“المراسلون” في مقابلة حصريّة مع السّياسيّ اليمنيّ د. يوسف الحاضري: دعم الفدائيين الفلسطينيين في أولى أولويّات أحرار الأمّة
لا تخلو اقتراف جريمة جنين من دواعٍ داخلية لدى حكومة نتنياهو بهدف الهروب إلى الأمام، نتيجة تصاعد حدّة المعارضة والتلويح باللجوء إلى العصيان المدنيّ في حال لم تتراجع عمّا يسمونها بالإصلاحات في المنظومة القضائية الصهيونيّة. لكن التجارب أثبتت أن كلّ الجرائم الصهيونيّة لن تمنح الأمن لهذا الكيان المصطنع بل ستواجه بردّة فعل مقاوم فلسطينيّ مشروع. المهمة هذه المرّة صعبة على الاحتلال. فما جرى ويجري في جنين استثنائي في العمل المقاوم حيث تحوّل العمل المقاوم من حركة مرتبطة بفعل منظم -في إطار تنظيمي محدد- إلى مبدأ وطنيّ عامّ، فمنفذي العمليات الفدائيّة منتمين إلى شرائح مجتمعيّة واقتصاديّة وثقافيّة مختلفة ومتعددة. المقاومة باتت ثقافة سائدة لم تنجح كل محاولات كيّ الوعي الصهيوني نزعها من العقل الفلسطينيّ الشّاب والمتوقد. بالطبع ما جرى ويجري في جنين والسلوك الصهيوني العدواني في ظلّ المباركة وتواطئ الانظمة العربية المشين سيشكل فصلًا جديدًا واعدًا من فصول المقاومة المشروعة، دفاعًا عن الأرض والعرض. وما ثبات الشّعب الفلسطينيّ -خاصةً أهلنا في الضفة الغربيّة- إلّا شاهد على فشل مشاريع التطبيع وأهدافه وفي مقدّمتها كسر شوكة المقاومة. اليوم هذا الثبات وجّه رسالة قوية إلى حكومة نتنياهو بأن لغة الإرهاب لن تجرهم للاستسلام بل لمواجهة واستئصال المشروع الصهيوني الوقح من النيل إلى الفرات.. هذه المجزرة ببشاعتها لن تفلح في غرس الإحباط واليأس لدى الشعوب العربية بل الأمل والعزيمة طالما ظلت المقاومة حيّة مدعومة بإرادة الله وبدعم ناصرة المستضعفين الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة.
للغوص أكثر في أخر التطورات، حاورت “وكالة المراسلون الإخباريّة” السّياسيّ اليمنيّ د. يوسف الحاضري الذي لفت إلى أن ما يحدث في فلسطين هو “صراع أو استمرار للصراع ما بين الحق والباطل، ما بين أصحاب الأرض وما بين مغتصبيها، ما بين جبهة المقاومة وما بين جبهة المطبّعين والمحتلين لأرضنا لأنها هي أرض الميعاد وهي أرض التمييز ما بين الحق والباطل، كما قال الله (سبحانه وتعالى): ﴿وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِی كُنتَ عَلَیۡهَاۤ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن یَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن یَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَیۡه﴾ [البقرة – 134] وهذه من أهم وأساسيات أن الله (سبحانه وتعالى) جعل أول القبلتين تلك المنطقة، وهي استمرار للاختبار سواءً في ذلك العصر وفي عصرنا”.
وأردف د. يوسف الحاضري بأن “هناك فئتان فئة تتبع الرسول في السعي مع الحق والإنطلاق في الحقّ، وفئة تتنقلب على عقبيه في التطبيع والرضوخ للباطل وأهل الباطل، كما هو معروف. ولكن في هذه الفترة تطوّر بشكل أكبر، خاصةً في جانب المقاومة الفلسطينية، التي بدأت تستخدم السلاح بدلًا من الحجر، لأن الحجر لا يسمن ولا يغني من جوع في ظلّ وجود السلاح، وفي ظلّ إمكانيّة الحصول على السلاح لأن موضوع ما يسمى “أطفال الحجارة” و”انتفاضة الحجارة” كلّها مجرّد أطروحات لتغييب أولئك الذين يجاهدون عن أرضهم عن الحق في استخدام الحجارة، التي لم تُفلح -خلال سبعين عامًا- بعد أن سحبت الأمم المتحدة السلاح منهم وجعلتهم معزولي السلاح”.
وأكد الحاضري أنّه “عندما يحمل الفلسطيني السلاح ستتحرر الأرض لأن الصهاينة هم أكثر الناس رعبًا وخوفًا وحبًّا للحياة، ونقرأ المشهد أنه في صالح الحقّ وصالح المقاومة -بجميع الجوانب- مهما كانت التضحيات والخسائر، مهما كانت النتائج الأوّليّة الحاكمة، كما وعد الله (سبحانه وتعالى) لطالما كانت للمتقين وستبقى للمتقين”.
وفي تعليقه على زيارة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إلى المنطقة، اعتبر الحاضريّ أن “هؤلاء هم لا يتحرّكون إلّا عندما يرون أن الوضع ليس لصالحهم، كما نرى عندما تحصل مواجهات ما بين المقاومة في غزّة وما بين الكيان الصهيونيّ، إذً جاء التحرّك على مستوى كبير جدًّا ممثّلًا بقائدهم قائد الشرق الأمريكي لأن النتائج كانت كبيرة، سلاح يوجد في يد الفلسطيني داخل الأراضي المحتلّة”.
الحاضريّ وصف الشهيد البطل خيري علقم بـ “رجل مجاهد صاحب حق يقدّم روحه ونفسه وأهل بيته وبيته فداءً للقضية الحقّ؛ قام بقنص من قنص وقتل من قتل وجرح من جرح وهو واثق بالله” معتبرًا بأن ما قام به “يجب أن نتعلّم منه دروس كثيرة وعديدة، فالموضوع ليس فقط مجرّد إطلاق نار وإنّما بقلبٍ ثابت عظيم قوي، لذلك جاءت زيارة بلنكين”.
في السّياق عينه، علّق الحاضريّ على موقف الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس قائلًا: “عندما يتظاهر بأن لديه مواقف وطنية فمواقفهم دائمًا مواقف مخزية مزريّة عار، فلو كان لديه موقف رجولي لسلّح جميع أبناء شعبه بما يتواجد لديه من سلاح ويكون أول المتحرّكين ضدّ العدو. فقط حدّد بالاتفاقيّة الأمنيّة مع الصهاينة” متسائلًا: “لماذا لديه اتفاقية أمنية وضدّ من؟ من الأساس عندما نتكلّم عن الاتفاقية الأمنيّة ضدّ من؟ أكيد ضدّ أبناء بلده وليس ضدّ الصهاينة”.
الحاضري تمنى أن تكون هناك انتفاضة ثالثة في فلسطين “ولكن هذه المرّة بعيدًا كلّ البعد عن السلاح التقليدي أيّ الحجر، وإنّما بالسلاح الحقيقي بالسلاح الناريّ بما يمكن الفلسطينين من استخدامه لاستهداف منشآت المشتقّات النفطية لإحراق بيوت الصهاينة كما تُحرق بيوتهم، لتدمير بيوت الصهاينة كما تدمّر بيوت الفلسطينيين” داعيًّا إلى أن “تكون المعاملة بالمثل، وهنا ستنقلب جميع الموازين، ستنقلب جميع الموازين، وثقوا في ذلك، والله يقول: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ [الأنفال – 60]
وعن مزاعم السّلام التي يرفعها المطبعون، أشار الحاضريّ إلى أن “حركة طفل واحد في فلسطين تكذّب تلك الهامات الكرتونيّة -التي تقود الأمّة العربيّة للأسف الشديد- سواءً في المملكة السعودية أو في الإمارات أو في البحرين أو في السودان أو في مصر أو في الأردن، أو بقيّة الدول التي للأسف الشديد هي دول مطبّعة”.
ووصف الدول المطبعة بأنها “خانعة خاضعة تمتلك قوة، تمتلك الأرض، تمتلك الرجال، تمتلك الجيش، لكن لا تمتلك الرجولة، ولا تمتلك العزّة، ولا تمتلك الدين، ولا تمتلك القضيّة الحقيقية، ولا تمتلك الحريّة والكرامة، التي يمتكلها ذلك الفلسطيني العظيم المجاهد الرائع الشهيد المتحرّك، أيضًا تمتلكه أمّه وأبوه وإخوانه، الذين صبروا ويصبرون على نتائج ما يقوم به أبناؤهم من جهاد كما نعرف جميعًا من إخراجهم من بيوتهم ومن تدمير منازلهم وغيرها من تلك الممارسات العدوانيّة”. وأ{دف: “أصبح المطبّعون –الآن- وجوههم مسودّة في الدنيا قبل الآخرة، في خزي وفي عار -لا عار وخزي بعده أبدًا- سيتحدّث عنه الأجيال جيلًا بعد جيل، وحتى نصل إلى أن يتحدّث عنهم الله يوم القيامة ويكبّهم جميعًا في نار جهنّم، فطوبى لهؤلاء الفلسطينيين ولا عزاء للمطبّعين.
وعن تَوحّد جبهات المقاومة وانعكاسه على ما يجري في الضفة، علّق الحاضريّ: “جبهات المقاومة اليوم نجدهم جميعًا كلمةً واحدة، من إيران إلى اليمن إلى لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى كلّ منطقةٍ يتواجد فيها إنسان حرّ ومقاوم؛ تُبارك للعمليات الفلسطينية الفدائية”.
الحاضري وصف التنديد المخزيّ للمطبّعون بـ “الكارثة التي ينطبق فيهم قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ٱلْمُنَٰفِقُونَ وَٱلْمُنَٰفِقَٰتُ بَعْضُهُم مِّنۢ بَعْضٍۢ ۚ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ﴾ [التوبة – 67]؛ لذلك تجدهم كيف يتصدّون له وينهون عنه. أمّا قوى محور المقاومة، نجدهم كلّهم كلمةً واحدة في المباركة، في التأييد، في الدعوة للدعم، في الدعم، في كلّ ما يمكن لهم أن يقوموا به في هذه البلدان، كلمة واحدة لا يمكن لهم، ولا يمكن لعدوّهم أي يخلخل هذه الصفوف، على الإطلاق”.
ودعا الحاضريّ إلى وجوب تحمّل المسؤولية بالاستمرار في دعم الفدائيين بما يمكن لهم، كأن يدعمونهم بالسلاح، وبأساليب تطوير السلاح وإنتاج السلاح، وكل أنواع التدريب. وأقسم الحاضري: “والله إن الريال الواحد يذهب إليهم أشرف وأبرك وأرفع من أن يذهب إلى أي مصرف آخر من مصارف الخير في بلداننا مهما كانت حاجتنا، لأن الحاجة التي نعيشها اليوم في بلادنا سواءً في اليمن أو في لبنان أو في أي دولةٍ، من مآسي جوع واقتصاد نتيجة تواجد هذه الغدّة السرطانية في المنطقة، كلها ستمضي. لو أزيل الاحتلال، ستُزال كلّ مآسينا، لذلك فإن دعم هؤلاء الفدائيين في أولى الأولويّات لكلّ أحرار الأمّة”.