المقاومة الفلسطينية: تكتيكات جديدة في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية

قسام

رد لاجم يوقف مذبحة غزة ويمنع مذبحة الضفة

شهدت الساحة الإسرائيلية توتراً غير مسبوق عقب انفجار شاحنة في قلب تل أبيب. هذا الحدث لم يكن مجرد عملية عسكرية عادية؛ بل شكل صدمة عميقة للأجهزة الأمنية الإسرائيلية… وأعاد إلى الذاكرة الإسرائيلية فوبيا العمليات الاستشهادية التي طالما هددت استقرار الكيان. جاء هذا الهجوم في وقت حساس للغاية، حيث أعلنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي مسؤوليتهما عنه… مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.

تشير تقارير إسرائيلية إلى احتمال أن منفذ العملية قد جاء من لبنان. وهو ما يعكس تطوراً هاماً قد يغير من قواعد اللعبة في الصراع. فإذا ثبتت صحة هذه التقارير، فإن ذلك يعني أن المقاومة الفلسطينية قد انتقلت إلى مرحلة جديدة من التخطيط المتقن لضرب إسرائيل في قلبها، واستهداف مناطقها ومؤسساتها الحساسة.

لقد لعبت العمليات الاستشهادية دوراً محورياً في هزيمة إسرائيل في لبنان وغزة، وكانت من أهم وسائل المقاومة التي أحبطت كل محاولات تصفية القضية الفلسطينية. إلا أن هذه العمليات تراجعت بشكل ملحوظ بين عامي 2003 و2005، مما أثار العديد من التساؤلات حول أسباب توقفها. هل كان ذلك نتيجة ضغوط خارجية؟ أم كان تعبيراً عن عجز المقاومة في تلك الفترة؟

لا يمكن إغفال أن إسرائيل وحلفاءها الغربيين حاولوا استثمار تلك الفجوة من خلال شن حملات مكثفة على سوريا والعراق، مستغلين الانتحاريين والمفخخات كوسيلة لزعزعة استقرار المنطقة. وبالرغم من الضغط الهائل الذي مورس على سوريا لدعم حماس والجهاد الإسلامي، لم تتراجع دمشق عن مواقفها، بل استمرت في احتضان قادة المقاومة وتقديم الدعم لهم.

في مقابلة مع الرئيس السوري بشار الأسد، سئل بشكل مباشر عن موقفه من العمليات الاستشهادية، وكان رده بسيطاً ولكنه عميق. أوضح الأسد أن الدول الغنية مثل الولايات المتحدة وإسرائيل تمتلك القدرة على تصنيع الصواريخ والطائرات. وتستخدمها لاستهداف المدنيين والبنية التحتية في الدول الأخرى…. بينما تجد المقاومة والدول الفقيرة نفسها مجبرة على استخدام الوسائل المتاحة لديها، وهي العمليات الاستشهادية التي يعتبرها الأسد وسيلة مشروعة للدفاع عن النفس.

العبوات الناسفة والعمليات الاستشهادية والاشتباك من مسافة صفر

عودة الفصائل الفلسطينية إلى استخدام العبوات الناسفة والعمليات الاستشهادية تعني تحررها من الضغوط والأوهام المرتبطة بالحروب النظامية. هذه العمليات تعبر عن إدراك المقاومة لحقيقة أن قوتها تكمن في تكتيكات حروب العصابات التي تعتمد على الجرأة والمرونة… والتي تكون غالباً أكثر فاعلية من الأسلحة التقليدية.

في ظل تصاعد الهجمات الإسرائيلية على غزة، واعتمادها على الأسلحة المتطورة التي دمرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية للمقاومة، جاءت العمليات الاستشهادية كتكتيك جديد للرد على هذا العدوان. هذه العمليات تمثل وسيلة فعالة لشل قدرة إسرائيل على الرد، خاصة في ظل استنزافها المتزايد نتيجة هذه الهجمات.

العودة إلى استخدام العبوات الناسفة والاستشهاديين… هو تكتيك يظهر أن المقاومة قد أدركت أهمية هذا النوع من العمليات في تحقيق أهدافها. فعلى الرغم من التحديات الكبيرة، إلا أن هذه العمليات تظل وسيلة ناجحة لتعطيل قدرات العدو ومفاجأته في لحظات حرجة.

يبدو أن المقاومة الفلسطينية، من خلال هذه العمليات… تحاول إيصال رسالة واضحة لإسرائيل وللعالم بأسره: أن حرب الإبادة في غزة… وكذلك أي محاولات لإجهاض المقاومة في الضفة الغربية لن تقابل بالصمت، بل بالرد القاسي والاستباقي. الضربات التي تأتي من مسافة صفر، والتي تستهدف البنية التحتية والمجتمع الإسرائيلي بشكل مباشر… قد تكون هي الرد الأمثل لوقف العدوان الإسرائيلي المتصاعد.

في النهاية، يمكن القول إن العودة إلى تكتيكات الاستشهاديين والعبوات الناسفة في قلب إسرائيل تعكس تحولاً استراتيجياً مهماً في طريقة عمل المقاومة الفلسطينية. هذه العمليات قد تكون أقل تكلفة، لكنها بلا شك تحمل معها نتائج هائلة… وقد تفتح الباب أمام هزيمة إسرائيل أو على الأقل تعطيل قدرتها على تنفيذ مخططاتها ضد الشعب الفلسطيني. إن المقاومة الفلسطينية، من خلال هذه الخطوات… تضع نفسها في موقف قوي يمكنها من مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، ومنح شعبها فرصة لتحقيق الحرية والكرامة التي يناضل من أجلها منذ عقود.

واتس اب
فیس بوک
تیلجرام
ایکس
مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخر أخبـــار
سياحة وتجوال