في ضوء مواصلة العدو الإسرائيلي خروقاته اليوميّة، التي شملت استمرار تدمير المنازل وغارات جوية وقتل واعتداءات متفرّقة اتسعت إلى شمال الليطاني، فضلًا عن جملة من المواقف المستفزة، يشكك المراقبوان بشأن أن الإنسحاب، بعد 27 كانون الثاني الجاري (بعد انتهاء مدّة الـ 60 يومًا) من الأراضي اللبنانية التي احتلها مؤخرًا.
الجيش اللبناني كان قد طلب من لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الضغط على إسرائيل للانسحاب دفعة واحدة من القطاع الغربي، مؤكدًا جهوزيته للانتشار بمعية فوج الهندسة كما فعل في الخيام وشمع، إلا أن رئيس اللجنة الخماسية، الجنرال جاسبر جيفرز، أبلغ المعنيين اللبنانيين بأن «إسرائيل يجب أن تأخذ وقتها في تنفيذ أهدافها من العملية البرية في ضبط منشآت ومستودعات المقاومة في ظل عجز الجيش اللبناني عن تنظيف الأرض».
وفي إطار تنفيذ خطة الانتشار، توجهت دورية من الجيش اللبناني باتجاه عيترون لتقييم الوضع، وذلك تمهيدًا لإعادة الانتشار في المركز الذي أخلاه قبيل التوغل البري عند حدود بليدا. وأشارت معلومات أولية عن تجهيز دوريات لإعادة التمركز في عيتا الشعب ورميش.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد نفذ غارتين شمال الليطاني مدّعيًّا بأنّه استهدف منصات لإطلاق الصواريخ. كما توغّلت قوة إسرائيليّة معادية، معزّزة بدبابات ميركافا، في بيت ليف مستهدفةً عددًا من المنازل قبل أن تنفذ مُسيّرة غارة على محيط إحدى المزارع.
كما تقدّمت دورية إسرائيليّة معادية من كفركلا إلى مدخل برج الملوك وقطعت الطريق بالأسلاك الشائكة قبل أن تعود أدراجها، وتوغّلت قوة مشاة إلى داخل بلدة دير ميماس وأخرى إلى بني حيان وحولا حيث أشعلت النيران في عدد من المنازل. كما سُجّل قصف مدفعي على أطراف حولا لناحية وادي السلوقي.
الجنرال جيفرز، تفقّد الانتشار الميداني للجيش في الخيام برفقة قائد اللواء السابع طوني فارس، مع الإشارة إلى أن أعضاء اللجنة الخماسية تخلّفوا عن مرافقة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون في جولتهما على الخيام قبل أسبوعين. كما زار ثكنة مرجعيون حيث التقى ضباط الجيش اللبناني.
ومن المنتظر، الإثنين، أن تستضيف الناقورة اجتماعًا ثالثًة للجنة الذي توقّع أن يحضره عاموس هوكشتين، المبعوث الأميركي.
نبيه بري، رئيس مجلس النواب، كان قد استقبل ليزا جونسون، السفيرة الأميركية في بيروت، والجنرال جاسبر جيفرز، رئيس اللجنة، وأبلغهما اعتراض لبنان على تكرار الخروقات الإسرائيلية. كذلك فعل نجيب ميقاتي، رئيس حكومة تصريف الأعمال، الذي استدعى أعضاء اللجنة الأميركيين والفرنسيين.
في الغضون، كشف تقرير نشره «أكسيوس» أن إدارة بايدن أرسلت إلى الكونغرس إخطارًا غير رسمي بشأن بيع «إسرائيل» أسلحة بقيمة 8 مليار دولار. وذلك، بحسب «سي أن أن»، بعد أن اتهم نتنياهو، في العام الماضي، إدارة بايدن بحجب الأسلحة عن «إسرائيل». ونقل «أكسيوس» عن مسؤول أميركي قوله إنّ بايدن أوضح أنّ لـ «إسرائيل» الحق في «ردع العدوان من إيران والمنظمات المتحالفة معها».
تراهن قيادة العدو على ما يبدو على أن حزب الله حريص على انجاح اتفاق وقف إطلاق النار وعلى تجنّب تجدّد العدوان مما يدفعه إلى تجاوز بعض الاعتداءات. كما يراهن العدو على «ضعف» حزب الله بعد سقوط النظام السوري. حيث اجتياح مناطق فضّ الاشتباك محتلًا نحو 400 كلم مربّع، فضلًا عن تدمير أغلب القدرات العسكرية والصاروخية للدولة السورية.
«تريثوا» هي النصيحة التي يكررها جيفرز على مسامع المعنيين في الجيش؛ في كل الأحوال، إن عدم الانسحاب سيُقوّض مصداقية القرارات الأممية في ردع العدو مثبتًا أن الخيار الدبلوماسي غير ناجع، كما أنّه سيضفي مشروعية إضافية على عمل المقاومة المسلحة جنوبي نهر الليطاني. كذلك سيُسقط أحد أهم الأكاذيب التي يروّج لها خصوم المقاومة في لبنان، وهو أن الدولة تستطيع التصدي للخطر الإسرائيلي من دون الحاجة إلى المقاومة.
بالتوزازي، خيار شعب وقيادة المقاومة غير القابل للنقاش هو أن لا قبول بالاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية مهما كانت الأثمان سيتم دحر الاحتلال إلى ما وراء الخط الأزرق، خصوصًا أن السكوت سيجرّئ العدو على مزيد من الاعتداءات. وسيضع العدو أمام عمليات بطولية ستفتك بقواته في ظل تطور قدرات المقاومة مقارنةً مع ما كانت عليه قبيل التحرير في 2000.