إذا ما أردنا أن نتحدث عن الوضع في غزة، سنجد أننا نتحدث عن واحدة من أكثر المناطق تعقيدًا وصعوبة في العالم، فغزة والتي تقع على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، تشكل جزءًا لا يتجزأ من النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي الذي يمتد لعقود…. ومع ذلك، فإن الوضع الحالي في غزة قد وصل إلى مستويات لا يمكن تصورها من الألم والمعاناة، حيث أصبح فوق التحمل.
إن سكان غزة يعيشون في ظروف صعبة وكارثية للغاية، حيث تتعرض المنطقة باستمرار لحصار صهيوني صارم منذ عقود، مما يؤدي إلى نقص حاد في السلع الأساسية والخدمات مثل المياه والكهرباء والرعاية الصحية، كما يتعرض السكان للتهديد المستمر من العمليات العسكرية والقصف الإسرائيلي، مما يؤدي إلى سقوط ضحايا بين الأبرياء بما في ذلك الأطفال والنساء.
ومنذ الانقسام الفلسطيني الداخلي في عام 2007 بين حركتي فتح وحماس، تفاقمت الأوضاع في غزة بشكل كبير، فالحكم المقسم بين حكومة السلطة الوطنية في الضفة الغربية وحكومة حماس في غزة أدى إلى تدهور الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
كما أن الوضع الاقتصادي في غزة يعد واحدًا من أسوأ الوضعيات في العالم، حيث يعيش معظم السكان تحت خط الفقر، ويعانون من نسب عالية جدًا من البطالة ونقص في فرص العمل المناسبة، كما أن الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية يعتبر تحديًا كبيرًا بسبب قلة الموارد والخدمات.
ولا يمكن التغاضي عن الأزمة الإنسانية الخانقة في غزة، حيث يعيش السكان تحت وطأة الحصار والفقر والقمع والاضطهاد، دون أدنى فرصة لحياة كريمة…. كل هذا والعالم صامت لا يُحرك ساكناً رغم كل المطالبات بالتدخل الإيجابي لوقف تلك المعاناة.
وكل ما سبق وغيره أدى وبشكل طبيعي إلى انتفاضة المظلومين والمضطهدين والجِياع، حيث جاء يوم السابع من تشرين الأول ليرسم نقطة تحول تاريخية ويبني مستقبلاً مزهراً بالأمل لكل مظلوم وحر في العالم عامة وفي فلسطين خاصة.
لقد سُمعت صفارات الإنذار وهي تدوي في عشرات المستوطنات الإسرائيليَّة، حيث أطلقت فصائل المقاومة في غزة عشرات الصواريخ نحو الكيان الصهيوني، كما تمكّن مقاومين فلسطينيين من اجتيازِ الحدود حول غلاف غزة، واصلين لمدينة سديروت التي سُمع فيها أصواتُ اشتباكاتٍ بالرصاص وتبادل إطلاق النار، ولقد تطوّر الأمر أكثر فأكثر حيث تمكّنت جيبات المقاومة الفلسطينية من اقتحامِ إحدى المستوطنات الإسرائيلية القريبة من القطاع.
وكنا نأمل بذلك أن يكون جذوة لانتفاضة العرب أجمع، لكن لا حياة لمن تنادي، فقد رسم أغلب الدول العربية رايةً للخنوع والمهانة، وتخلوا عن ما تبقى من إسلامهم الأعرابي، وتحول صمت العالم إلى صوت يدوي دفاعاً عن الكيان الصهيوني الغاصب، في الوقت الذي يعاني فيه سكان غزة أبشع وأقسى أنواع المعاناة والألم والمجاعة ولا سيما ونحن في شهر رمضان المبارك حيث حذر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) العالم بالأمس من ارتفاع خطر المجاعة في قطاع غزة، والذي يتزايد كل يوم في حال استمر الوضع على ما هو عليه، وعلى وجه التحديد، فلقد ذكر تقرير اللجنة أن أسرة واحدة على الأقل من كل 4 أسر في قطاع غزة، أي أكثر من نصف مليون شخص، تواجه مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وهو أعلى مستوى من الإنذار.
ولكل ما سبق ولكل ما يمكن أن يكون في قادم الأيام فالأوضاع مظلمة والهوية العربية مفقودة يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة لتخفيف معاناة سكان غزة وإيجاد حلول سياسية دائمة لهذه الأزمة المستمرة، ويجب أن يتمتع السكان بحقوقهم الأساسية وأن يعيشوا في سلام وأمان كباقي سكان العالم.