خاص “المراسلون”
في أعقاب الاعلان عن التطبيع “الإبراهيميّ” المزعوم مع كيان الاحتلال المؤقت، شرّعت الأنظمة المُطبعة -بكل ما أوتيت من مالٍ وقوّة- للترويج لذلك -خاصةً بين الشّباب- في خطوة يجزم المراقبون أنها تهدف إلى حرف الهويّة الإبستمولوجيّة والنظرة المألوفة عن العدو من كيان محتل إلى كيان “صديق”، وإلى صوغ عقول انبطاحية لا تحمل قِيَم الممانعة والمقاومة. ولأن المناهج التعليميّة تعدّ الوسيّلة الأساس لصقل الوعيّ الجَمْعي وإعداد جيل منتمٍ وملتزم بقِيّم الأمّة، تتجه الأنظار نحو آلية التعامل مع التحريف المحتوم للمنهاج التعليميّة المتعلّقة بتاريخ العدو واغتصاب فلسطين والأقصى الشريف.
فخطوات التطبيع وسائلٌ لفَرْمَلة نهضة مَن يقود الرفض بعمله، ومَن يقود الرفض بلسانه، ومَن يقود الرفض بقلمه إذ أن أسهل الاحتلالات احتلال العقول وتطبيعها على السّلام مع أعداء السّلام. سؤالٌ يطرح: هل غيّر الصهاينة مناهجهم المعاديّة التي تتهكّم بنا وتغرس في عقولَ صغار المستوطنين وشبانهم بأن حدودهم المصّطنعة هي “من النيل إلى الفرات”؟ ألا ننشئ -بالتطبيع- شبابًا يعانون انفصامًا في الذّهنيّة بين ما يتعلّمون وبين ما يشاهدون ويعايشون حين يُذْبَح الفلسطينيّ ويُدمَّر البيت الفلسطينيّ ويُحْرَق الزيتون الفلسطينيّ؟
المطلوب، إذًا، أن يطمئّن الاحتلال إلى أنّ عملية مَسْخ تاريخ المقاومة في أوساط الشّباب العربيّ تمضي على قَدَمٍ وساق، دون أن يَعتبر هؤلاء من تجارب السابقين. فقد أبرمت “كامب ديفيد” وبعدها “وادي عربة” بيّد أن المجتمعين المصريّ والأردنيّ لم يقرّا بأنّ فلسطين للاحتلال الصهيونيّ، ولو كان التطبيع أو “السلام” المزعوم مجديًّا لرأينهما وشبابهما في مقام ما شاء الله.
واجبنا -حاليًّا- أن نُعرِّف الشّباب بالخطر الذي يداهمنا في ظلّ الزحف المعيب باتجاه العدو ممَن يخشون على عروشهم وممَن خانوا الأمّة والمقدّسات وذاكِرة الأجداد ودماء الشّهداء، وهو ما لا يضمن للاحتلال التمدد والنَفَس العميق. الطلوب هو التصديّ للتطبيع والمحاولات الناعمة لطمسّ هويّتنا عبر الحضور الواعيّ والفاعل على وسائل التواصل الاجتماعيّ -التي أصبحت ملاذ الكثير من الشّباب- وهذا ما علّمنا إياه ديننا وتاريخنا ألا وهو تجنب كل ما فيه محوٌ لهويّتنا. مسؤوليتنا اليوم -كشباب فاعل- العمل على مقاومة التطبيع ومناصرة القضيّة الفلسطينيّة في مختلف المجالات.