حي الدرج وسط غزة، وذلك فجر يوم السبت، 10 أغسطس 2024، التي كانت تؤوي نحو ألفي نازح من أصل 2.4 مليون نازح فلسطيني (وفق تقدير الأمم المتحدة).
تناثر الحطام في كل مكان؛ مصاحف متفحمة أو تالفة؛ أشلاء وجثث مغطاة بالدماء في طابق مدمّر تمامًا بعد أكثر من 10 أشهر على الصمت المخزي بشأن الإبادة الجماعية الكبرى في قطاع غزة.
في هذه الغضون، أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة عن استشهاد 100 شخص وإصابة العشرات جرّاء المجزرة، وذلك بعد يومين من استهداف مدرستين أخرييتين وذلك استهانةً بأوامر محكمة العدل والدعوات الدولية بوقف الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن جيش الاحتلال قصف النازحين بشكل مباشر في أثناء تأديتهم صلاة الفجر. وأشار المكتب الإعلامي إلى أن القصف تم بـ 3 صواريخ يزن كل واحد منها ألفي رطل من المتفجرات.
هذا، وقد أقر المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي، في بيان على منصة إكس بقصف المدرسة بتوجيه من هيئة الاستخبارات العسكرية والشاباك (جهاز الأمن العام) والقيادة الجنوبية للجيش زاعماً أن عناصر حماس استخدموا المدرسة “للاختباء وللترويج لاعتداءات إرهابية مختلفة ضد قوات جيش الدفاع وإسرائيل”.
حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وصفت المجزرة بالتصعيد الخطير ضمن “مسلسل الجرائم التي ترتكب في غزة على يد النازيين الجدد”، كما أنها تأكيداً واضحاً على مضي الحكومة الصهيونية في حرب الإبادة عبر اختلاق “الذرائع الواهية والأكاذيب المفضوحة لاستهداف المدنيين والمدارس والمستشفيات”. حماس أكدت أنّ “تصاعد الإجرام الصهيوني في قطاع غزة لم يكن ليتواصل لولا الدعم الأميركي، وهو ما يجعل واشنطن شريكة فيه”.
الأُسر الغزيّة، وبحثاً عن الأمان، لجأت منذ بداية الحرب إلى مدارس تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وغيرها من المدارس الحكومية والخاصة، جلّ هؤلاء من النساء والأطفال. لكن ذلك لم يردع العدو عن استهداف المدارس في مخيم النصيرات وفي خان يونس وغيرها.
المكتب الإعلامي الحكومي في غزّة كان قد وثق استهداف 152 مدرسة من أصل 172 مركز إيواء منذ اندلاع الحرب مما أودى بحياة أكثر من 1040 شهيداً. واقع هذه المدارس متدهور جدّاً حيث تنتشر الأمراض المعدية بسبب الاكتظاظ العالي وانهيار الخدمات الصحية.
يذكر -حتى لحظة كتابة هذا التقرير- بأنّ الاحتلال الإسرائيلي تعمد، منذ أكتوبر، وبحسب توثيق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، تدمير 449 مدرسة إلى جانب قتل 600 أكاديمي و9 آلاف طالب فضلًا عن قتل 165 صحفيّاً، 89 من طواقم الدفاع المدني، و140 من المحامين ونشطاء حقوق الإنسان، ومئات الشهداء من الفنانين والكتاب والرياضيين.
يرتكب العدو هذه المجازر في سياق الضغوط العسكرية الفاشلة بعد سقوط كل الخيارات السياسية عبر إجبار المدنيين على النزوح المتكرر وتجويعهم وتعطيشهم وهي جرائم مرفوضة بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ببالغ الأسف يمر الشعب الفلسطيني بأخطر اللحظات التاريخية، فالاستكبار الامبريالي قد بلغ أوجه عبر القتل والتشريد وهدم المنازل والمشافي والحصار الاقتصادي فيما أحكم المتصهينين العرب خطتهم الخبيثة لتصفية القضية الفلسطينية.
إنّ معركة “طوفان الأقصى” مثل بدر وفتح مكة وغيرها من المعارك التي أرخ بها المسلمون أيامهم المجيدة. غزة -برجالها ونسائها وأطفالها وشيوخها- محطة دعوية تتجلى فيها صور الرضا والصبر والثبات واليقين والصمود والتسليم لله الجبار المتعال. كما تترسخ فيها العقيدة الحقيقية. هذا ما جرّ العالم للتساؤل: ما السر وراء هذه التسليم الإيماني العجيب رغم عظم الفقد وكبر الرزء؟ هل هؤلاء الذين وصفناهم ظلماً بالإرهابيين! إن الواجب الأخلاقي والإنساني والديني يحتم أن يسارع المسلمون لوقف هذه الابادة بكل ما تيسر لهم من السبل السياسية والإعلامية والمادية والإغاثية، واللهج بالدعاء لهم بالنصر والثبات لأن التخاذل إثم جسيم. قال الرسول الأعظم (ص): “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر”.