كيف سيتعاطى حزب الله في حال عدم قدرة الجيش اللبناني على حماية الحدود مع سوريا؟

كيف سيتعاطى حزب الله في حال عدم قدرة الجيش اللبناني على حماية الحدود مع سوريا؟

في خضمّ انهيار المدن الكبرى في سوريا، يسود القلق بشأن ارتدادات التطورات على لبنان ومسار وقف النار مع العدو الإسرئيلي إذ أتَت هذه الأحداث بالتزامن مع استعداد الجيش اللبناني الدخول إلى جنوب الليطاني. بما يخصّ قضية النزوح السوري، ثمة تخوف من تكرار السيناريو الذي شهده لبنان بعد 2011.

علماً أن الاتفاق حول تطبيق القرار 1701 يشمل الحدود اللبنانية – السورية، الذي لا يتعلق بنقل السلاح فقط بل بعمليات تهريب الأشخاص. لذا يبدو لبنان، بمختلف مستوياته، متهيّبًا للحظة، فهو غير قادر على تحييد نفسه خاصةً قبيل كباش سياسي يسبق إنجاز الاستحقاق الرئاسي في جلسة 9 ديسمبر الجاري. رغمَ أن أعداء المقاومة في لبنان يعتبرون أن ما يحصل في سوريا فرصة لضغط دولي – إقليمي يخنق حزب الله، يعلم هؤلاء علم اليقين أنهم لن يكونوا بمنأى على خطر الجماعات الإرهابية في حال تقدّمت باتّجاه الساحل السوري لتُسيطر على مناطق متاخمة للحدود اللبنانيّة.

إزاء هذه التطوّرات، عزز الجيش اللبناني إجراءاته الاحترازية على طول المعابر غير الشرعيّة عند السلسلة الشرقيّة. كما رفع عديد وعتاد الأفواج البريّة المنتشرة على طول الحدود مع سوريا خاصةً في الهرمل وعكّار. كما شدد الجيش اللبناني إجراءاته الأمنية في المراكز الحدودية، وتمّ تكثيف الدوريات التي يقوم بها فوج الحدود البري الأول على طول المنطقة الحدودية.

بعد سقوط حماة ثم حلب، تتركّز الأنظار على حمص؛ سقوط حمص يعني قطع طريق تموين الأسلحة الآتي من العراق إلى سوريا ومنها إلى لبنان. يذكر بأن أشد المناطق خطورة لناحية تسرّب المسلّحين القلمون والنبك إذ سبق للجماعات الإرهابية أن تسللوا منها بعد 2011. حتى اللحظة، يُستبعد تسلل هؤلاء إلى الدّاخل اللبناني حيث يحتاج ذلك إلى تفاهمات إقليمية وغربية إذ سيترتب على انخراط حزب الله في التصدي لها. كذلك، يستدعي الأمر نقل الجيش اللبناني نحو 10 آلاف جندي من الجنوب لحماية الحدود مع سوريا.

حتى حظة كتابة التقرير، لم ترصد أي حركة للإرهابيين باتجاه لبنان. منذ معركة فجر الجرود، تركز الجيش اللبناني في عرسال، التي شهدت معارك ضارية مع التنظيمات الإرهابيّة. يشار إلى وجود أكثر من 90 ألف نازح سوري في مخيّمات عرسال (ارتفع الرقم نتيجة العدوان الإسرائيليّ خلال الشهرين الماضيين).

ثمة اجماع لدى نواب المنطقة على التصدي للمشروع التقسيمي الهادف إلى تغيير وجه المنطقة، لذلك يصرون على التنسيق بين كل الأطراف وعدم استغلال ورقة النازحين كما حدث في العقد الماضي ولإحباط كل محاولة لفتح الحدود وإدخال الإرهابيين كما في فترة 2011-2017.

جعجع يبدو مسارعًا لاستكمال العدوان

دأبت القوى اللبنانية خلال الحروب الإسرائيلية على الترويج بهزيمة المقاومة والمطالبة بنزع سلاحها تزامنًا مع تبرير المجازر والاعتداءات. وهذا ما فضحته وثائق ويكيليكس عما جرى خلال حرب تموز 2006. فقد سارع قائد الحرب الأهلية بشع الصيت، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في عقد اجتماع استثنائي بحضور تكتله النيابي وهيئته التنفيذية ليسرد أمامهم المؤامرة القادمة التي فشل العدوّ للتو في تحقيقه ميدانياً.

جعجع طالب بوضع خطة لتفكيك بنية المقاومة العسكرية شمال الليطاني واستغلال اللحظة للقضاء على وجود حزب الله، عسكرياً وسياسياً وشعبياً. وقد نصح حزب الله بإعادة سلاحه الى إيران، دون أدنى إدانة للخروقات الإسرائيلية للـ “الهدنة” مدعيًّا بأن حزب الله هو من ارتكب «جريمة كبيرة بحق اللبنانيين».

تجاهل عمدًا جعجع كل البيانات الوزارية التي شرّعت عمل المقاومة، زاعمًا أن سلاح المقاومة ليس “شرعياً” من الأساس، وطالب بتسليمه الى الجيش اللبناني مهددًا: «حذارى لأحد التفكير إنه ممكن العودة لمرحلة ما قبل 7 تشرين الأول 2023. مستحيل أن نعود إلى ما كنّا عليه سابقاً. أخبرونا إذا كنتم لا تريدون دولة لنعرف كيف علينا التصرف. خيارنا واضح وهو حصر السلاح في يد الجيش وقوى الأمن والجمارك وشرطة البلدية. إذا شاء حزب الله فليعمل أفراده كشرطي بلدية».

لم يعتبر قائد القوات اللبنانية -الطامح لموقع رئاسة الجمهورية- أيّ عبرة من مغبّة اللعب بالسلم الأهلي والتحريض الطائفي حيث شاء خوض معركة نزع سلاح المقاومة التي فشل العدوان الإسرائيلي المتكرر بالقيام به.

الجدير تذكير القراء أنه قبل ١٢ عامًا، إبان الحرب عل سوريا، قامت القوات اللبنانية بزيارة “تضامنية” الى غزة. بدلاً من التوجه الى غزة، النائب أنطوان زهرا الذي تقدم الوفد كان بإمكانه زيارة المخيمات الفلسطينية في لبنان التي تواجه أوضاعاً إنسانية أسوأ من التي يعيشها أبناء غزة، فلا يمكن أن يكونوا مع الفلسطينيين في فلسطين وضدهم في لبنان عبر تعطيل إقرار حقوقهم الاجتماعية والمدنية. لكن الهدف من الزيارة كان تضليل الفلسطينيين وجرهم إلى مستنقع الفتنة.

في الغضون، تواصل فصائل المقاومة تصعيدها ضد القواعد الأميركية المنتشرة في سوريا ما يظهر فشل إستراتيجية «الردع» التي اتبعتها واشنطن أخيراً، عبر تكثيف اعتداءاتها على مواقع ضمن مناطق سيطرة الجيش السوري في أرياف دير الزور. نجاح المقاومة في تحدّي التصعيد العسكري الأميركي جاء في سياق اصرار المقاومة على خروج الأميركيين من المنطقة.

بالتوازي، واصلت واشنطن استقدام الأرتال العسكرية البرية وتنفيذ تدريبات مشتركة مع فصيل «جيش سوريا الحرة» في قاعدة «التنف» ورفدها بأنظمة مدفعية وصاروخية متنوعة بهدف رفع قدراتها على شن هجمات برية على مواقع المقاومة. القيادة المركزية الأميركية أعلنت  ضرب هدفاً لمجموعة “مدعومة من إيران” في سوريا، وجدد قائد «سنتكوم»، مايكل كوريلا، التأكيد أن القوت الأمريكية “ملتزمة: باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أفرادها.

واتس اب
فیس بوک
تیلجرام
ایکس
مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخر أخبـــار
سياحة وتجوال