وسط أجواء عائلية ممتعة تعكف الحاجة أم أحمد قديح برفقة جاراتها وقريباتها على تجهيز كميات كبيرة من خبز “الصاج”، لتناوله خلال أيام عيد الأضحى مع لحم ومرق الأضاحي.
وعلى صفيح حديدي ساخن مثبت على عدد من الأحجار الصغيرة القريبة من الأرض، تضع الحاجة قديح لعدة ثوانٍ فقط، رغيف الخبز الذي يسمى بـ“الصاج” ليخرج مثل فلقة القمر، كما تصف الحاجة.
وتصنع العشرات من العائلات القاطنة في الريف والمناطق الحدودية الشرقية لقطاع غزة الخبز في المنزل، لوجود مساحات تتسع لذلك؛ في حين تتجه أسر أخرى لشرائه جاهزًا من المخابز.
ويدخل خبز الصاج التراثي في عدّة أنواع من الأطعمة، مثل “الفتّة” الفلسطينية، التي يشتهر الفلسطينيون بطهيها يوم الجمعة، إضافة إلى استخدامه في أحد أنواع الشاورما، وصناعة شطائر “المسخن” الفلسطيني.
وتروي الحاجة قديح حكايتها مع خبز الصاج البلدي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” فتقول: “خبز الصاج رغم قدمه في التراث الفلسطيني، إلا أننا ما زالنا نستخدمه في طعامنا وخاصة خلال أيام عيد الأضحى”.
ويعدّ خبز “الصاج”، أو “الرقاق”، أو “الشراك”، جزءًا من التراث الفلسطيني، وما زال يعدّ ويُخبز بالطريقة القديمة ذاتها، التي كانت تستخدمها النسوة الفلسطينيات قبل عشرات السنين، وفق أم أحمد.
وعلى نار الحطب تجلس عدد من النسوة لتجهيز الخبز؛ فواحدة تقوم بعملية التقطيع، وأخرى تقوم بما يعرف بعملية الرق، وأخرى تقلّب الخبز على الصفيح ليصبح جاهزاً للأكل.
وتشير الحاجة أم أحمد أن خبز الصاج يتكون من الدقيق بنوعيه الأبيض أو القمحي، والقليل من الملح والسكر والماء الدافئ، ثم يقطع إلى كرات صغيرة، يُرش فوقها قليل من الدقيق، منعًا لالتصاقها وتسهيلا لرّقها، وهو دائري الشكل، ويبدو شفافًا عند خبزه.
ويصنع خبز الصاج -حسب أم أحمد- من الدقيق، بإضافة الملح والماء الفاتر للدقيق، ثم يتم عجنه حتى يصبح لينا ولزجا بما يكفي لتقطيعه لكرات بحجم كفة اليد، ويرش عليها بعض الدقيق الجاف لمنعه من الالتصاق باليدين، ثم تستمر بفرده كالورقة، ثم بتقليب العجينة بيديها حتى يأخذ شكلاً كبيرًا، فتضعه على الصفيح.
وبالرغم من وجود أصناف أخرى من الخبز قد تكون أسهل في التجهيز؛ إلا أن الفلسطينيين لا يزالون يواظبون على صنعه بالطرق التقليدية، فهو بالنسبة لهم يحمل رائحة البلاد والأجداد.
ويعد خبز الصاج والطابون تراثًا فلسطينيًّا ما زال حيًّا يتداوله الناس في طعامهم، خصوصًا تلك الأكلات الفلسطينية كـ”المسخن الفلسطيني” و”الفتة” وعدد من الأكلات المختلفة.