الحصار المصرفي على الفلسطينيين

مخاطر الحصار

سياسة خنق اقتصادي تحت السيطرة الإسرائيلية

الأبعاد الاقتصادية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي

الحصار المصرفي على الفلسطينيين هو جزء من استراتيجية إسرائيلية أشمل تستهدف السيطرة على الاقتصاد الفلسطيني. هذه السياسة تعمق أزمة مالية واقتصادية خانقة في الأراضي الفلسطينية، مما يحد من قدرة الفلسطينيين على الحصول على مواردهم المالية وإدارة حياتهم اليومية. ويأتي هذا الحصار في ظل غياب عملة وطنية فلسطينية، حيث يُستخدم الشيكل الإسرائيلي كوسيلة رئيسة للدفع.

التحكم الإسرائيلي في التحويلات المالية: هدف وأدوات

تتجلى سياسة الحصار المصرفي في رفض البنوك الإسرائيلية إجراء التحويلات النقدية بالشيكل مع البنوك الفلسطينية. هدف هذه السياسة هو منع البنوك الفلسطينية من تمويل التجارة ودفع أثمان السلع والخدمات، خاصة من الشركات الإسرائيلية. على الرغم من تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في يونيو الماضي بالسماح بالتعاون المصرفي، إلا أن الواقع يكشف عن استمرار الحصار المالي.

الاعتماد الكامل على الشيكل: نتيجة حتمية للاتفاقيات الاقتصادية

الاتفاقيات الاقتصادية، مثل اتفاق باريس الموقع في 1994، جعلت الاقتصاد الفلسطيني معتمداً بشكل كبير على العملة الإسرائيلية. في غياب عملة وطنية، يُعتبر الشيكل العملة الأساسية في الأراضي الفلسطينية. هذا الاعتماد يجعل الفلسطينيين رهينة للتقلبات الاقتصادية والسياسية الإسرائيلية، مما يعزز من سيطرة الاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني.

أزمة السيولة في قطاع غزة: إغلاق النظام المصرفي وتأثيراته

في قطاع غزة، أدى الحصار المصرفي إلى شلل كامل في النظام المالي. منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر 2023، واجه سكان القطاع صعوبة بالغة في سحب أموالهم. البنوك لم تتمكن من العمل بسبب القصف المستمر وانقطاع التيار الكهربائي. العديد من الفروع والمقار البنكية تعرضت للتدمير، مما زاد من حدة الأزمة المالية في غزة.

الواقع الميداني: تدمير البنى التحتية المالية والاقتصادية

تدمير البنى التحتية البنكية ليس مجرد حادث عرضي، بل هو جزء من استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى تدمير كل ما يمكن أن يدعم الحياة الاقتصادية في غزة. وفق جمعية البنوك الفلسطينية، يوجد 56 فرعًا و92 صرافًا آليًّا في غزة، ولكن معظمها دُمّر أو لم يعد يعمل. هذا التدمير جعل من الصعب على المواطنين إجراء أي معاملات مالية، مما زاد من الأعباء الاقتصادية والمعيشية عليهم.

البحث عن بدائل: الدفع الإلكتروني كحل مؤقت

في محاولة للتخفيف من الأزمة، أطلقت سلطة النقد الفلسطينية خدمة الدفع الفوري إلكترونيًّا. لكن هذه الحلول المؤقتة لم تستطع التغلب على التحديات الكبرى، مثل انقطاع الإنترنت وتدمير البنى التحتية. معظم المتاجر والمحال التجارية في غزة تعرضت للتدمير، مما جعل من الصعب على السكان استخدام خدمات الدفع الإلكتروني حتى في حالة توفرها.

التداعيات الاقتصادية والاجتماعية: شلل اقتصادي وتفاقم الفقر

منع تدفق الأموال إلى غزة أدى إلى شلل كامل في الاقتصاد، مما زاد من معاناة المواطنين. الفقر والتجويع هما النتيجة المباشرة لهذه السياسات. وفقا لتقارير دولية، يعاني قطاع غزة من نقص حاد في الغذاء والدواء، ويمنع آلاف الجرحى والمرضى من السفر لتلقي العلاج.

التدمير الواسع: آثار الحرب على البنية التحتية

الحرب الأخيرة على غزة تركت أثراً مدمراً على البنية التحتية في القطاع. الأمم المتحدة تقدّر أن ثلثي المباني في غزة تعرضت لأضرار أو دُمرت، مما يضيف عبئاً إضافياً على الاقتصاد المنهار. حجم الأنقاض في غزة يقدر بنحو 41.9 مليون طن، وهو رقم يعكس حجم الدمار الشامل الذي حلّ بالقطاع.

الخاتمة: الحصار المصرفي كأداة للسيطرة والضغط

الحصار المصرفي على الفلسطينيين ليس مجرد سياسة اقتصادية، بل هو أداة فعالة للسيطرة والضغط السياسي. إسرائيل تستخدم هذه الأدوات لإضعاف الاقتصاد الفلسطيني وإبقائه تحت سيطرتها. وفي ظل استمرار هذا الحصار، يبقى الفلسطينيون يعانون من أزمات مالية واقتصادية متفاقمة، تزيد من حدة الفقر والتجويع وتجعل من فرص السلام والاستقرار في المنطقة بعيدة المنال.

استنتاج نهائي:

لرفع هذا الحصار وتحقيق أي شكل من أشكال العدالة الاقتصادية للفلسطينيين، يتطلب الأمر ضغطاً دولياً أكبر وإعادة النظر في الاتفاقيات الاقتصادية القائمة التي تعزز السيطرة الإسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني.

واتس اب
فیس بوک
تیلجرام
ایکس
مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخر أخبـــار
سياحة وتجوال