بعد مضي ثلاثة شهور من الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني، كشفت “هيئة شؤون الأسرى والمحررين”، في بيان مشترك مع “نادي الأسير الفلسطيني”، بأن “قوات الاحتلال الإسرائيليّ اعتقلت منذ السابع من أكتوبر أكثر من (5835) فلسطيني “وهذه الحصيلة تشمل من جرى اعتقالهم من المنازل، وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، وممن احتجزوا كرهائن”.
البيان المشترك أكد بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي “تواصل تنفيذ حملات الاعتقال الممنهجة، كإحدى أبرز السياسات الثابتة، والتي تصاعدت بشكل غير مسبوق بعد السابع من أكتوبر، ليس فقط من حيث مستوى أعداد المعتقلين، وإنما من حيث مستوى الجرائم التي ارتكبتها، إلى جانب الاقتحامات لمنازل أهالي المعتقلين، والتي يرافقها عمليات تخريب وتدمير واسعة”.
وأشار البيان إلى أنّ المعطيات المتعلقة بحالات الاعتقال، تشمل من أبقى الاحتلال على اعتقالهم، ومن تم الإفراج عنهم لاحقًا.
قمع الأسرى الفلسطينيين وصل إلى حد تقييدهم وتعصيب عيونهم وضربهم بوحشية عنيفة وفي أماكن حساسة بأجسادهم، ناهيك عن تعريتهم وسحلهم -فرادى وجماعات- على وقع أغانٍ صاخبة، وشتمهم بألفاظ نابية وحاطة للكرامة الإنسانية خلال عمليات اقتحام الأقسام والزنازين، التي لا تتوقف على مدار الساعة.
كما أن قوات الاحتلال تواصل تنفيذ عمليات تنكيلٍ واسعة، واعتداءاتٍ بالضرب المبرّح، وتهديداتٍ بحقّ عوائل المعتقلين، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح، وصولًا إلى إطلاق النار المباشر عليهم واحتجازهم كرهائن. كما تنفذ سلسلة من عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين، ومصادرة الأموال، والمركبات وسط الضفة الغربية، تزامنًا مع مواصلة الاحتلال عدوانه على قطاع غزّة، والذي دخل شهره الثالث على التوالي.
هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية، ومؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، انتقدوا صمت المؤسسات الحقوقية الدولية حيال الانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين والمعتقلين وما يتعرض له الفلسطينيون من تنكيل خلال حملات الاعتقال الإسرائيلية، ورأت بأن هذا الصمت يشجع الاحتلال على الاستمرار في انتهاكاته.
الاتفاقيات الدولية حددت الإلتزامات قانونية على الإحتلال اتجاه المعتقلين والأسرى الفلسطينيين، ولكنه لم يلتزم بها. ومن هذه الانتهاكات -على سبيل المثال لا الحصر- بحسب الدائرة القانونية بوزارة شؤون الأسرى والمحررين، أولًا، ممارسة سياسة التعذيب بشكل ممنهج وتحت غطاء قضائي من أعلى سلطة قضائية المتمثلة بمحكمة العدل العليا في مدينة القدس، وذلك لانتزاع الاعترافات منهم.
ثانيًا، اتباع سياسة العزل بحق الأسرى، كذلك مداهمة واقتحام غرفهم بشكل استفزازي والاعتداء عليهم بالضرب، واطلاق الغازات السامة داخل غرفهم من قبل ما تسمى “وحدة متسادا و نحشون” المخصصة لقمع الأسرى. كذلك ممارسة سياسة التفتيش العاري بحقهم ومنعهم من الزيارة، وحرمانهم من اكمال تعليمهم الجامعي والثانوي، ناهيك عن حرمانهم من التشمس في الهواء وإقامة الشعائر الدينية، وتعريضهم لسوء التغذية، فضلًا عن حرمانهم من التواصل مع العالم الخارجي، كمشاهدة التلفاز أو سماع الراديو أو مطالعة الصحف أو حتى إرسال و استقبال الرسائل.
سلطات الاحتلال تفرض على الأسرى الفلسطينيين كذلك الغرامات العالية، وتصادر المخصصات المالية. ولا تسمح بإسدخال الملابس الصيفية والشتوية، فيما تمنعهم من تلقي العلاج أو إجراء فحوصات طبية سنوية، ولا تفرج عنهم بعد انتهاء محكوميتهم، بل تقوم بتحويلهم إلى الاعتقال الإداري أو إبعادهم إلى خارج فلسطين. في غضون ذلك، تقوم بسحب مقتنيات الأسرى الفلسطينيين وأغراضهم الشخصية ومصادرتها، كما تقوم بسرقة أعضاء الأسرى الشهداء ودفنهم في مقابر أرقام وليس وفق دياناتهم وتقاليدهم وفق ما نصت عليه اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
الأسرى الفلسطينيون يعيشون أوضاعًا استثنائية تؤدي لإضعاف أجساد الكثيرين منهم، ما يعد مخالفة للعديد من المعاهدات والمواثيق الدولية، ومنهم:
• المماطلة بتقديم العلاج؛
• عدم وجود أطباء اختصاصيين داخل السجن، كأطباء العيون والأسنان والأنف والأذن والحنجرة؛
• عدم وجود معالجين نفسيين، حيث يوجد العديد من الحالات النفسية المضطربة؛
• عدم توفير الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، كالأطراف الصناعية لفاقدي الأطراف، والنظارات الطبية، وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات، لمرضى الربو والتهابات القصبة الهوائية المزمنة؛
• عدم تقديم وجبات غذائية صحية مناسبة للأسرى تتماشى مع الأمراض المزمنة التي يعانون منها كمرض السكري، والضغط، والقلب، والكلى؛
• عدم وجود غرف، أو عنابر عزل للمرضى المصابين بأمراض معدية؛
• نقل المرضى المعتقلين لتلقي العلاج في المستشفيات، وهم مكبلو الأيدي والأرجل، في سيارات شحن عديمة التهوية، بدلاً من نقلهم في سيارات إسعاف مجهزة ومريحة؛
• قلة التهوية والرطوبة الشديدة والاكتظاظ الهائل؛
• تعاني الأسيرات من عدم وجود أخصائية أمراض نسائية خاصة، وتجبر الأسيرات الحوامل على الولادة، وهن مقيدات الأيدي دون مراعاة لآلام المخاض والولادة.